أصبح الطرح عادياً عندما يتحدث أحد حول إعادة رسم الخريطة الجغرافية للشرق الأوسط، أو تقسيم دوله، أو استذكار المخططات القديمة في التاريخ من سايكس بيكو إلى مختلف المحاولات التي تلت غربياً وعربياً لإعادة تشكيل المنطقة، وكان آخر هذه المحاولات ما تم خلال ما سُمي بالربيع العربي الذي نتج عنه دول عربية هشة وفاشلة ودون سيادات.

تورطت قطر فيما سُمي بالربيع العربي، وكان لها دور بارز في اندلاع الثورات والحركات الاحتجاجية في الدول العربية، إضافة إلى تورطها الأهم في دعم وتمويل الجماعات الراديكالية الإرهابية. كان واضحاً من الدور القطري أنه يسعى لدعم أجندات التغيير في المنطقة من خلال الفوضى وما أتبعها من استقرار للفوضى مازال قائماً إلى اليوم. وكانت المخرجات المتوقعة من هذا الدور أن تتغيّر خريطة الشرق الأوسط بما يرضي بعض القوى التي تحالفت معها الدوحة، لكن يبدو أن النتيجة لم تتحقق حتى الآن رغم دموية هذه السياسة التي راح ضحيتها ملايين البشر، وضاعت وراءها مئات المليارات.

دائماً ما كانت الدوحة سبباً في إدارة المتناقض، وتقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، ولا أعتقد أن المسؤولين القطريين قد فكروا في فكرة أن تتعرّض بلادهم لنفس ما تعرّضت له البلدان الأخرى التي اكتوت بنيران السياسة القطرية. فإذا كانت الدوحة تعمل على تقسيم ليبيا، والعراق، وسوريا، وتفتيت البحرين، هل يمكن أن تتعرّض لنفس النتيجة؟

الدولة القطرية في حكم آل ثاني ليست قديمة بل حديثة باعتبارها كانت إقليماً تابعاً للبحرين، وفصلها المقيم البريطاني في الخليج الكولونويل لويس بيلي في معاهدة تم التوقيع عليها في 12 سبتمبر 1868 ليظهر أول حاكم من آل ثاني يحكم قطر، في الوقت الذي تعاقب فيه 7 حكام من آل خليفة على حكم البحرين وتوابعها آنذاك.

الفصل البريطاني كان قسرياً نتيجة الصراعات السائدة في تلك الفترة، وعندما حكم آل ثاني قطر حاولوا تزوير التاريخ والاستيلاء على البحرين، والزبارة، وجزر حوار، سواءً بالقوة أو عن طريق التحالفات مع القوى الإقليمية مثل إيران، أو عن طريق محكمة العدل الدولية التي ثبت تورط الدوحة بتزوير 82 وثيقة، ورشاوى قدمت للقضاة الدوليين في قضية النزاع الحدودي.

معطيات التاريخ بصدد التغيّر الآن، وقد تكون نتيجة السياسة القطرية تغيير شكل خريطتها الجغرافية المعروفة، لأن ذلك يمثل إعادة اعتبار للتاريخ، وتصحيح لمسار الجغرافيا السياسية في ظل الإمدادات القبلية المعروفة.