في الأعياد على وجه الخصوص تشاغب كتاب المقالات السياسية فكرة التمرد على ما تعودوا الكتابة فيه وما تعود عليه قراؤهم ويتوقعونه منهم، فيعاهدون أنفسهم على الكتابة في موضوعات بعيدة عن السياسة - التي هي في كل الأحوال هم وغم وتكدير صفو - بغية المشاركة في توفير لحظة فرح. ورغم الحماس الذي ينتابهم قبل حلول العيد إلا أنهم لا يتمكنون غالباً من ترجمة هذه الرغبة إلى واقع، فالأحداث لا تتوقف في الأعياد ولا يمكن تأجيل الكتابة عنها خصوصاً إن كانت ذات تأثير في الحياة اليومية للناس وتسيء للوطن. من هنا فإن الطبيعي هو أن يستمر الكاتب في نهجه وإلا بدا وكأنه بعيد عن الواقع.

ولأن أمراً كالذي حدث في حلقة الأربعاء الماضي من البرنامج اليومي المتخصص في الإساءة إلى البحرين والذي تبثه الفضائية السوسة «العالم الإيرانية» لا يمكن تجاوزه لذا فإن الكتابة عنه تعتبر طبيعية. في تلك الحلقة تمت استضافة مواطن بحريني يحمل في صدره هم الوطن وله قناعاته وآراؤه التي يجهر بها من دون تردد أو خوف. ليست المرة الأولى التي تتم استضافته في ذلك البرنامج لكنها ربما تكون الأولى التي يتعرض فيها إلى إهانة بشكل مباشر ومقصود.

القصة باختصار أنه سئل عن رأيه في موضوع معين فأبدى رأيه الذي لم يعجب أهل البرنامج وبقية المشاركين فيه فتكالبوا عليه وانتقدوه بقسوة، ويبدو أنه فهم كلام أحدهم على أنه تهديد مبطن فعبر عن ذلك ببساطة وأعلن عن عدم قبوله لهذا الأسلوب. القصة بدأت بعد ذلك حيث رد عليه المشارك من لندن والذي يحمل درجة الدكتوراه رداً لا علاقة له بالموضوع فقال «يبدو أن فلاناً لأنه بحريني من أصول غير عربية لم يفهم كلامي» وهو رد لا يختلف اثنان على أنه سخيف بل سخيف جداً، إذ ما دخل أصل وفصل الرجل في الموضوع ورأيه وموقفه؟

ورغم أن مقدمة البرنامج التي كان واضحاً انحيازها إلى ذلك «اللندني» سمحت له بهذا التجاوز ولم ترد عليه إلا أنها حاولت منع المتضرر من الرد بقولها إن هذا ليس هو موضوعنا وذلك عندما قال ما معناه «إنك تريد أن تقول إن أصلي فارسي فلتكشف عن أصلك لو كنت تجرؤ خصوصاً وأننا نعرف من أين أتيت».

المتابع للمناقشات التي يشارك فيها من صاروا يعتبرون «رموزاً للمعارضة» لم يعد يستغرب من هكذا ردود، فمن يفتقر إلى المعلومة والرأي المقنع لا يجد أمامه غير تجريح خصمه لعله بذلك يغطي ضعفه وقلة حيلته. الإيجابي في ردودهم هو توفيرهم مثالاً عملياً على مستوى من يعتبرون أنفسهم «قياديين وثوريين».