فاطمة عبدالله خليل

رأى الكاتب والباحث السياسي السعودي عبدالعزيز الخميس أن لا إمكانية لاستمرار العلاقات الخليجية – الخليجية عقب الأزمة مع قطر كما كانت عليه، عازياً ذلك لتكشف الاختلافات التي لم يعد للمشتركات التغلب عليها. وقال "لست متفائلا، لعدة أسباب أهمها عدم وحدة الأهداف، وتنوع الاستراتيجيات، والموقف من عصابات الإسلام السياسي، لذا لا مستقبل مشرقاً".

ولفت الخميس إلى أن "استصال الإرهاب ينبغي أن يكون على رأس أولوياتنا الخليجية"، مؤكدا أن "مدرسة الإخوان أنتجت لنا أسامة بن لادن والظواهري والبغدادي".



هل نتعلم من الأزمات؟

وحول الآراء المتفرقة التي باتت تتداولها وسائل إعلام دولية وعربية ويشير بعضها إلى أن الخلاف الخليجي – القطري سيمنح دولاً خليجية مزيدا من القوة، فيما يشير البعض الآخر إلى أن الخلاف سيكون بداية النهاية، قال الخميس، إن "الأزمات عند القوم الراغبين في التطوير والتقدم تعتبر محفزات لتعديل المسارات وتصحيح الأخطاء، لكن ما مر بنا من أزمات قدم لنا أدلة على عدم أخذنا العبر، وكيف أننا لم نقدم شيئاً يذكر لتحديث آليات مواجهة الأزمات. منذ أزمة غزو صدام الكويت ونحن من أزمة إلى أخرى، ويسود بيننا عدم الثقة والمخاوف".

الإعلام ليس المشكلة

وعن الإدارة الإعلامية لمحركات الأزمة الخليجية، وما إذا كان الإعلام طرفاً فاعلاً في تأجيج المشكلة أم حلها، قال الخميس "لا يخفى عليكم أن الإعلام مرآة المجتمع، وتعبير صادق عن همومه، وهو يتماهى مع سياسات دوله وأهداف استراتيجياتها، ولكنه لم يكن المشكلة يوماً بل هو الوسيلة"، وأضاف "حين تصبح لدولة ما سياسة دعم الإرهاب، فإعلامها يؤدي ما يطلب منه، خاصة أنه يسير بأيدٍ خارجية وظيفية لا هم وطني لها".

وسلّط الخميس الضوء على أهمية دعم الإعلامي الخليجي ليكون قادراً على إدارة الأزمات، من خلال "التثقيف والشفافية في عمله وعمل مؤسسات دولته (..) كإعلامي خليجي يعيش في الغرب، أتمنى أن يتطور الإعلام لدينا، وأن تصبح لدينا وسائل إعلام ذكية تخدم وطنها دون أن تنخرط في مشاريع شخصية"، وأردف "الفرق واضح بين الإعلامي المحلي والدولي، لكن ما يسعد أننا كإعلاميين نتطور بسرعة وأصبحنا في مواقع متقدمة عن غيرنا".

مجموعات النخبة مؤتمرات يومية

إلى جانب الدور الإعلامي، لفت الخميس إلى أهمية المجموعات الحوارية الخليجية للنخب، باعتبارها مؤتمرات منعقدة بشكل يومي، تسهم في تبادل الآراء وتخلق حوارات جادة ومماحكات قد تبعد وقد تقرب. وضرب الخميس مثالا بـ"مجموعة مراقبة الخليج" التي تضم نخبة من الوزراء السابقين والضباط المتقاعدين والمفكرين والباحثين في الخليج العربي، بالقول "مجموعة مراقبة الخليج جزء مهم في الحراك السياسي الخليجي، ونجحت في الحوار الذي يمثل هموم الخليجيين".

لا تعايش مع الظلاميين

في الأيام الأخيرة عاد اسم "الإخوان المسلمين" ليطفو على السطح بقوة وتصاعدت حدة المواد الإعلامية التي تتحدث عن أدوارهم في الخليج والدول العربية. وبات التنظيم يتلقى ضربات قاضية من أغلب الدول التي ذاقت ويلاته؛ فبعد الموقف المصري، ثم الإماراتي، جاء تصريح وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد ليحسم الأمر ليس في الموقف البحريني وحسب، بل بموقف الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب. وعلى مدى سنوات صدرت جملة من التحذيرات من الإخوان المسلمين ساقها كثير من الكتاب والمفكرين والنخب الخليجية، ومنهم عبدالعزيز الخميس الذي بحثت معه "الوطن" أسباب هجومه على الإخوان في كل منابره الإعلامية، فقال "أقف ضد الإخوان المسلمين لأنني مواطن أولاً ورب أسرة يريد حماية مجتمعه من شرورهم".

