بغداد - (أ ف ب): تعتبر مدينة الموصل التي اعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاحد منها تحقيق "النصر الكبير" على تنظيم الدولة "داعش" بعد طرده منها، ثاني اكبر مدن العراق واحدى جواهره الاقتصادية. وكان المتطرفون استولوا على الموصل شمال بغداد اثر هجوم صاعق في يونيو عام 2014، اعقب انهيار كاملا للقوات العراقية. وفي اكتوبر الماضي اطلقت القوات العراقية هجوما كبيرا لاستعادتها، انتهى الاحد بطرد المتطرفين منها. وكانت منطقة الموصل الغنية بالنفط لفترات طويلة مركزا تجاريا كبيرا يعيش فيها خليط من العرب والاكراد والتركمان والمسيحيين والاقليات الاخرى. وتميزت بانتاج اقمشة قطنية تعرف باسم "الموسلين" نسبة الى اسم المدينة، ويعرف بكونه افضل اقمشة تنتج في البلاد. وتقع على مفترق شبكة طرق سريعة في شمال العراق تربط العراق بسوريا غربا وبتركيا شمالا. وكان عدد سكان الموصل قبل الحرب يناهز المليوني نسمة، غالبيتهم من العرب السنة. استولى مقاتلو تنظيم الدولة "داعش" في 10 يونيو على المدينة، ثم اعلن زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي في ظهوره العلني الاول والاخير في مسجد النوري في يوليو 2014، اقامة "دولة الخلافة" التي ضمت مناطق واسعة في العراق وسوريا. وحول المتطرفون الموصل الى نموذج لدولتهم، فوضعوا برامج دراسية وحددوا ساعات العمل للمحال التجارية ونوع اللباس للسكان، ومنعوا بيع الكحول وتدخين السجائر وتعاطي المخدرات. وكان يعيش في المدينة قبل دخول المتطرفين اليها نحو 35 الف مسيحي، توزعت كنائسهم وسط المدينة التاريخي خصوصا. وقد اجبر المسيحيون بعد صيف 2015 على اعتناق الاسلام او دفع الجزية او المغادرة. وقد غادرت غالبيتهم بالفعل.

قام "داعش" ابتداء من يوليو 2014 بتدمير المساجد الشيعية والاضرحة التي كان بعضها تاريخي ومشيد منذ قرون. كما احرق المتطرفون الاف الكتب والمخطوطات التي كانت في المتحف التراثي الكبير بالموصل، كما دمروا آثارا لا تقدر بثمن. وقام التنظيم كذلك بتفجير مقام النبي يونس الذي يحظى بالقداسة لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء، ودمروا ضريح النبي شيت. ولم تعرف بالتحديد الاضرار الفعلية للمواقع الاثرية في نينوى شرق الموصل.

دخل المسلمون مدينة الموصل عام 641، ووصلت الى اوج مجدها في القرن الثاني عشر قبل ان تسقط بيد المغول عام 1262، ثم توالى على حكمها الفرس والعثمانيون. وقامت بريطانيا عام 1918 بضم المنطقة الغنية بالنفط الى العراق الذي اصبح انذاك تحت الانتداب البريطاني، رغم استياء فرنسا التي سعت إلى ربطها بسوريا واخضاعها للانتداب الفرنسي. واواخر القرن العشرين اعتبرت الموصل من ابرز معاقل مؤيدي الرئيس صدام حسين، قبل ان يدخل العراق في حالة فوضى امنية انتهت بدخول المتطرفين الى المدينة قبل طردهم منها نهائيا.