استعرض عدد من الإعلاميين والسياسيين من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، الفشل الذريع الذي أصاب الإعلام القطري خلال تعامله مع أزمة المكالمات، التي تم الكشف عنها مؤخراً بين المستشار في الديوان الأميري القطري حمد العطية والإرهابي الفار والمسقطة جنسيته حسن سلطان.

جاء لذلك في حلقة جديدة من برنامج "ما وراء الخبر"، الذي يبث على شاشة تلفزيون البحرين يومياً، حيث استضاف البرنامج كل من الكاتب الصحافي من جريدة أخبار الخليج البحرينية السيد زهرة، والمستشار الإعلامي السعودي عبدالرحمن الهزاع، والإعلامي السعودي عبدالرزاق السنوسي، والنائب في البرلمان البحريني رؤى الحايكي.

وأجمع المشاركون في الحلقة على أن الدوحة قد فشلت فشلاً ذريعاً في تبرير طبيعة المكالمات الهاتفية التي تمت بين المستشار في الديوان الأميري القطري حمد العطية والإرهابي الفار المدعو حسن سلطان، إذ إن طبيعة الحديث بين الطرفين لا تعبر بأي حال من الأحوال عن اهتمام قطري برأب صدع الأزمة، وأن تكون وسيطاً فيها، بل هو تحريض مباشر وطلب معلومات أمنية وعسكرية لإيصالها إلى قناة الجزيرة القطرية من أجل تشويه صورة البحرين أمام الرأي العام العالمي.


إلى ذلك قال الصحافي في جريدة أخبار الخليج، السيد زهرة، إنه كان من الواضح تفاجأ قطر بالمكالمات وبالجريمة التي تم الكشف عنها، إلى جانب المفاجأة من رد فعل الإعلام العربي على ما جاء فيها، حيث انشغلت أغلب وسائل الإعلام العربية بهذا الحدث.

ويضيف السيد زهرة أن المضحك في الموضوع هو التبريرات الساذجة التي خرج بها الإعلام القطري، الذي أشار إلى أن المكالمات كانت ضمن وساطة قطرية وبعلم حكومة مملكة البحرين، منوهاً أن ذلك تبرير لا يمكن أن ينطلي على أحد لأسباب كثيرة، أهمها أن طبيعة الحوار بين المستشار العطية والإرهابي سلطان تناولت عدة أمور وهي؛ حرص المستشار على تأكيد موقف حكومة قطر بمساندتها للجماعات الإرهابية، واتفاق الآراء بين الطرفين والحديث بأريحية مطلقة والاتفاق على رفض المشاركة القطرية في قوات درع الجزيرة.

أما الأمر الثالث فهو التحريض المباشر للمستشار العطية على العنف والفوضى من خلال طلبه المباشر بالنزول إلى الشارع وتصوير وتوثيق تحركات رجال الأمن، أما الأمر الأخير فهو أن العطية يقول وبصريح العبارة إن قناة الجزيرة تحت التصرف، بل ويطلب أسماء إرهابيين لاستضافتهم على القناة.


وأكد السيد زهرة أن كل هذه الدلائل تشير إلى أن الحديث لا علاقة له بالوساطة، بل هو تنسيق وتعاون مع الانقلابيين والإرهابيين في البحرين وتآمر على الدولة والسلطة الشرعية فيها.

وفي رده على الحكومة القطرية بأن هذه المكالمات كانت فقط بشأن الأزمة، أشار السيد زهرة إلى أن هذا الكلام عارٍ عن الصحة، حيث إن الحوار في المكالمات الأربعة كان بمنتهى الارتياح، ما يعني أن هناك علاقة سابقة تربط طرفي المكالمات، بل من الواضح أن بينهم تحالف وتنسيق وتعاون قبل هذه المكالمات بسنوات طويلة، وهو ما أكده معرفة المستشار العطية بالقيادات الإرهابية في البحرين.

وأشار السيد زهرة إلى أن الأمور لا تتوقف على المكالمات الهاتفية فقط، بل إن هناك أدلة موثقة عن دعم قطر للجماعات الإرهابية في البحرين، والتي ظهرت في القائمة المشتركة للكيانات والافراد الارهابيين التي اصدرتها دول الخليج ومصر. حيث يتم استضافتهم بشكل دوري على قناة الجزيرة.

