البيان القطري الصادر بعد عرض المكالمة الهاتفية بين مستشار الأمير السابق العطية وبين الفار حسن سلطان ليلة البارحة، جاء ليؤكد حقيقة الاتصالات ولم ينفها، في حين أن ابن العطية نفى الاتصال وقال إنه مفبرك على حسابه في تغريدة نشرها بعد أن استمع العالم أجمع لصوت والده، وهذا هو التخبط من جراء الصدمة.

إنما البيان القطري يؤكد مع الأسف أن قطر مستمرة في مسارها الذي تعهدت بتغييره أكثر من مرة ونكثت عهدها، بيانها جاء ليبرر المكالمات وليقول إن تلك الاتصالات جاءت في سياق المساعدة على الصلح والحوار لا في سياق التآمر!! وهذا النهج أي الإنكار والتملص هو الذي ناصحتها جميع دول الخليج بتغيره، فدول الخليج الآن تطالب قطر بالتخلي عن سياسة اللف والدوران ومواجهة المشكلة بشجاعة من أجل المعالجة الجذرية، ومن أجل أن تتمكن الدول الثلاث من مساعدتها بفتح صفحة جديدة تعود بها قطر إلى بيتها الأصلي ومكانها الطبيعي.

التبرير لا الإقرار لا يغير من واقع الحال، تماماً كما كان إنكار التصريح الأول الذي فجر الأزمة لا يغير من واقع الحال، فما فائدة إنكار التصريح وسياسة قطر هي ذاتها؟. ماجاء في التصريح بغض النظر عن أنه قيل أم لا، وفحوى المكالمة يتطابق مع الواقع الحاصل، بدليل أنكم رفضتم فعلاً المشاركة في قوات درع الجزيرة، لا في المكالمة فحسب، بل واقعياً، وتبرأتم من التزامكم تجاه ميثاق «درع الجزيرة» بإرسالكم ضابطين فقط.

«درع الجزيرة» أيها الأحبة في قطر ميثاق شرف وعهد بين الدول الست بالدفاع عن أي عضو فيها إن طلب هذا العضو المساعدة، لبت باقي الدول نداءها فوراً دون تردد أو منة، ولذلك فزعنا جميعاً لنصرة الكويت حين غزاها صدام حسين بلا تردد حين قالت الكويت أين درع الجزيرة؟ فتحرك درع الجزيرة وفتح أبناؤنا صدورهم للدفاع عن حبيبتنا الكويت وهذا واجبهم، أما حين طلبت البحرين المساعدة ترددت ثلاث دول!! و منهم قطر التي قال مستشار لأميرها «أرسلنا ضابطين مرغمين (عن العين والنفس) للمراقبة، مراقبة من؟!! وطالب مستشار الأمير من الفار حسين سلطان إرسال صور لمن سماهم (بلطجية) في شوارع البحرين!! بلطجية؟ بلطجية؟ أهذا خطاب من يسعى لخير أو صلح؟ أهذا خطاب من يحترم مواثيق شرفه؟

درع الجزيرة يالعطية هو شرف هذه الأمة واحترام ميثاقه هو حفظ لهذا الشرف، لذا نحن نحافظ على عهدنا وكلمتنا وشرفنا فهذا أصلنا وذلك (سنعنا)، درع الجزيرة عرضنا وكرامتنا التي نحميها قبل أن يكون مجرد «نظام» أو «لائحة داخلية» تتنصل منها حينما تشاء، فعن أي سياق تتحدث قطر ذلك الذي جاءت به تلك المكالمات؟ (اسمحوا لنا لا تترقع) ومع ذلك.. نقول ومع ذلك، أنتم ظفرنا ودمنا ولحمنا، وإن جاءت الطعنات منكم فلا يزال لكم في البيت مكان، تعالوا لسفينتنا فلا عاصم لكم اليوم من طوفان لا يقف عند دول مجلس التعاون بل سيمتد بعد أن تتشابك الخيوط وتقود رؤوسها لقطر، حينها لا جبل هناك يعصمكم من ذلك الطوفان الدولي.

الهروب إلى الأمام ودفن الرأس في الرمال وشراء الوقت ليس حلاً، الكرة تكبر والاستحقاق يزيد والقادم أكبر، الحل الذي نتمناه لنا ولكم أن يبقى هذا المجلس قوياً متماسكاً بعودتكم إليه، فلا الجماعات التي تحالفتم معها ستنفعكم، ولا المضللون لكم سيبقون معكم، فتلك الجماعات لو كانت فالحة لنفعت نفسها.

هذا الفار الذي تناديه يا شيخ ويا شيخ وتطلب منه أن يسلم على الشيخ الآخر، جميعهم الآن إما فار أو يلقى جزاءه، هم أيضاً تمت مناشدتهم أكثر من مرة أن يحكموا العقل، أن يقبلوا بالحل، أن يقرؤوا الواقع جيداً، وهم أيضاً أخذتهم العزة بالإثم وظنوا أن الدنيا قد دانت لهم وهماً وسراباً فلا نتمنى لكم ذات المصير لا قدر الله.

لا نتمنى لكم إلا الخير، ونتمنى أن يناصح الشعب القطري بشيوخ دينه وبنخبته المثقفة وبأصحاب الرأي منهم وبشيوخ القبائل ذات الامتداد الخليجي، أن يناشدوا جميعاً القيادة القطرية الشابة الممثلة في تميم أن يقطع صلته بمشروع والده المدمر وينقذ قطر من شره، بأن يقطع صلته بالجماعات الإرهابية التي لا تعني للقطريين شيئاً، ولم يأت منهم غير الدمار والشر واستنزاف الأموال بلا طائل، وأن تختار القيادة القطرية العودة للشعوب الخليجية قرار شجاع سنرحب به جميعاً وسيغلق الباب لشرور لا تبقي ولا تذر، حين تستجيب قطر لمطالبنا، بدلاً من الرهان على الوقت فقط عل الله يحدث أمراً، فلا نتمنى تدويل الخلاف والحل لا يكون بالإنكار.

صحيح أنك لا تهدي من أحببت، لكن الله يهدي من يشاء، وصحيح أن لا عاصم اليوم من بعد الله غير سفينة دول مجلس التعاون؛ فلا تركيا ولا إيران تريد لكم الخير، إلا أن أملنا بالله كبير أن يسود العقل لدى الأشقاء في قطر.