زهراء حبيب:

ألغت محكمة الاستئناف العليا المدنية حكم المستأنف القاضي بطرد زوجة أب من منزل العائلة وتسليمه لابن زوجها خالياً من الشواغر، وأبطلت إجراءات وزارة الإسكان بتسجيل العقار بأسم الأبن الأكبر لزوجها فقط مستغلاً إنابته من طرف أفراد العائلة لكتابة العقد مع الوزارة، وبهذا الحكم يكون المنزل باسم عائلة والدهم المتوفى.

وأسست المحكمة بهذا الحكم مبدأ مهم جداً بأن الابن في حال وقع العقد مع وزارة الإسكان بالإنابة عن بقية العائلة لا يعني بأنه ملكه الخاص، فقد ظهرت في الأونه الاخيرة دعاوى من هذا النوع.


وبدأت القضية بعد أن رفع الأبن الأكبر بدعوى ضد زوجة أبيه يطالب بطردها من المنزل وتسليمها إياه خالياً من الشواغر على سند أن ملكيته آلت إليه على سند من أن ملكيته قد آلت إليه، وبأن المستأنفه تضع يدها عليه دون سند قانوني وقد أنذرها بإخلائه فلم تستجب، وكسب الدعوى أمام محكمة أول درجة التي قضت بطرد المستانفة من العقار وتسليمه المستأنف ضده الأول خالياً من الشواغر وفي الدعوى المتقابلة برفضها، تأسيساً على أن ملكية العقار قد آلت للمستأنف ضده الأول بالطريق القانوني الصحيح، بالاستناد لقرار وزير الإشغال والإسكان لسنة 2006 وبأن العقار لا يعد من أعيان التركة.

ولم يرتض المستأنفين بالحكم الصادر فطعنوا علىه بالاستئناف، والمطالبة بالغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى المتقابلة ببطلان وألغاء كافة الإجراءات الصادرة لصالح المدعي عليه الأولى من وزارة الإسكان، والتي أصدرت بناء عليها وثيقة عقار التداعي بأسمه.

وقالت رباب العريض محامية زوجة الأب وبقية المستأنفين بأن موكلينها طلبوا في دعواهم ببطلان الوثيقة، وبإلزام وزارة الإسكان بتسجيل العقار باسم العائلة والدهم المتوفي بحسب الفريضة الشرعية، كونهم وباقي ورثة المرحوم يمتلكون العقار ميراثاً عنه، وهو هبة أميرية لحسن العالي وقد تم بناؤه على نفقته وتسليمه للمستأنفة الأولى دون مقابل أو سداد أيه أقساط وبأنهم مقيمون فيه دون باقي الورثة ومن ضمنهم المستأنف ضده الأول منذ مارس 1983 وبأن الإجراءات التي تمت بين وزارة والابن الأكبر التي من خلالها تمكن من تسجيل العقار باسمه دون باقي الورثة.

وأكدت العريض بأن تلك إجراءات باطلة كون المستأنفين لهم نصيب شرعي في العقار الذي آل إليهم عن موروثهم مما يحق لهم بإبطال وثيقة العقار، منوهة إلى أن الإسكان خصصت العقار للزوجة الأب بناء على طلبها وأن المستأنف ضده الأول استغل كتابة العقد مع وزارة بالإسكان بأنه عن عائلة موروثهم.

وأفادت بأن العقار آل إليهم بالميراث الشرعي وهو ما يتغير به وجه الرأي في الدعوي وأن عقد التخصيص المؤرخ في 15 مارس 1989 محرر بين الإسكان وعائلة مورث المستأنفين ويمثلهم المستأنف ضده الأول "الابن الأكبر"، وعليه يكون السكن خصص للعائلة وليس للاخير فقط.

ولفتت العريض بأن المستأنف ضده الأول هو رب الأسرة من الفئة الثالثة وإنتهي إلى أحقيته في العقار قول غير صحيح ويخالف الواقع، لأنه لم يقم مع والديه بالعقار، وإنما كتب باسمه فقط لكونه الابن الأكبر وتم اختياره ليمثل العائلة في التعاقد وأنه كان يقيم في عقار آخر مع والدته، أما عقار التداعي فأن زوجة الأب هي من قدمت طلبه إلى حسن لعالي وتسملته وأقامته فيه مع أبنائها من مورث الأطراف وهو ما أثبتته معاينة الوزارة.

كما التفت الحكم المستأنف عن دفاع المستأنفين بطلب الإحالة للتحقيق لإثبات ذلك، كما التفت عن طلب بإلزام وزرة الإسكان بتقديم ملف العقار وهي طلبات جوهرية.

ودفعت العريض بعدم دستورية نص المادتين "1ـ12 " من قرار وزير الإسكان رقم 83 لسنة 2006 والمعدل للقرار رقم 3 لسنة 1976 لمخالفتهم المواد "2، 4، 5، 9،18" من الدستور.

