قبل عدة أيام، وجه خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمةً للأمتين العربية والإسلامية بمناسبة عيد الفطر قال فيها: «يعاني العالم اليوم من الإرهاب بشتى أصنافه، وكافة ألوانه وأنماطه، فهو آفة هذا العصر، بما نتج عنه من فساد للسكينة والسلام اللذين كانا يخيمان على المجتمعات الآمنة». ويأتي هذا الخطاب في وقت دخلت فيه الحرب على الإرهاب مراحل حاسمة نتيجةً للتطورات الأخيرة في المنطقة، والتي قد تشكل علامةً فارقة في تاريخ الأمم ذات الشأن.

ومازال هناك فريقٌ -يضم عناصر ظاهرة وخفية- يعمل على ربط الإرهاب بالإسلام. ويبدو أن هؤلاء نسوا الجماعات الإرهابية المتنوعة التي برزت عبر السنين الماضية كحركة «كو كلوكس كلان» المتطرفة في الولايات المتحدة، ومنظمة «إيتا» الانفصالية في إسبانيا، ومنظمة «الألوية الحمراء» في إيطاليا، وجبهة «تحرير كيبك» في كندا.

ونحن في البحرين -بلد السلم والأمن- نسمع عن الإرهاب وأهواله عبر شاشة التلفاز ووسائل الإعلام المتعددة، لكننا لم نستشعر به إلا في السنوات الأخيرة بسبب الأعمال الإرهابية التي استهدفت رجال الأمن البواسل والآمنين من سكان هذا البلد وكذلك المرافق والمنشآت. ولقد أصبح الإرهاب حديث المجتمع البحريني، إذ إن الشعب البحريني شعبٌ مثقف ومتعطش لمعرفة المزيد من المعلومات والتفاعل مع القضايا محل اهتمام الرأي العام، إلا أنه يجب أن يكون هذا الحماس مقترناً باستقاء المعلومات من مواد أو مصادر إعلامية موثوق بها، فالإعلام بأطيافه سلاحٌ يمكن أن يكون واقياً أو مدمراً.

ومازالت هناك حواجز بين وسائل الإعلام الرسمية والرأي العام في عصر الإعلام الجديد، وهناك أسبابٌ عدة لهذا الخلل من بينها عدم وجود آلية واضحة للاتصال بالرأي العام وعدم وجود قيادات إعلامية ثابتة. ونأمل أن تكلل جهود القائمين على مركز الاتصال الوطني -الذي أنشئ بموجب المرسوم رقم «84» لسنة 2016- لمعالجة تلك الإشكاليات بالنجاح. كما نرجو من تلفزيون البحرين أن يقوم بإعادة بث إحدى حلقات برنامج «وقفات» للشيخ الدكتور راشد الهاجري، والتي تم فيها استضافة باحث من المملكة العربية السعودية مختص بقضايا الإرهاب.

وقد استوقفني خبرٌ نشرته صحيفة «القبس» الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 1 ديسمبر 2004 حول اجتماع لوزراء الإعلام بدول مجلس التعاون عقد قبيل قمة «المنامة» في أواخر عام 2004، حيث ذكرت الصحيفة أن المملكة العربية السعودية تقدمت بورقة تتعلق بمكافحة الإرهاب في إطار إعلامي، وأن دولة قطر تحفظت على بند -ورد في تلك الورقة- يدعو وسائل الإعلام الرسمية والخاصة بدول المجلس «إلى عدم تبني ما من شأنه دعم الإرهاب، ولا سيما الرسائل التي يقوم بتسجيلها الإرهابيون، ويجري بثها في وسائل الإعلام الخليجية».

التعليم هو مهد الرقي والعلياء، وعنصر التربية مرتبطٌ بالتعليم ارتباطاً لا يقبل بالتجزئة. فالتعليم لا يمكن أن يحقق غاياته دون هذا العنصر، إذ إنه من المفترض أن يعمل العنصران على تأهيل الطالب ليكون فرداً صالحاً وفاعلاً في مجتمعه، وأن يشكل نواةً لأي تطور يصب في صالح المجتمع. لذا فإنني أعتبر وزارة التربية والتعليم وزارةً سيادية لأن مستقبل البلد ونهوضه ثقافياً واقتصادياً متوقفٌ على هذه الوزارة. ومن الضروري ألا يتم التغاضي عن العنصرين المذكورين أعلاه لأن مراعاتهما سوف يسهم بشكل كبير في معالجة العديد من الظواهر الدخيلة على مجتمعنا ومن بينها الإرهاب بشتى أنواعه. وللحديث بقية.

* مستشار بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف