الموصل - (رويترز): فتحت قوات عراقية طرقا لخروج مئات المدنيين لتمكينهم من الفرار من المدينة القديمة في الموصل فيما تقاتل لاستعادة الحي التاريخي من أيدي متشددي تنظيم الدولة "داعش" الذين يقاومون في مواجهة أخيرة دفاعا عن معقلهم الرئيسي الأخير في العراق. وتوجه قوات عراقية دربتها الولايات المتحدة على حرب المدن هجومها إلى شارعين متقاطعين في قلب المدينة القديمة بهدف عزل المتشددين في أربعة جيوب. وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها من ارتفاع عدد القتلى المدنيين في المدينة القديمة المكتظة بالسكان وقالت إن ما يصل إلى 12 مدنيا قتلوا فيما أصيب المئات. وقالت ليز جراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق في بيان "القتال شرس جدا في المدينة القديمة والمدنيون يتعرضون لخطر شديد ويصعب تخيله. هناك تقارير عن أن آلافا وربما عشرات الآلاف من الناس محتجزون دروعا بشرية" لدى "داعش". وتابعت قائلة "مئات المدنيين بينهم أطفال يتعرضون لإطلاق النار". وتتطلع السلطات العراقية إلى إعلان النصر على "داعش" في المدينة الواقعة شمال البلاد في عطلة عيد الفطر. وذكرت تقارير أن طائرات هليكوبتر تقدم الدعم للهجوم البري بقصف تحصينات المتشددين في المدينة القديمة. ويفتح تقدم القوات الحكومية ممرات للهروب للمدنيين المحاصرين في مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم. وخرجت أسر بأعداد قليلة ولكن متواصلة يحمل بعضهم أطفالا مصابين أو يعانون من سوء التغذية. وقالت إحدى الأمهات "طفلي لم يتناول إلا الخبز والماء على مدى الأيام الثمانية الماضية". ووصل 100 مدني إلى منطقة آمنة تسيطر عليها القوات الحكومية غرب المدينة القديمة خلال 20 دقيقة وقد بدا عليهم التعب والجوع والخوف. ووزع عليهم جنود الماء والطعام. ولا يزال أكثر من 100 ألف مدني يعتقد أن نصفهم من الأطفال محاصرين في بيوت عتيقة في المدينة القديمة في ظل نقص في إمدادات الغذاء والماء والرعاية الطبية. وتقود وحدات دربتها الولايات المتحدة على حرب المدن القتال في متاهات الشوارع الضيقة بالمدينة القديمة متنقلين من منزل إلى منزل في مواقع أضيق من أن تسمح باستخدام عربات مدرعة. وتقول منظمات إغاثة والسلطات العراقية إن التنظيم يحاول منع المدنيين من المغادرة لاستخدامهم دروعا بشرية. وقتل مئات المدنيين لدى محاولتهم الفرار من المدينة القديمة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية. ويقدم تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة دعما بريا وجويا للحملة المستمرة منذ ثمانية أشهر لاستعادة السيطرة على الموصل وهي أكبر مدنية سيطر عليها التنظيم المتشدد في اجتياح مفاجئ لمناطق من العراق وسوريا قبل ثلاث سنوات. وتمكنت الحكومة العراقية بدعم من الولايات المتحدة من انتزاع عدة مراكز حضرية مهمة في حملات عسكرية غرب وشمال البلاد من أيدي "داعش" على مدى 18 شهرا مضت.

وقال محللون عسكريون إن حملة بغداد لاستعادة السيطرة على الموصل اكتسبت زخما بعد تفجير "داعش" لمسجد النوري الكبير الذي يعود تاريخ بنائه إلى 850 عاما مضت بمنارته الحدباء الشهيرة. ومنح تدمير المسجد للقوات حرية أكبر في شن هجومهم إذ أنهم لم يعودوا قلقين من الأضرار التي قد تلحق بالموقع الأثري على الرغم من إدانات من السلطات العراقية ومن الأمم المتحدة لارتكاب المتشددين جريمة جديدة ضد التراث الثقافي. وكان منبر هذا المسجد هو الموقع الذي كشف فيه زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي عن هويته للعالم للمرة الأولى بصفته "خليفة" لكل المسلمين في 4 يوليو 2014. وكان عدد سكان الموصل وقتها يفوق المليوني نسمة. ويقول مسؤولون أمريكيون وعراقيون إن البغدادي فر إلى منطقة صحراوية ممتدة بين العراق وسوريا في مرحلة مبكرة من هجوم الموصل وترك القتال لقادة محليين في "داعش". ولم تؤكد السلطات العراقية ولا قوات التحالف تقارير صدرت مؤخرا عن روسيا تقول إنه قتل. وكانت الحكومة العراقية تأمل في البداية في أن تستعيد الموصل بنهاية عام 2016 لكن الحملة استغرقت وقتا أطول مع تعزيز التنظيم لمواقعه في الأحياء الداخلية للشطر الغربي للمدينة وقيامه بشن تفجيرات انتحارية بسيارات ودراجات بخارية ملغومة ونشر ألغام وإطلاقه وابلا من نيران القناصة وقذائف الهاون. وتعني السيطرة على الموصل نهاية فعلية للشطر العراقي من "الخلافة" لكن التنظيم لا يزال يسيطر على مناطق ريفية ومدن صغيرة في العراق وسوريا. وشرق سوريا طوق تحالف يهيمن عليه الأكراد وتدعمه الولايات المتحدة مدينة الرقة المعقل الرئيس للتنظيم في البلاد.