المنظومة الخليجية منذ إنشائها وضعت مبادئ ودعائم هامة تحافظ من خلالها على الكيان الخليجي، وعلاقة كل دولة خليجية بالأخرى وعلاقتهم أيضاً مع المحيط الخارجي من دول وسياسات وكيانات، بمعنى تنظيم خط سير واحد من ستة أفرع تتجانس بانسيابية تامة بعيداً عن التجاوزات التي تمس أمن واستقرار هذه المنظومة، أو مطبات قد تعرقل مسيرة نهضة وتطور وتنمية أي دولة من هذه الدول، وعلى أثر ذلك كان لا بد لكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي أن تتناغم مع بعضها وألا تغرد خارج السرب الخليجي، أو أن تبتعد عن أهداف المجلس ورسالته للشعب الخليجي الواحد والدول المجاورة والصديقة، مع أهمية الحفاظ على الكينونة الخليجية، أي الوجود الخليجي بثقله وقوته وهيبته. من هذا المنطلق فإن ثوابت دول الخليج لا بد أن تكون راسخة، تتشبع شعوب هذه الدول بالإيمان واليقين على الدور الهام الذي تقوم به دول الخليج.

نقض العهود أو عدم التزام أي دولة من دول الخليج بما جاء في الاتفاقيات بين دول مجلس التعاون الخليجي لها أكثر من معنى ووجه ورسالة، وعدم التزام الدوحة باتفاقية الرياض التي وقع عليها حاكم قطر يعطي دلالة على أن هذا التوقيع مع الاتفاقية لا يمثلان أي أهمية أو التزام لقطر، مجرد حبر على ورق، بالإضافة إلى «تحقير» دور دول الخليج الرائد في محاولة متعمدة لتقليص هيبة ودور هذه الدول خصوصاً دولة عظمى مثل المملكة العربية السعودية، وبالرغم من أن قطر تنعق للفوضى وتكيد لشقيقاتها وجيرانها وتدعم التطرف والعنف مع الكيانات والمنظمات الإرهابية إلا أنها تستظل بمظلة المنظومة الخليجية لما يشعرها ذلك بالقوة خصوصاً عندما توحي بأنها دولة مسالمة تراعي وتحفظ خطوطاً هامة في المنظومة الخليجية، فهي بذلك تتقمص شخصيتين في آن واحد، شخصية الحمل الوديع وشخصية الثعلب المكار، فقطر طوال هذه السنوات من الإرهاب والتدخل في سياسات كثير من الدول إلا أنها لم تفكر التفكير الجاد بأن تكون بمعزل عن دول الخليج، ولم تفكر وقتها بأن تنسحب أو تطلب الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي ليس لأنها لا تستطيع، وأنما هي تريد أن يكون لها خط رجعة ورجوع للحضن الخليجي فيما لو اكتشف الشعب القطري سياسة حكومته الإرهابية وتحالف الشعب بيد واحدة لإسقاط هذا النظام المزيف الذي استهان بقوته وقدرته لضرب الإرهاب والتطرف في كل مكان، حينها سيردد الشعب القطري «كلنا خليج المجد»، وسيدرك بأن التحالف الرباعي كان ينتشله من الفوضى التي خلفها النظام القطري حقداً على الركب الخليجي نحو مسيرة الوحدة والقوة والاستقرار.

* كلمة من القلب:

التصعيد السياسي من جانب دولة قطر أخذ منحنى آخر واستهدف ضرب المملكة العربية السعودية في موسم الحج، فالحكومة القطرية نشرت أنها لا تشجع مواطنيها على أن يقصدوا بيت الله الحرام هذا العام، وهذا والله سوء ظن حقود على المملكة العربية السعودية، فالمملكة أبداً لا تفرق بين جالية وأخرى، فهم في نظرها حجاج بيت الله القاصدون عفوه وطاعته، ولو كانت نواياها سوداء لأغلقت باب الحرم المكي بوجه الجالية الإيرانية التي تعد أكثر الجاليات المسببة للفوضى في الحرم وتستهدف الإرهاب في بلد الأمان. ورغم التفجيرات التي قامت بها إيران في سنوات سابقة إلا أن الحكومة السعودية كانت ترحب بالجميع، وأظن أن الشعب القطري يدرك ذلك تماماً، فالحرم الشريف لم يكن في يوم ما بالنسبة لهم بعيد المنال فهم يقصدونه كلما اشتاقوا إليه. نتمنى من الحكومة القطرية أن تبتعد عن خلط الأوراق وتبتعد عن حجاج بيت الله الحرام، على أقل تقدير دعوهم يجتمعون في بيت الله من أجل الدعاء لصلاح الأمة وليس بالدعاء عليها.