السؤال الذي قد تفضي إجابته إلى تحليل المشهد الحاصل اليوم بين دول الخليج العربي وقطر وتحركات الأخيرة الدبلوماسية بالخارج هل اتجاه وزير خارجية قطر إلى الدول الأوروبية يأتي فقط لأجل البحث عن مفاوضات ووساطة دولية ومحاولات قطر للتمسك بأي قشة أمل لضمان استمرار مشروعها بالطريقة التي تريدها هي وبالتفاوض الذي تراه مناسباً لها بدلاً من الخضوع لمتطلبات الوضع في دول الخليج العربي ومطالبهم لها؟

أم أن زمام الأمور بالأصل لم يعد بيد قطر لوحدها ولم تعد هناك قدرة على اتخاذ القرار دون الرجوع قبلها لمن هم يمثلون امتداد مشروعها ومرتبطين به بحيث نجدها بدلاً من الاتجاه إلى الرياض - حيث يكمن الحل هناك - تتجه إلى بعض الدول الأوروبية التي على ما يبدو أنها تدعم مشاريعها الإرهابية في المنطقة بالباطن! ما مدى الارتباط الحاصل بينها وبين هذه الدول الأوروبية حتى نجدها تركز وتعول على حل الأزمة من خلال زياراتها الدبلوماسية الخارجية وهل هذه الزيارات اختيارية او الزامية وتأتي لكونها مضطرة لها حتى تصيغ القرار القادم للسياسة القطرية وتحدد موقفها تجاه مطالبات دول الخليج العربي بالتوقف عن دعم المشاريع الإرهابية بالمنطقة؟

من الممكن استقراء الجواب من خلال تصريح وزير الخارجية القطري لشبكة «بي بي سي» البريطانية حينما قال إن الحكومة البريطانية يجب عليها «ركزوا هنا» أن تتدخل لدعم جهود بلاده لرفع الإجراءات التي فرضتها دول الجوار أي أن قطر تركز في تحركاتها على رفع الإجراءات وتطالب بالتدخل الخارجي في القرار الخليجي وممارسة الضغط دون الاهتمام بمطالب دول الخليج العربي منها والتي كانت سبب الأزمة بتوفير تعهد وضمان بوقف تمويل الجرائم الإرهابية.

كما أن مطالبة الحكومة البريطانية دول الخليج بتخفيف الإجراءات المفروضة على قطر علامة استفهام أخرى أمام كل الحقائق التي قدمت من الجانب الخليجي حول مدى تورط قطر بتمويل الخلايا الإرهابية التي قامت بجرائم إرهابية خطيرة تهدد السلم القومي والأمني في المنطقة العربية وعند تأمل تصريح وزير الخارجية البريطاني بعد لقائه بوزير خارجية قطر حينما قال: أشعر بالقلق بسبب بعض الإجراءات القاسية التي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين «ركزوا هنا» بحق دولة شريك لنا، بالمناسبة أليس هذا القلق هو نفسه القلق الذي كان يظهر بعد كل إجراء حازم تتخذه مملكة البحرين تجاه العمليات الإرهابية على أرضها؟

سؤال، هل قطر اليوم دولة مخترقة بالخلايا الإرهابية وبصناع قرار من الخارج مفروضين عليها بحيث لم تعد تأمن أن فكت العقد التي بينها وبينهم إلا يقلبوا عليها ويحولوا أرضها لساحة حرب ممانعة في التخلي عن مشروعهم ومغادرة أرض خليجية استقبلته، ما صدقوا أن وجدوا فيها بيئة خصبة تزرع فيها مؤامراتهم وتكون قريبة من عقر دار دول الخليج العربي؟

هل قطر دولة اختطفت ودخلت في لعبة سياسية لم يعد فيها خط رجعة وأن مورس خط الرجعة فقد تكون هي أول من يدفع فاتورته غالياً؟ هل قطر تجد نفسها اليوم قد انجرفت في تيار ليس له خط عودة والتيار الذي أخذها لن يرجعها؟ هل هناك مأزق وضعت قطر نفسها فيها وتورطت بأمور وأجندة استمسكت ضدها وإن كشفت للرأي العام فالثمن عليها وعلى نظامها سيكون غالياً؟ هل نظرية دول الاستعمار التي تغتال في النهاية شريكها في مؤامرتها ومن وضعته ولم يطبق اوامرها حاضرة في المشهد القطري اليوم؟

الموقف البريطاني المتذبذب لا يمكن لقطر التعويل عليه خاصة وان بريطانيا قد اكتوت أيضاً بالعمليات الإرهابية التي قامت بها خلايا إرهابية تواردت معلومات أن قطر تدعمها بالباطن كتفجير مانشستر الأخير وما حملته تقارير تفيد بارتباط قطر بالخلايا الإرهابية الليبية التي نفذته، الموقف البريطاني قد يمارس مع النظام القطري مثل ما مارسته قطر مع دول الخليج العربي بالباطن، يضربهم إرهابياً وبالعلن يتعاون معهم، فبريطانيا تدعو قطر إلى تفهم مخاوف دول الخليج العربي والتعاون معها في حين «قد» تكون بالباطن لها علاقة وارتباط بأجندتها.

المحادثات الخليجية البريطانية في لندن والمفاوضات الجارية لن تكون محل ترحيب وتقبل خليجي إلا إذا غيرت قطر من سياستها وسعت الى رأب الصدع «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» فالمشكلة ليست عند دول الخليج العربي حتى يتم التفاوض معها انما عند النظام القطري الذي أخذ يجور على أمن اشقاءه وجيرانه، لذا فالكرة في ملعبهم وهم من بيدهم الفوز في هذه المباراة أو الخسارة النهائية والخروج من دوري الوحدة الخليجية!

ولا نغفل أن هناك قراءات في المشهد الخليجي القطري ترى أن دول الخليج العربي ستركز في الفترة المقبلة على ملاحقة قطر قضائياً عبر المؤسسات الدولية لتعويضها عن الخسائر الاقتصادية والبشرية التي تكبدتها جراء الإرهاب القطري الإيراني.

*مثل شعبي: «اللى أكله ما هو من فأسه.. رأيه ما هو من رأسه».