عواصم - (وكالات): يواصل مقاتلو تنظيم الدولة "داعش" القتال للتشبث بآخر بضعة شوارع مازالت تحت سيطرتهم في المدينة القديمة بالموصل فيما بدا وكأنه آخر لحظة صمود يائسة في معقلهم السابق، في حين عاد التنظيم إلى تصعيد هجماته الانتحارية في مواجهة تقدم القوات العراقية التي تخوض معارك شرسة في آخر المساحات التي لا تزال تحت سيطرته في المدينة القديمة غرب الموصل شمال العراق، بينما أعلنت السلطات أنها تستعد للاحتفال بالنصر.

وتقلص عدد مقاتلي التنظيم المتطرف في الموصل من آلاف عندما بدأت القوات الحكومية هجومها قبل أكثر من 8 أشهر إلى نحو مئتين الآن وفقا لبيانات الجيش العراقي.

وبالوصول إلى نهر دجلة، المتوقع خلال هذا الأسبوع، تكون القوات العراقية قد سيطرت بالكامل على المدينة.



ومن المتوقع أن يزور رئيس الوزراء حيدر العبادي الموصل ليعلن النصر رسميا وهناك خطط لاحتفالات في مختلف أرجاء البلاد تستمر أسبوعا.

وبعد أكثر من 8 أشهر على انطلاق أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق لاستعادة الموصل، بات تنظيم الدولة "داعش" محاصرا داخل مساحة صغيرة في المدينة القديمة، بعدما كان يسيطر على أراض واسعة منذ عام 2014.

وأكد قائد قوات مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الغني الأسدي أن "القتال يزداد صعوبة يوما بعد يوم بسبب طبيعة المدينة القديمة من أزقة وشوارع ضيقة وقريبة جدا من منازل المدنيين".

لكنه أشار أيضا إلى أن "هذه النقطة أيضا تخدم جنود مكافحة الإرهاب حيث أن المباني العالية والأزقة تساعد في تواريهم عن قناصة "داعش"".

وشدد الأسدي على "وجود خسائر في كل الحروب، وهذا شيء طبيعي، ولكن خسائرنا ليست بالحد الذي يمنعنا من التقدم في المعارك".

من جهته، لفت الفريق الركن سامي العارضي من قوات مكافحة الإرهاب إلى إنه "ما زال هناك 200 مقاتل من تنظيم "داعش"، 80 % منهم من أصول أجنبية ومعظمهم يتواجدون مع عائلاتهم".

ورجح أن "تنتهي المعركة خلال 5 أيام إلى أسبوع".

ورغم أن المنطقة التي لا يزال يسيطر عليها التنظيم صغيرة، غير أن أزقتها وشوارعها الضيقة بالإضافة إلى تواجد مدنيين بداخلها، تجعل العملية العسكرية محفوفة بالمخاطر.

وأشار العارضي أيضا إلى أن "العدو يستخدم الانتحاريين، خصوصا النساء منذ الأيام الثلاثة الماضية، في بعض الأحياء. قبل ذلك، كانوا يستخدمون القناصة والعبوات الناسفة أكثر".

وفرضت قوات مكافحة الإرهاب إجراءات أمنية جديدة على المدنيين النازحين من الموصل القديمة، طالبة منهم خلع بعض الملابس قبل الاقتراب من الحواجز.

وطلب من الرجال خلع قمصانهم والبقاء فقط بالبنطال، فيما على النساء أن ينزعن نقابهن أو عباءاتهن.

وتأتي تلك التدابير بعد تفجيرين انتحاريين نفذتهما مؤخرا طفلتان، عمرهما 14 و12 عاما، وأسفرا عن مقتل 3 عناصر من قوات مكافحة الإرهاب، وفق ما أفاد جنود.

وبدأت القوات العراقية هجومها على الموصل في 17 أكتوبر، فاستعادت الجانب الشرقي من المدينة في يناير، قبل أن تطلق بعد شهر هجومها على الجزء الغربي.

وأعلنت تلك القوات في 18 يونيو بدء اقتحام المدينة القديمة، وباتت الآن في المراحل الأخيرة من الهجوم.

ويتلقى المدنيون الفارون من المعارك العلاج في عيادة ميدانية في منطقة تمت استعادتها غرب الموصل.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني في محافظة نينوى، انتشال جثث ضحايا في منطقة الزنجيلي، استهدفهم قناصة "داعش" قبل أيام في غرب الموصل.

وقال مدير الدفاع المدني العميد محمد الجواري "تم انتشال 50 جثة لضحايا مغدورين (...) بشمال منطقة الزنجيلي".

وأضاف أن عملية انتشال الجثث مستمرة، بعدما بدأت الأحد إثر استعادة السيطرة على المجمع الطبي "الذي كان يتخذه عناصر داعش (...) مكانا لقنص المدنيين".

ورغم التقدم الكبير للقوات العراقية في الموصل القديمة، لا يزال إعلان حسم المعركة محط أخذ ورد بين القوات المشاركة.

وأشار بيان منسوب للشرطة الاتحادية إلى أنها "تزف (...) نصرها المؤزر الذي تحقق في أرض الموصل"، في وقت أقامت فيه قوات الشرطة احتفالات في المدينة بالرقص ورفع الأعلام واللافتات.

ورغم أن خسارة الموصل ستكون ضربة كبيرة للتنظيم، فإنها لن تمثل نهاية التهديد الذي يشكله، إذ يرجح أن يعود المتطرفون وبشكل متزايد إلى تنفيذ تفجيرات، على غرار الاستراتيجية التي كانت متبعة في السنوات الماضية.

وفي هذا الإطار، قتل 14 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال الأحد، بعدما فجر انتحاري نفسه داخل مخيم للنازحين العراقيين في محافظة الأنبار، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية.

ولا يزال التنظيم يسيطر على مناطق غرب الأنبار، رغم تمكن القوات العراقية من طرده من المدن الرئيسة في الرمادي والفلوجة ومناطق أخرى في المحافظة.