وأضاف "خلال مسيرتي الإعلامية راقبت دورهم القذر في مجتمعي والمجتمعات العربية، لذا سأظل مقاتلاً بقلمي ضدهم ما حييت".

ودفعنا الموقف الخليجي الرسمي والنخبوي من الإخوان المسلمين إلى المقاربة بينه وبين دعوة دول الخليج إلى السلام والتعايش، فطرحت "ضفاف الخليج" على ضيفها سؤالا عن المفارقة بين تلك الدعوة والحرب على بعض الجماعات، وعما إن كان من الأجدى التعايش بين المدارس الفكرية المنضوية تحت مظلة الإسلام؟ غير أن جوابه جاء سريعاً حازماً "لا تعايش مع الظلاميين"، موضحا "لا يمكن مد اليد للإرهاب وري جذوره بماء السلام؛ فمن يقتل ويحرض على العنف ويفجّر في الأبرياء والآمنين، لا يستحق أن يدرج تحت مفهوم التعايش والسلام". ولم يكتف الخميس بـ"الإخوان المسلمين" باعتباره رأس الحربة الإرهابية؛ بل ذهب إلى أن "المدارس التي تؤيد الإرهاب لا يمكن لنا منحها الحرية، المفترض أن تكون على رأس أجندتنا كخليجيين مقاومة ومكافحة واستئصال الإرهاب، وقد رأينا من هي المدرسة التي أنتجت لنا أسامة بن لادن والظواهري والبغدادي وهي الإخوان، كما راقبنا تلون خطابهم وتمسحه بمفاهيم الديمقراطية والتعايش".

الضفة السعودية الآمنة

من الزخم السياسي والإعلامي في الخليج العربي، انتقلنا والخميس إلى الضفة السعودية، نبحث في اتجاهها مع بوصلة الأمير محمد بن سلمان، فأجاب الخميس مبتسماً "ما أجمل السعودية بوجوده وبفكره وبأهدافه التنموية، وما أعظمها وعلى رأسها مولاي خادم الحرمين الشريفين، مسيرة وطن مستمرة. السعوديون يثقون في قيادتهم ويرون عملها الجاد لتطوير وطنهم ومؤسساته، وكلي ثقة أننا سنتقدم تنموياً وسنقضي على الإرهاب، وسنحدّث دولتنا بتلاحم بين القيادة والشعب، وليذهب الأشرار إلى الجحيم". وأضاف "من تجربتي المهنية، وكمواطن؛ أنا وغيري من السعوديين مطمئنون وواثقون ونعمل في خدمة أهداف حكومتنا العظيمة".

وألقينا مراسينا

عندما يُهدد أمن الوطن وتتكشف الروح القتالية في نفوس أبنائه يسهل الوصول إلى تلك النقطة العميقة من القلب، حيث الحب الأزلي الراسخ في السويداء، لذلك يبوح الخميس "أحمل الوطن في كل مكان أحل فيه، وأزوره باستمرار، لكن دوري في الخارج ضروري، وأعمل لخدمة وطني أينما حللت، ولا بد من الوطن مهما طال الزمن"، ومن الوطن ككل إلى النقطة الأكثر عمقاً داخله، يقول "تمثل سدير لي موطناً للذكريات، رغم أن مسقط رأسي الرياض، لكن لسدير نكهة خاصة؛ ففيها التاريخ والأصل وكنانة الوطن". بتلك الكلمات يبدو الخميس واقفا على ضفة من أرض صلبة، في حين نلقي مراسينا إلى أن نلتقي على ضفة أخرى مع ضيف مقبل.

// الخميس في نقاط


وُلد عبد العزيز الخميس 1961 في الرياض

درس الصحافة وتخرج من كلية موريس للصحافة في لندن عام م 1984

بدأ العمل الصحفي كمحرر متعاون في صحيفة الجزيرة في الرياض من العام 1980م ثم بمكتب جريدة "السياسة" الكويتية في الرياض، ثم مسؤول التحرير لمكتب جريدة اليوم بالرياض ثم مسؤولاً للقسم الاقتصادي في مجلة "اليمامة"، ثم المحرر الاقتصادي في صحيفة الشرق الأوسط في الرياض عام 1993.

عُيِّن نائباً لرئيس تحرير مجلة المجلة عام 95 ثم مسؤولاً للتحرير لمجلة الجريدة، ثم رئيساً لتحرير مجلة المجلة من العام 98 وحتى الرابع عشر من ديسمبر عام 2000.

أسس وأشرف على المركز السعودي لدراسات حقوق الإنسان في لندن في التسعينات وترأس تحرير العرب اللندنية أول صحيفة عربية تصدر في بريطانيا وأوروبا وعضو في المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس تبع المراكز للأبحاث والدراسات.

ترأس تحرير مجلة المراقب العربي في عام 2009 وأصبح رئيس تحرير المسؤول عن صحيفه جريدة العرب اللندنية.