ولفت السيد زهرة إلى التقرير الذي أعدته وكالة أنباء البحرين، أثبت وجود سوء النية من قناة الجزيرة القطرية للبحرين، حيث أشارت الأرقام إلى أن أكثر من 92% من الاخبار التي تم نشرها على موقع الجزيرة نت هي أخبار منحازة للقوى الطائفية وأخبار سلبية ومشوهة للصورة في البحرين.

وعن التناغم بين السياسة القطرية والإعلام، أوضح الصحافي السيد زهرة أنه من المبالغ أن ننقد ما يقوله الإعلام القطري، لأننا إزاء سياسة قطرية واضحة ومحددة منذ سنوات، وهو ما رأينا آثاره لاحقاً من أعمال في البحرين والسعودية ومصر وغيرهم من الدول العربية، بالسياسة القطرية مرسومة منذ سنوات وتقوم على انتهاك الدول الأخرى وتدمير أمنها واستقرارها، وحتى في فترة ما قبل 2011.

وعن آليات التعامل مع حكومة الدوحة، أشار السيد زهرة أن دول الخليج العربية ارتكبت خطأ عندما تعاملت مع الدوحة بحسن الظن، وما تجربة قطع العلاقات مع قطر عام 2014 إلا واحدة من تجارب كثيرة أثبتت فيها الدوحة عدم وفائها بالتزماتها. ولكن حسن النية الخليجية والنفس الطويل كان ينبع من الحرص على عدم شق الصف الخليجي والحرص أيضاً على شعب قطر الشقيق.

وعن الأهداف مما تقوم به قطر؛ أوضح السيد زهرة إلى أن لا أحد يستطيع الإجابة على هذا السؤال، فكل ما نراه من قطر محاولاتها الدائمة لتدمير جيرانها والتآمر عليهم، ولا يتوافق مع ما يقال إنها تسعى للحصول على دور سياسي في المنطقة، وهذا من حقها، ولكن ما تقوم به هو دور تخريبي بحت لا يمكن فهمه.

التخريب القطري استهدف دول كبرى ومهمة في المنطقة، مثل السعودية ومصر وغيرهما، حيث يعتقد السياسيون القطريون أن إضعاف الدول الكبرى يعطيهم قوة ومكانة أكبر في المنطقة.

واختتم السيد زهرة حديثه في برنامج "ما وراء الخبر" بالتأكيد على أن اعلام قطر، وبالذات قناة الجزيرة الفضائية لا تتمتع بإعلام مهني ولا يمكن أن نتوقع منه الموضوعية أو الحيادية، مشيراً إلى أن الإعلام القطري أداة سياسية وليس مهنياً، وله مهمات محددة يقوم بتنفيذها، لذلك لا يجد أي مانع من تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام والتزوير للوصول إلى أهدافه وتبييض وجه القوى الإرهابية.

من جانبة أشار المستشار الإعلامي السعودي، عبدالرحمن الهزاع، إلى أن النظرة التحليلية للمكالمة يمكن أن توضح بعض النقاط، الأولى أنه لا يمكن للقطريين أن يصنعوا من الآخرين جهلة لما يجري في الإعلام، الثاني أنه لا يمكن إنكار المكالمات أو نفي ما جاء فيها، ولا يمكن أن يكون الاتصال الأول بين الجانبين، بل إن هناك من مهد لأرضية بينهما، وهو ما يعني أن النية مبيتة لزعزعة الأمن في البحرين.

وتساءل الهزاع؛ كيف تسعى لوساطة وأنت تحرض على الإرهاب وتفتت وحدة الصف الخليجي وتسخر الإعلام ليكون داعماً للارهابيين؟ كل ذلك يؤكد أنه لا يوجد مؤشر واحد على حسن النوايا القطرية، لذلك نقول لهم كفى خداعاً ومراوغة، فكل ما جاء بالمكالمات هو شر يراد لمملكة البحرين.

