أتابع كغيري الحراك البرلماني بشأن مشروع الميزانية، وأسجل نقاطاً بعضها مصدر إزعاج لي كمواطن بسبب أداء مجلس النواب، أو -تحديداً- بعض من أعضائه.

أولاً، ندرك بأن الميزانية رفعت متأخرة جداً من قبل الحكومة للمجلس، إذ رغم التقدير للوضع الاقتصادي وترنح أسعار النفط، الأمر الذي يؤثر على عملية «برمجة» الميزانية المقترحة، إضافة لتوجهات التقشف وضبط النفقات، إلا أن تسليم الميزانية في هذا الوقت «متأخر جداً»، وعليه استقراءات التعاطي معها نيابياً، إما ستكون بتمرير سريع كـ«سلق البيض» أو تعطيل يعيد للأذهان سيناريوهات سابقة، شهدت «جعجعة بلا طحين».

المؤسف، أنه في الجلسة التي تلت تقديم الحكومة للميزانية، لم يتوافر النصاب المطلوب من النواب، قلنا «رمضان» لكن ليس بهذا الشكل يا نواب الشعب، جلسة لا تعقد بسبب النقص العددي ومشروع الميزانية المنتظر على الطاولة؟! وبغض النظر عن الأعذار التي يقدمها المتخلفون عن الجلسة من النواب، فإن المواطن لن يقبل عذراً، لأن الصورة العامة للمجلس تفيد بأن «جلسة لم تعقد بسبب عدم استكمال النصاب».

لكن بعيداً عن تفاصيل الميزانية، كونها مسألة فصلنا فيها سابقاً هنا، تستغرب من حالات التجاذب داخل المجلس بشأن هذا الملف، ولا أعني هنا أن على النواب ألا يختلفوا بشأن المشاريع فيما بينهم قبل أن ينقلوا الاختلاف ليصبح بينهم وبين الحكومة، لكنني أعني إخلالهم بمسألة «الاختلاف فيما بينهم» ليتحول لـ«مادة إعلامية» يتداولها الناس على أساس «اختلاف بينهم وعلى الملأ»، في بعض منه «مزايدات» وفي بعضه الآخر «استعراضات»، وهي أمور «مل» الناس منها بعد أربعة فصول نيابية.

بعض النواب قلقون من تمرير الموازنة بنقص صريح في أبواب البدلات المعنية بالسكن والإعانة، رغم أن خطاب الحكومة يؤكد الحرص عليها وعلى استمرارها بالإضافة للزيادات السنوية، فهل المرصود سيغطي العدد المحدد من المستحقين لهذه الإعانات، أم أن هناك أعداداً ستستثنى وتستبعد؟!

موضوع البيوت الآيلة لم يدرج، كما بين أحد النواب، وأنهم الآن أمام الأمر الواقع بشأن هذا الملف، في حين أن «طيران الخليج» ناقلتنا الوطنية رصدت لها مبالغ دعم في الميزانية، وبحسب رئيس اللجنة المالية النيابية فإن المبلغ سيأخذ من صندوق الاحتياطي، وهي المسألة التي مسك فيها النواب تصريحاً رسمياً يفيد بأن هذه المسألة لن تتم. هنا «طلاسم» لغز تستوجب الفك، لكن أشك بأن النواب سيفكون شيئاً أصلاً، مع احترامي الشديد.

مع ذلك، ملاحظتي ليست هنا أبداً، فالميزانية وضعها أهل الاختصاص المالي، وستمرر حالها حال سابقاتها، وكالعادة، مجلس النواب يدخل «اختباراً» جديداً أمام ناخبيه الذين باتوا لا يطلبون شيئاً بقدر ما يطلبون عدم التنازل عن مزيد من المكتسبات.

الملاحظة بشأن نائب أعلن عن استغرابه من إشادة رئيس اللجنة المالية بالموازنة المقدمة، رغم الفارق الكبير بين الإيرادات والمصروفات إضافة إلى العجز المالي الكبير، وكذلك انتقاده لرئيس اللجنة حينما قال إنه لا داعي للاجتماع مع الوزراء!

لا لأن كلام النائب خاطئ، بل على العكس، هو سؤال يردده كل مواطن، يضع يده على الجرح، لكن لأن النائب صاحب هذا القول، عرفته الصحيفة الناشرة لتصريحه بأنه «نائب رفض ذكر اسمه»!!

قمة الاستغراب هنا طبيعية، إذاً لماذا يرفض نائب ذكر اسمه، رغم أن تصريحه يعبر عن صوت الناس ورأيهم؟! لماذا لا يتكلم بوجهه، خاصة وأنه يقول كلمة حق، ناهيكم عن أن التصريح ليس «خطيراً» في فحواه، بل هو انتقاد بسيط، نتيجته لن تحرج النائب أو تذهب به وراء الشمس!

والله أستغرب هنا حينما لا يتحدث البعض بأسمائهم ويطالعوننا بوجوههم! قد نتفهمها في بعض التصريحات التي تتعارض مع نبض الناس ومطالبهم خوفاً من ردة فعلهم وغضبهم، قد نتفهمها في بعض التصريحات التي تطرق أموراً حساسة قد «تمشكل» صاحبها، لكن مع تصريحات طبيعية عادية تعبر عن رأي الناس، لماذا «ترفض ذكر اسمك» يا نائب وكأنك مرتكب لجريمة؟!

أخشى ما أخشاه أن يكون النائب «صاحب الاسم الخفي» من مجموعة النواب زائري المسؤولين في «اجتماعات شاي الضحى»، الذين رأينا كثيراً من مواقفهم، يرعد ويزبد، وفي الملف الذي مسؤول عنه صاحبه «مضياف الشاي» لا تسمع له صوتاً ولا تجد له أثراً!

نائب «يخفي اسمه»! والله عشنا وشفنا!