أعتقد أننا تعثرنا بصندوق البونديرا حين كشفنا دور قطر وتصدينا له في المشروع الأخطر في تاريخ الشرق الأوسط، فقد كان ذلك بمثابة اكتشاف المفتاح الرئيسي الذي به تفتحت بقية الأبواب، ليتضح لنا أن قطر قبلت بلعب دور (الكاشير) دون اعتبار أن أي أوراق في أي لعبة لها عمر افتراضي تستبدل وتغير حالما ينتهي دورها، قطر بالنسبة للاعبين الأساسيين أصبحت الجوكر الذي انتهت اللعبة وبقي في يد اللاعب دون فائدة منه، وذلك لأن الوحش الذي مولت قطر تربيته خرج عن نطاق سيطرتها وسيطرة بقية اللاعبين، أعتقد أنه أصيب بالتخمة نتيجة تدليله بالمال القطري!

لو وضعنا الأمور في نصابها الآن فإن التحالف الرباعي (السعودية ومصر والبحرين والإمارات) في تصديه لتقسيم الشرق الأوسط تصدى لجميع الضالعين في المشروع لا لقطر فحسب، أما بقية الضالعين فنحن نتحدث عن دوائر أمريكية ودوائر بريطانية وتركيا وإيران وإسرائيل.

وانحياز تركيا وإيران لقطر مفهوم ومعروف، إنما تردد بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وربما دوائر استخباراتية في دول أوربية أخرى كألمانيا هو الذي فضح ضلوع بقية اللاعبين من خلال تلك الدوائر وعلاقتهم بالأشخاص والتنظيمات التي تدعمها وتؤويها وتمولها قطر.

أسئلة أخرى تفتحت بعد الضغط على قطر، أولها هو كيف انسحبت تلك التنظيمات التي تدعمها قطر من الموصل والرقة وبنغازي وسرت وتراجعت فجأة؟ في ذات الوقت الذي وضعت تلك التنظيمات تحت دائرة الضوء العالمي كيف بدلت أسماءها وحلت نفسها فجأة؟ ومن روج لعملية تبييض الإرهاب غير الجزيرة؟.

لم تتردد الخارجية الأمريكية والبريطانية والأمريكية في الكشف عن العديد من أوراق تلك التنظيمات والخيط الذي يربطها بقطر؟ خاصة وهي التي تعلم بجميع التحويلات المالية وتعلم بمن وأين ومع من تعقد اللقاءات الجامعة بين جهة التمويل (قطر) وتلك التنظيمات؟ ما نملكه من تسجيلات صوتية وأدلة في تحالفنا الرباعي لا يشكل قطرة في بحر مما تملكه أجهزة الاستخبارات في تلك الدول العظمى؟ فلم السكوت والتغاضي؟.

تولد انطباع له مشروعيته من الهواجس للطريقة التي تتعاطى بها هذه الدول مع مبادرتنا للحرب على الإرهاب، هل فعلاً تلك الدول جادة في الحرب على الإرهاب؟ هي تعرف أننا نعرف من هم أساس الإرهاب في العالم، سواء التنظيمات الشيعية منها أوالسنية، إيران ومليشياتها وتفرعاتها، والإخوان ومليشياتها وتفرعاتها والاثنان حلفاء لقطر إيران والإخوان، فأين الجدية في محاربة الإرهاب؟ لم لا نضغط جميعنا على جميع منابع الإرهاب كما صدر بيان العشرين في هامبرغ؟.

تبدو الحكومات البريطانية والأمريكية سعيدة أن اكتفينا بالتعامل مع «بعض» الأدوات التي يمكن التخلي عنها، إنما تتردد مع أدوات أخرى، المساس بها يفتح الدور الاستخباراتي لها وضلوعها في لعبة تربية الإرهاب ورعايته وإعادة غرسه.

عائلة العبيدي على سبيل المثال ومنها سلمان مفجر مانشستر وأبوه رمضان تتحرك بكل أريحية بين ليبيا وبريطانيا رغم معرفة الأمن البريطاني بخطورة الاثنين (الأب والابن)!!

الولايات المتحدة الأمريكية تشهد دخول قناة الجزيرة إلى المسجد الذي يخطب فيه البغدادي ولا تفعل شيئاً!!

معلومات حول تنقل شخصيات لها علاقة بتفجيرات تنزانيا وكينيا بين إيران وقطر دون أن تحرك ساكناً!!

دخول القوات العراقية للموصل دون جثة واحدة أو أسير أو جريح داعشي يثير ألف سؤال!

صندوق البونديرا الذي فتح من بعد الاتجاه لمخزن الأسرار «قطر» سد العديد من الثغرات التي تركت شاغرة في قصة نمو الإرهاب وانتشاره وإعلامه وتحويلاته المالية، وكما يقال غلطة الشاطر بألف، خروج الوحش عن السيطرة وإيقاعه الضحايا خارج حدود المنطقة المراد تقسيمها كان الغلطة التي فتحت الباب وكشفت الأوراق.

وصول شخص من خارج البيوت الحزبية للبيت الأبيض كشف العديد من خبايا تلك اللعبة الضالعة بها حكومات، وتردد تلك الحكومات كشف أنها تريد أن تعيد الوحش لداخل المنطقة ولا تريد التخلص منه، ولن يجبرها على التحرك بجدية للتخلص منه إلا رأي عام غربي في داخل دولها اكتوى بنيران هذا الوحش، فهي تريد أن تتريث في غلق الملف القطري خوفاً من تكشف جميع الأوراق، إنما اللجوء لضحايا العنف والإرهاب في أوروبا وأمريكا وحدهما من سيجعل التخلص من الوحش، مهمة حكوماتهم مثل ما هي مهمتنا.

الربط بين ضحايا الإرهاب هناك وبين الوحوش التي تجتمع في قطر هو هدفنا الذي يجب أن نسعى له إعلامياً ودبلوماسياً، ودم ضحايا الإرهاب الأوربيين والأمريكيين يجب أن يلطخ كل من يتعاطى مع قطر، سواء كانوا حكومات أو شركات أو منظمات أو إعلاماً، هذا الربط هو مهمتنا لنقضي على الوحش لا أن نقلم أظافره فحسب، ونترك الباقي على مجتمعاتهم فهي التي ستضغط على حكوماتهم لا نحن.