المسرحية الإيرانية الفاشلة بشأن قيام «داعش» وللمرة الأولى بتنفيذ هجوم إرهابي داخل القلب الإيراني «طهران»، بدأت تتضح ملامح الكذب والفبركة فيها بشكل أكبر.

رغم أن العملية برمتها واضحة منذ البداية، إذ طوال هذه السنوات الطويلة التي تمتد لأكثر من عقدين، لم تصل «القاعدة» ولا «داعش» لمستوى تنفيذ العمليات داخل إيران، ها هي تضرب في ذات الوقت الذي توضح مسارات التحالف الدولي ضد الإرهاب أن الإجماع على كون إيران هي مصدر الإرهاب ورأس حربته.

وكأن بإيران بالذي فعلته، أي استهدافها نفسها ونسب العملية إلى «داعش»، وكأنها تقول: «انظروا أنا أيضاً ضحية للإرهاب»!

المسرحية افتضحت منذ البداية، فأول تصريح للحرس الثوري الإيراني تم فيه اتهام المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بالوقوف وراء العملية، وكأن إيران تريد القول بشكل غير مباشر بأن «داعش» هي صنيعة سعودية أمريكية، بينما الواقع والشواهد والدلائل كلها تفيد بأن تنظيم الدولة الإسلامية صنيعة إيرانية بحتة، ساعدتهم فيها الولايات المتحدة خلال فترة باراك أوباما.

مزيد من السقطات الإعلامية الإيرانية تبين كيف أن أوصال «المسرحية» مفككة من أساسها، ففي الوقت الذي تقول فيه إن «داعش» تبنت العملية، تكشف بعض المصادر الأمنية داخل طهران أن المعتدين من القومية الكردية في إيران، دون أي ربط بداعش، ما يصور المسألة على أنها عملية انتقام للأقليات بحق النظام الإيراني الظالم مع الإثنيات وأصحاب المذاهب الأخرى.

لكن حتى هذه المعلومة التي سربت ونشرت وكأنها تريد أن «ترقع» تصريح الحرس الثوري الذي يتهم فيه دولاً هي في الأساس أولى المحاربين لداعش، حتى هذه المعلومة جرت وراءها معلومة أكبر، تبين بوضوح شديد، كيف أن عملية استهداف مبنى البرلمان الإيراني، وعملية استهداف «باب» مرقد الخميني، وليس «المرقد»، مسرحية إيرانية رخيصة الإنتاج.

تقرير غني جداً لـ«العربية نت» كشف بأن وكالة أنباء «فارس» ووكالة أنباء «أبنا» الإيرانيتين، نشرتا صوراً لمن قالت إنهم المهاجمون في العمليات المذكورة، وطبعاً بينت أن الجميع قتلوا، سواء من فجر وانتحر، أو من حصده رصاص الأمن الإيراني، وطبعاً لن يبقي الإيرانيون على أحد حتى لا يتكلم ولو بعد زمن طويل ليكشف أصل الحكاية، مثلما فعل ابن الخميني حينما تحدث بعد ثلاثة عقود ونصف على الثورة الإسلامية التي قادها والده، واعترف فيها بأن الخميني قتل آلافاً مؤلفة فقط ليؤمن كرسي حكمه في إيران.

الوكالتان نشرتا صوراً لأحد الأكراد من محافظة كرمنشاه، يدعى سرياس صادقي، وقالت بأنه أحد المقاتلين الذين هاجموا ضريح الخميني، وأن رأسه انقطع جراء التفجير!

عند هذا الحد والخبر عادي جداً، لكن المثير هي المعلومات التالية التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية، تكشف فيها أن بعض عناصر «داعش» كانوا مجندين في وقت سابق بواسطة استخبارات الحرس الثوري! وهو اعتراف من الإعلام الإيراني نفسه، رغم محاولتهم بيان المعلومة على أنه انشقاق من هؤلاء عن إيران لينضموا لداعش، لكن ما يدحض ذلك، التقارير التي نقلتها الوسائل الإعلامية الإيرانية ذاتها عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، والذي كتب في موقعه، أن سرياس صادقي كان يقوم بالدعاية والترويج لداعش طوال ثلاث سنوات في مناطق الأكراد دون أن تتعرضه له السلطات الإيرانية، في حين يؤكد ناشطون أكراد بأن نشاط صادقي وبعض الذين معه، كان يتم بشكل علني وبإشراف أجهزة الاستخبارات الإيرانية.

هذه المعلومات تبين كيف أن إيران خطط لجعل بعض المجندين في الحرس الثوري يظهرون إعلاميا على أنهم منشقين وقاموا بالانضمام لداعش، ثم تركتهم في داخل إيران ليروجوا لتنظيم الدولة الإسلامية طوال سنوات، دون أن يمسهم «خدش واحد»، حتى إذا جاء الوقت الذي ترغب فيه إيران بالتحول لضحية من ضحايا «داعش»، أرسلت مجنديها في الحرس الثوري، المنسلخين عنه ظاهرياً لينفذوا عمليات إرهابية تستغل إعلامياً في ترويج الرسائل التي تريد إيران إرسالها.

من الصعوبة التغلب على نزعة الكذب والفبركة المتأصلة في النظام الإيراني وعملائه، لكن من السهل كشف «هرطقاتهم»، لرداءة الحبكة، وسذاجة تقديمهم الإعلامي للمشهد.