ما إن تسلم الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان الدعوة الرسمية لزيارة البحرين، إلا وسارع الإعلام الضال التابع للفئة الخارجة على القانون التابعة لإيران إلى زيادة جرعات الأخبار التي تتهم البحرين بتقييد الحريات ودحر الحقوق، وكأن هؤلاء يجرون بروفة أو عمليات إحماء قبل قدوم المفوض السامي للبلاد.

وهذا ليس بمستغرب على تلك الشرذمة التي لطالما عودتنا على نشاطها «المسرحي» المكثف، وتمثيلياتها المتقنة في فن التخريب والشغب بمجرد علمهم أن وفوداً أجنبية وصلت أو على وشك الوصول للبحرين لحضور فعالية مهمة ذات صبغة عالمية، ولنا في فعاليات مثل «فورمولا1»، والمعرض الدولي للطيران، و«ربيع الثقافة» وغيرها خير أمثلة في محاولات هؤلاء إلى إشعار ضيوف البلاد بأن البحرين تعاني من اضطرابات دائمة.

هم يسعون من وراء هذا الشغب المرسوم والمخطط والمدبر، ليس للفت انتباه الآخرين فقط، بل لإفشال أي حدث عالمي تستضيفه البحرين، وإيهام الضيوف بعدم الراحة أو الأمان وأن البلاد فتيل مشتعل، وتعاني من مشاكل تخص الحريات والحقوق، وأن التقارير الحقوقية من تلك الجمعية أو تلك المنظمة عن البحرين صحيحة، وأن الحكومة البحرينية لم تكن شفافة فيما يتعلق بدعمها للحريات والحقوق وتحقيقها إنجازات في هذا الأمر كما تصرح بذلك دائماً في الإعلام وفي الاجتماعات الحقوقية في جنيف وغيرها.

وبالتالي يتحول هذا الشعور الذي قد يتولد عند الضيوف والمسؤولين الأجانب إلى ما يشبه الندم على تنظيم وحضور تلك الفعاليات في البحرين، وتكون ردة الفعل إما التأجيل أو إلغاء الفعاليات، وبالتالي تتعرض البلاد لخسائر مادية وتشويه كبير للسمعة، وهو بالضبط ما تهدف إليه تلك الفئة الضالة الخارجة على القانون، وربما نجح هؤلاء في هذا الأمر في عام 2011 عندما ألغي سباق «الفورمولا1»، وكانت تلك سنة الأزمة في البلاد وتحديداً في شهري فبراير ومارس، حيث تعرضت البحرين لأكبر حملات تشويه سمعة وتضليل وفبركات في تاريخها.

ولكن بفضل الله ثم بالتفاف القيادة والشعب الوفي عادت البحرين لعهدها وتمكنت من استرجاع ثقة الآخرين فيها خاصة بعد تعرف الجميع على حقيقة الأوضاع في البحرين بعد نتائج لجنة تقصي الحقائق الأولى من نوعها، واسترجعت البحرين سمعتها وتميزها في كل المجالات، لذلك لم تفقد البلاد منذ ذلك العام -ولله الحمد- أياً من برامجها وفعالياتها العالمية التي دأبت على إقامتها في البحرين، بل إن الفعاليات في تزايد مستمر.

وعودة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، فهو يرغب في أن يتعرف على الحقائق والوقائع ويشاهدها بأم عينيه، وهذا ما نرغب نحن فيه أيضاً، لأننا على ثقة بأن البحرين ليست كما يتصورها هو أو كما ينقل إليه أو يقرؤها في تقاريره التي أعدها آخرون، يعلم الله وحده ما هي نواياهم بشأن البحرين، لذلك فإن البحث عن الواقع والحقيقة من المفترض أن يكون هدفاً للمفوض السامي ليعلم بنفسه حقيقة الأوضاع الحقوقية في البحرين.

وحتى يتحقق ذلك أقترح على المفوض السامي أن يزور البلاد دون الإعلان عن وقت الزيارة، أي أن مكتبه يرتب مع الجهة الرسمية التي سوف تستضيفه طيلة فترة وجوده في البحرين، وله أن يزور متخفياً المناطق التي «قيل له» إنها مناطق متوترة في البلاد، ليرى أنها ليست كذلك غالباً، وأن التوتر الذي يحدث في هذه المنطقة أو تلك يكون نتيجة لـ«سبب» أو لـ«مناسبة» معينة، وبالتأكيد لا يتم كل ذلك إلا بتخطيط وتحريض من الخارج للقيام بأعمال تخريب وشغب واعتداء على الأملاك العامة.

وعندما يتأكد المفوض السامي بنفسه من حقيقة الأوضاع في البحرين، وأنا شبه واثق أنه سيفاجأ من كم الأخبار المفبركة والمضللة والمشوهة التي كانت تزود له، يمكن بعد ذلك أن يعلن عن موعد الزيارة بشكل رسمي، وأكاد أجزم بأن بمجرد الإعلان عنها فستبدأ البروفات التمثيلية لتلك الفئة الخارجة عن النظام، وسوف يستقبل المفوض السامي بأعمال شغب هنا وهناك وسيتم تصوير وإخراج تلك المسرحيات عبر محطاتهم الإعلامية المتنوعة المشهورة في الفبركات والتدليس والكذب والتضليل.