وأشارت بأن المحكمة الاستئنافية أكدت على احقية المستأنفين مع بقية الورثة في عقار التداعي لكون عقد التخصيص صدر باسم العائلة والمستأنف ضده ليس بمتعاقد أصلي بل هو لحساب أفراد العائلة ولنفسه، وإن كان له حق في العقار وأن الأولى أن يكون التخصيص يكون بأسم المستانفه الأولى وأولادها على اعتبار أنهم هم من حصلوا على العقار وأقاموا فيه.

وأكدت المحكمة في حيثيات الحكم بأن عين التداعي طبقاً للقرار السالف بيانه المؤرخ في 15 مارس 1989 أن العقد أبرم بين الطرف الأول حكومة البحرين يمثلها وزير الإسكان وبين الطرف الثاني عائلة المرحوم يمثلها ابنه "المستأنف ضده الأول) وتضمن بأن الطرف الأول وافق على تمليك الطرف الثاني قطعة أرض لبناء مسكن عليها وفقاً للشروط.

كما الثابت من الطلب الذي تم على أساسه إبراهم هذا العقد أن المستأنفين قد أدرجت أسمائهم به على اعتبار أنهم ضمن أفراد مقدم الطلب وهي عائلة المرحوم والذي تكشف الاوراق أنه توفى في 4 مايو 1977، ولما كان ذلك فأن عقد التمليك سالف البيان والطلب السابق عليه محلهما قطعة أرض فضاء مملوكة للدول من أحل بناء العائلة المتعاقد معها مسكن عليها، وذلك طبقاً لقرار وزير الاسكان رقم 7 لسنة 1976في شأن نظام القسائم السكنية، ولما كان الثابت ودون منازعة من الاطراف بأن المسكن تم إنشاؤه على هذه الأرض خلال المدة المقررة بهذا القرار فبالتالي يكون قد تكون للطرف الثاني بالعقد حقاً في ملكية الأرض والبناء استناداً للمادة 12 من هذا القرار، ولما كان المستأنفون من ضمن أفراد العائلة المتعاقد معها من قبل وزارة الإسكان وفق ما سلف بيانه فالبتالي فان الحق في تملك الأرض والبناء يشملهم كذلك، ولا يغير من ذلك أن المستانف ضده الأول كان نائباً عنهم في تقديم الطلب والتعاقد، وبذلك فأن ما يترتب على هذا العقد من آثار ينصرف مباشرة للأصيل وهو جميع أفراد العائلة مقدمة الطلب والمتعاقد معهما وليس النائب عنهم في التعاقد،كما أنه لا يعد رب أسرة وفقاً للقرار رقم "3" لسنة 1976 في شأن الإسكان لخلو اوراق الدعوى مما يثبت أن العائلة مقدمة الطلب تعتمد عليه في الإعانه كلياً أو جزئياً.

واوضحت المحكمة بأنه لا يغير من ذلك صدور قرار وزير الأشغال والإسكان رقم "83" لسنة 2006 وما نص عليه بشأن تسجيل الوحدة السكنية، ذلك أن حق المستأنفين في الملكية قد نشأ واستقر مركزهم القانوني بعد اكتمال بناء المنزل وفقاً للشروط والأضاع المقررة قانوناً وكان ذلك نشأ واستقر في ظل القرار 7 لسنة 1976 وقبل العمل بهذا القرار.

كما لا يغير من ذلك التراخي في إجراءات التسجيل للملكية وإصدار الوثيقة طالما أن الحق قد نشأ وأستقر في ظل القانون السابق، وعليه فأن المحكمة تخلص إلى أن الطرف الثاني المتعاقد مع الوزارة هم جميع أفراد العائلة مقدمة الطلب وليس الابن الأكبر وحده الذي كان مجرد نائب عنهم في تقديم الطلب والتعاقد مع الوزارة.

وكانت المستأنف ضدها الثانية "وزارة الإسكان" قد قامت بإجراءات تسجيل العقار عين التداعي باسم المستأنف ضد الأول وحده دون باقي أفراد العائلة المتعاقد معها وبالاستناد لقرار وزير الإسكان السالف الذكر، فإن هذه الاجراءات تكون غير صحيحة وجاءت مخالفة للقانون، وعليه تقضي المحكمة ببطلانها والتي بناء عليها سجل العقار بأسم الأبن الاكبر وحده، استناداً إلى أن الطرف المتعاقد مع المستأنف ضدها الثاني هو العائلة المذكورة ومن ضمنهم زوجة الأب في بالتالي تضع يدها على العقار بموجب سند قانوني مما يكون طلب الطرد على غير أساس وإذ خالف الحكم المستأنف ذلك فأنه يتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

ولذلك قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأصلية، وفي الدعوى المقابلة ببطلان إجراءات المستأنف ضدها الثانية والتي بناء عليها تم تسجيل عقار التداعي المقيد بالوثيقة العقارية بتسجيل باسم المستأنف ضده الأول وحدة، وألزمت المستأنف ضدهما الأول والثانية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.