وعن تحايل الدوحة لمحاول خداع الخليج والعرب، أشار المستشار الهزاع إلى أن الإعلام القطري مرآة تعكس ما يدور في أروقة القيادة القطرية، وهذا الإعلام عليه تحفظات كثيرة، آخرها دور قطر في تمويل مجموعة إعلامية وبعض الصحف ضد البحرين، وهو ما كشف عنه خلال لقاء حمد بن جاسم وأحد الموجودين على قائمة الإرهاب المدعو سعيد الشهابي، وهو ما يعني حال من التناقض؛ إذ لا يكن القبول بوجهة نظر يطرحها شخص إرهابي ومن ثم الادعاء أنها إعلام وحقائق.

وأشار الهزاع إلى أن الوساطة تسعى لحلول سلمية، ولكن السياسية القطرية تعاني من انفصام شخصية، حيث إن هناك توجهاً للعنف وزعزعة الأمن وهو ما تنباه القطريون في مكالماتهم، بالمقابل كانوا يتحدثون عن وساطة ورأب للصدع، وهو ما لا يمكن ان يتوافق مع بعضهم.

وأضاف أن ما صرح به وزير الخارجية القطري، بأن دول الخليج تحاول زعزعة سياسة بلاده الخارجية مدعاة للسخرية، فمن يسعى إلى الإضرار بالجيران والشركاء في الإقليم هي سياسة الدوحة، لذلك فحالة التبرير غير مقبولة حيال ما صدر عبر المكالمات، وهو ما يؤكد انفصام الشخصية السياسية القطرية وتناقضها.

وعن ممارسات الإعلام القطري وطريقة تعامله مع المكالمات المسربة، أشار المستشار الهزاع إلى أن الإعلام يعكس سياسيات الدول وتوجهات قادتها، وبالتالي لا نستغرب هذا الاتجاه القطري، ولكن على القطريين أن يفهموا أن المواطن الخليجي لا تنطلي عليه سياسة التدليس والتمويه.

إلى ذلك؛ شاركت النائب في البرلمان البحريني رؤى الحايكي بالبرنامج من خلال مداخلة هاتفية أكدت فيها الرفض التام للتدخلات الخارجية في شؤون البحرين الداخلية، ومعربة عن استغرابها من تورط مستشار أمير قطر في دعم العنف والارهابي في البحرين من خلال المكالمة الهاتفية التي تم الكشف عنها.

وكررت الحايكي رفض السياسيات القطرية التي تسعى إلى تأزيم الاوضاع في المنطقة، لأنه يشق الصف الخليجي والعربي، في الوقت الذي نطمح به جميعاً إلى تعزيز التقارب والتلاحم بين شعوب المنطقة وصولاً إلى الاتحاد الخليجي.

واختتمت الحايكي مداخلتها الهاتفية بالتأكيد على حق البحرين في حماية أرضها والحفاظ على استقرارها، خصوصاً بعد أن تكشفت أركان المؤامرة عليها، والسعي الحثيث للتمسك بالمشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، والحقوق الوطنية التي كفلها دستور مملكة البحرين والقانون الدولي.

أما الكاتب والإعلامي السعودي عبدالرزاق السنوسي، فقد أوضح في مكالمة هاتفية له أنه ومنذ حضور أحمدي نجاد قمة مجلس التعاون عام 2007 في العاصمة القطرية الدوحة، كان من الواضح التقارب القطري الإيراني، وأن الأيام ستكشف المزيد منه، وهو ما حدث بالفعل طوال السنوات الماضية.

وأشاد السنوسي بالحكمة والحنكة والجرأة التي يتمتع بها صاحب الجلالة الملك المفدى، حيث استطاع جلالته إخراج البحرين من أزمتها، بل وخرجت بصورة أقوى من ذي قبل، ولديها القدرة على ردع الجماعات الإرهابية ومن يقف وراءهم سواء أكانت قطر أم غيرها من الدول.

واعتبر السنوسي أنه من السذاجة أن يصدق أي عاقل أن فحوى المكالمات التي تم بثها تهدف إلى الوساطة ورأب الصدع، عدا عن استنكاره الشديد على مستشار أمير قطر أن يتكلم كمسؤول بل وكمواطن خليجي بهذا الأسلوب الذي يستهدف أمن واستقرار بلد شقيق وجار، مشيراً إلى أن الإعلام القطري عمل لسنوات على خداع البسطاء في العالم العربي من خلال خطاباته التي تعمل على شحن النفوس ودفع المواطنين لتخريب أوطانهم واستهداف مقدرتها ومنجزاتها.