خلال أيام رمضان المباركة، سعى أمير الكويت حفظه الله مشكوراً إلى احتواء الأزمة الخليجية، من خلال إيجاد وساطة كويتية بين دول الخليج العربي وقطر حيث ظل متكبداً عناء السفر بين الدول الخليجية على أمل انتهاء الأزمة.

وقد سعت الوساطة الكويتية إلى إيجاد بصيص نور وأمل للخروج من نفق المقاطعة الخليجية الحاصلة، وبعد الزيارات المتتالية لأمير الكويت لبعض الدول الخليجية قام الوسيط الكويتي بتسليم قطر وثيقة الشروط من قبل الدول الخليجية والعربية والتي تحتوي على 13 مطلباً.

وفي تصرف يخلو من المسؤولية والاحترام لدور الكويت وعدم تقدير بادرتها الطيبة بأخذ زمام الوساطة، قامت قطر بتسريب وثيقة الشروط إلى وسائل الإعلام، لشن حملات عدائية تهاجم من خلالها دول الخليج العربي، وتدعي أن مطالب الوثيقة تأتي لفرض وصاية على النظام القطري والتدخل في شؤونه الداخلية.

قطر بتصرفها الأحمق هذا تؤكد أنها لا تسعى للحل والتهدئة والبحث عن نقطة تلاقٍ تعيد ترميم القطيعة الحاصلة وأنها غير متمسكة بأي حبل ممدود بالود من الجانب الخليجي يسعى للمصالحة معها، بل تسعى لقطعه إن مد لها، هي لا تسعى لأي جسر خليجي بقدر ما تسعى إلى كسب المزيد من الوقت للاستمرار في منهجيتها، لعلها تنجح من خلال الزيارات الحالية لوزير خارجيتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية في كسب تحالفات جديدة وتغيير المعادلة الحاصلة لصالحها دون أن تعي أن الحزب الديمقراطي في أمريكا سحب البساط منه وسحبت معه سياساته الفوضوية في منطقة الشرق الأوسط!

قيادة وشعب الكويت الشقيقة عليهم أن يدركوا هذا الموقف القطري المتهور، وتسريب وثيقة الشروط من قبل النظام القطري يوصل رسالة مفادها أن الدوحة لن تتجاوب مع وساطتهم، ولا تحترمها، وأنها لن تنفذ الشروط، فقطر لا تريد حلاً حقيقياً ولا تريد تصحيح أوضاعها ولا تريد كف شرها عن العرب والمسلمين، إنما تريد الاستمرار في لعبتها السياسية الحمقاء وإن كان ذلك يأتي عن طريق التعاون مع العصابات الإرهابية في المنطقة.

على الكويت الفطنة إلى عدم احترام قطر للدور الكويتي وتعنتها وأنها لم ولن تتجاوب مع الوساطة الكويتية بقدر ما أرادت استغلال أي مبادرة لصالحها والتكسب من وراء أي مفاوضات لدعم موقفها بأية طريقة وإن كانت الطريقة تسريب الوثيقة للادعاء بأن هناك تدخلاً تسعى إليه بعض دول الخليج في شأنها الداخلي وأن مطلب إغلاق قناة «الجزيرة» التي دأبت ليل نهار على تجنيد نشاطها الإعلامي ضد الخليج والعرب يأتي ضمن سياسة تكميم الأفواه وتقييد الحريات الإعلامية!!

هي أرادت فقط أن «تمسك» بأي خطاب رسمي يكشف لها بوضوح مطالب وخطوات دول الخليج العربي القادمة وأهدافها ويوضح بدقة أين تتجه بوصلة مواقفها القادمة بعد ردة فعلها تجاه تصريح أمير قطر الذي بثته وكالة الأنباء القطرية وادعت أنه مخترق، أرادت أن تستكشف وتستبصر مطالب دول الخليج بعد القطيعة الحاصلة، لتقلبها وتزورها متوهمة أن تسريبها سيدعم ادعاءاتها الباطلة ومهاتراتها المضللة عن طريق قوتها الإعلامية، التي كشفت أوراقها وعرت أجندتها أصلاً، ولم تعد تنطلي على الرأي العام أقله الرأي العام العربي! لقد وجدت في الوساطة الكويتية مدخلاً يمكن فيه استدراج دولة شقيقة لها لكي تكون وسيطاً بينها وبين دول الخليج العربي في حين كانت هي تبيت نية ممارسة دور التحدي والمماطلة والتلاعب بلذة!

كل هذه التصرفات تؤكد فوضوية قطر وكان من الأجدى أن تحترم قطر قيادة كقيادة الكويت ولا تدخلها في متاهاتها وتضيع وقتها طالما هي من البداية لا تود الصلح ولا المساعي الخيرة، كان من الأجدى ومن واجبات الأدب والأخلاق و»السنع» أن تحترم مساعي الكويت الطيبة، حتى لو لم تكن تود قبول شروط الوثيقة، أقله احترام من تعنى وسافر وتعب خلال أيام رمضان المباركة لأكثر من دولة خليجية، لإيجاد حل للأزمة الخليجية، وعدم إحراجه أمام أشقائه الخليجيين، بهذا التصرف الذي يفتقد إلى الذوق!

تصرف قطر الأرعن بتسريب الوثيقة يكشف لنا أمراً مفاده أن قطر تود الاستمرار في فوضوية المواقف ولا تود تغيير مشروعها التدميري في منطقة الشرق الأوسط. والسؤال الأكثر إلحاحاً بعد كل هذا، لماذا لم تحترم قطر دولة الكويت ومساعيها الطيبة ولماذا لا تحترم الوساطة الكويتية عندما سلمتها الكويت وثيقة الشروط بثقة وأمانة، في أن يكون الموضوع محل بحث ودراسة من قبل النظام القطري دون أن ينشره على الملأ أمام محطات الإعلام العالمية، وتقوم الدوحة بتحويره والتلاعب به، فهل ستحترم قطر الالتزام بالشروط أصلاً فيما «لو» وافقت عليها؟!