لعل من لديه القليل من الإدراك يعقل ويستوعب المشهد.

قبل شهر، كانت قرية الدراز مغلقة، بسبب تحولها إلى «ثكنة» شبيهة بثكنات «حزب الله» الإيراني، حينما تحلق أفراد حول بيت ممثل خامنئي في البحرين عيسى قاسم، رافضين أن يمثل أمام القانون، مستنكرين أن تتم معاملته كمواطن هو متساوٍ مع غيره أمام الأنظمة المدنية إن قام بجرائم وجنح وتجاوزات.

سعوا لصناعة دوار انقلابي آخر أمام بيته، فاتخذت الدولة إجراءات من منطلق حقها الأصيل لضمان أمن المنطقة والناس، ومنع تحولها لمزار من قبل أشخاص يأتون من مناطق أخرى، ليعيثوا في منطقة الدراز الخراب والدمار.

وحصل أن تحولت الدراز لمنطقة مغلقة، لا من قبل الدولة، بل من قبل المخربين العابثين الذين اتخذوا مسبباً لذلك استدعاء عيسى قاسم للمحاكمة على جرائمه بشأن جمع الأموال المشبوهة، رغم أنه يفترض محاكمته -وهذه قناعة الشعب المخلص لبلاده- على جرائمه التحريضية ضد الدولة، وعلى دعوته لقتل رجال الشرطة وعلى تخابره مع إيران. فأغلقت منطقة الدراز على أهلها من قبل المخربين والملثمين حاملي المولوتوف، ووصلوا لسد الشوارع من الداخل على أهلها، وضربوا المسامير والحدائد في الأرض، وأوصلوا أهل الدراز لمعاناة إنسانية كبيرة.

بينما كان رجال الداخلية يؤمنون مداخل الدراز ويحرصون على دخول أهاليها لبيوتهم، ومنع دخول من لا علاقة له، خاصة ممن يتضح جلياً أنهم يريدون الدخول إما للذهاب إلى وليهم الفقيه، أو افتعال أمور تخريبية في المنطقة.

بعد إجراءات القانون، وحكم القضاء، والذي نرى فيه تخفيفاً في محاسبة رأس التحريض الأول في البلد، عله يستوعب ويفهم كيف هي البحرين في تعاملها، هي ليست إيران التي لو يفعل فيها ما يفعله لدينا لشنقوه على أقرب عمود إنارة لبيته، لكنها البحرين التي تتعامل إنسانياً حتى مع المجرم بحقها. بعد هذه الإجراءات، انفرجت الأمور على أهل الدراز.

انفرجت بسبب الدولة التي تدخلت بقوة القانون وبالحزم، فوصلت إلى داخل بيت عيسى قاسم، وأمام ناظريه، عله استوعب بعدها أن النظام لو أراد الوصول له منذ اليوم الأول لفعل ذلك، ولما جعل مريديه من انقلابيي الدوار يتجمعون حول بيته ويحولونه لمزار وموقع انقلابي تحريضي، فأمام عينيه وفي بيته تم القبض على هاربين وإرهابيين ومخربين مطلوبين للعدالة. وهي مسألة عقبنا عليها بأنه يتوجب على الدولة محاكمته على تهمة أخطر من جمع الأموال، تتمثل بعملية التستر على إرهابيين وفارين ومطلوبين.

تنفست الدراز أخيراً، وانفرجت الأمور على أهلها، ومتى كان ذلك؟! حينما تدخلت الدولة وأنهت هذا «العبث» الذي يقوم به عيسى قاسم وأتباعه، حينما تدخلت الدولة وقالت بصريح العبارة إنه يكفي ما طال أهل الدراز من معاناة مع الإرهابيين الذين دمروا حياتهم من الداخل، وسدوا الشوارع الداخلية أمام بيوتهم.

وها هي الأمور تعود طبيعية جداً، لأن شوكة الإرهاب كسرت، ولأن صورة المحرض بانت على حقيقتها، والأهم قوة الدولة وصلت ملامحها لكل إرهابي وعميل، والرسالة فهمت، بأنه من سيواصل الظن أنه فوق القانون يتحمل عواقب تحوله لإرهابي ومتمرد.

الأمور عادت وتنفس الأهالي، وها هو سمو الشيخ ناصر بن حمد بنفسه يذهب للمنطقة ليفتتح نادياً رياضياً وسط حضور أهالي المنطقة ووجهائها وشخصياتها، في مشهد كشف الكثير، وكيف أن هؤلاء الأهالي اختطفت حياتهم وحرياتهم من قبل عيسى قاسم وأتباعه.

أهالي الدراز زاروا صاحب السمو الوالد الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله، زاروه ليشكروه على توجيهاته العاجلة بشأن تلبية جميع المتطلبات الخدمية للمنطقة، معربين عن تقديرهم لـ«أسد البحرين» على حسه الأبوي تجاه أبنائه، وحرصه على الاستماع لهمومهم وتلبية احتياجاتهم.

خليفة بن سلمان بخبرته الطويلة، يدرك تماماً كيف يعاني أهالي القرى في البحرين بسبب عمليات الترهيب والتخويف التي يقوم بها الانقلابيون وكارهو البلد، يعرف أن هناك بشراً سيتضررون، ولذلك حينما «حررت» الدولة الدراز من براثن عيسى قاسم وأزلامه، سارعت اليد البحرينية التي «تبني» هذه البلد على مرار العقود، سارعت لتضميد جراح أهالي الدراز.

قالها رئيس الوزراء للمخلصين من أبناء الدراز الذين زاروه وشكروه، بأن البحرين ستظل بقيادتها وحكومتها دولة ذات أيادٍ بيضاء «تبني وتعمر» والأهم دولة «أياديها تحمي» أبناءها، وتصد عنهم أذى الأيادي التي تهدم وترهب وتضر البلد وأهله. هذا هو الفارق بين قيادة تريد الخير لشعبها، وبين من يدعون أنهم قيادات جماهيرية، وهم أصلاً عملاء للخارج، كارهون للبلد، أياديهم تخرب بيوتهم قبل أن تسعى لتحرق الدولة.

يد البحرين طولى دائماً بإذن الله، يد الحق هي، التي ستقطع دوماً أيادي التخريب والغدر والخيانة.