دولة قطر دولة جميلة بشعبها الطيب، وقد لامسنا التطور العمراني بعد أن منّ الله على دولة قطر من نعمه وفضله الواسع -وعساها في زيادة خير- فاقتصاد دولة قطر اقتصاد قوي لا ينكر، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا نرى ولا نلمس في دولة قطر، التنمية في كل المجالات بحجم اقتصادها؟ نعم هناك تطور عمراني وتكنولوجي لا غبار في ذلك، ولكن هذا التطور ليس بحجم تطور الدول الغنية القوية التي يمكنها أن تكون دولة منافسة للدول العظمى، فمن المفترض أن يكون اقتصادها ينافس الدول الكبرى مثل اليابان وكوريا في صناعاتها الثقيلة والخفيفة، ولكن دولة قطر مازالت تستورد كل احتياجاتها من الخارج من طعام وملابس ومواد بناء وسيارات وغيرها كثير من أساسيات وترفيه، شأنها شأن الدول التي يتأرجح اقتصادها يمنة ويسرة، فلو سخرت السياسة القطرية هذه الأموال لتنمية ونمو البلاد بطريقة صحيحة ما كانت لتهتز قطر من مقاطعة الدول المجاورة، وما لجأت إلى إيران وتركيا لتزودها بأهم أساسيات الحياة «الطعام»، ولكن مال الشعب ووقت السياسة القطرية يذهب إلى القنوات الإرهابية للأسف الشديد، فكيف لقطر أن تحقق التنمية الشاملة باقتصادها القوي الذي تفاخر به هذه الأيام ولا نلمس إلا القليل. هذا ما كشفته الأزمة الخليجية وما تمر به قطر من مقاطعة من دول الجوار، فما كشف اليوم للشعب القطري ولدول العالم من أن النظام القطري يستخدم طاقته لتفكيك الدول المجاورة بالاستعانة بعناصر الإرهاب بدلاً من أن يصب كل قوته لتطوير الإنسان القطري وتطوير بيئته ليكون بلداً منتجاً مصدراً كالدول الكبرى، فقطر الدولة الغنية مازالت بلداً مستهلكاً ومستورداً لأبسط احتياجاته، وهذا الاستفهام الكبير هو نقطة تحول للشعب القطري بعد المقاطعة.

أصحاب الفتن والتضليل ينشغلون باستخدام كلمة «حصار» عن «قطع العلاقات الدبلوماسية»، لتضليل الرأي العام الدولي وتحريف الموقف والمغالطة فيما يحدث وإخفاء الحقائق، وهذا التضليل العلني هو دليل واضح على سياسة قطر القائمة على الكذب والتحريف، فدول الخليج التي قطعت العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر لم تحاصر الشعب القطري الشقيق ولن تحاصره وهذا كذب وافتراء، والفارق واضح بين قطع العلاقات والحصار لأولئك الذين يريدون اختلاق حجة باطلة واستمالة عاطفية مكشوفة للممارسات الإرهابية التي يقوم بها النظام القطري في المنطقة من دعم وتمويل وإيواء للإرهاب وعناصره.

العراق مثلاً، تعرض لحصار اقتصادي دولي بقرار من الأمم المتحدة في عام 1990 بعد غزوه لدولة الكويت الشقيقة، واستمر ما يقارب 13 سنة، كما تم حظر الطيران فوق الأجواء العراقية ومنع طائرات دول العالم من دخول العراق جواً، وهذا عكس ما يحدث في دولة قطر تماماً، فالدول المقاطعة لم تحاصر قطر بدليل دخول وانتشار منتجات غذائية تركية في أسواق قطر، والحدود في المياه الإقليمية مع إيران مفتوحة لقطر، أما استخدام الكلمات غير الواقعية من أجل الزخم الإعلامي دليل على إفلاس أصحابها لحجج وبراهين في إثبات عكس ما نشرته الدول المقاطعة من حقائق مسجلة بالصوت والصورة بشأن تورط النظام القطري في دعم الإرهاب.

منطقة الخليج تمر بأزمة حقيقية محاطة بفتن وفوضى، والأزمة القطرية جعلت الشعوب الخليجية في حالة ذهول من هول المصيبة لدولة تكتمل المنظومة الخليجية بها، لذلك يجب أن يعود الاستقرار الخليجي ويجب على دولة قطر تصحيح سياساتها تجاه أشقائها في محاربة الإرهاب والقضاء عليه، وهذا عشمنا في قطر الشقيقة.