قطر الآن تحت الوصاية الدولية وبإرادتها، سبحان الله، لم تقبل أن تكون ضمن منظومة خليجية وتلتوم بما يتلوم به بقية الأعضاء لكنها قبلت أن تكون تحت وصاية ورقابة الأجانب!!

انتهى أمر السيادة وانتهى أمر الاستقلال الذي كانت تتشدق به رافضة (الوصاية) الخليجية كما سمت المطالب، إنما قبلت قطر طواعية الآن أن تكون تحت الوصاية الأمريكية والوصاية الألمانية والوصاية التركية، دعكم من خطابها الذي توجهه لشعبها، وانظروا إلى واقعها وما آلت إليه أمورها.

قطر اليوم لا تستطيع أن تتخذ قراراً بتحويل عشرة ريالات قطرية إلا وتكون الولايات المتحدة الأمريكية مطلعة عليها، وألمانيا على علم بها، من أين خرجت وإلى أين ستذهب ولمن فقرار قطر الآن مرهون برقابة أجنبية! سبحان الله تلك مذلة كنا نتمنى أن لا تمس كرامة أهلنا في قطر لكنها رغبة قيادته!

قبلت قطر أن تدخل ألمانيا إلى مؤسساتها الأمنية والمالية وقبلت أن تفتح أضابيرها للأمريكان والألمان فلا معلومات سرية ولا سيادية بل بوابة مفتوحة للعالم يدخل مكاتبها ويفتح أدراجها ويسأل عن ما يشاء، وقبلت قطر أن تبني تركيا قاعدة عسكرية على أراضيها إلى جانب القاعدة الأمريكية فعلى أرض قطر عساكر من كل حدب وصوب يأمرون القطريين بزعم تدريبهم كما يأمر الأجانب من جماعة الإخوان ويقود القرار السياسي، اليوم القرار العسكري والسياسي والمالي تحت الوصاية الأجنبية فماذا بقي من استقلال وسيادة؟

ما وقعته قطر وقبلت به ليس اتفاقيات دولية لمكافحة الإرهاب كما فعلت جميع دول العالم، بل وقعت على قبول الوصاية عليها لضمان عدم تكرار جرائمها التي أقر بها وزير خارجيتها، والتي قدمت أدلتها دول التحالف، أياً كانت خطابات الدول الأجنبية التي دخلت قطر الآن للرقابة ليناً وهيناً أنا ذلك ليخفف عليها وطأة الانتهاكات التي قبلتها وحفظاً لماء وجهها.

هتكت قطر سيادتها بيدها مقابل أن تكون الدول التي انتهكت سيادة قطر ضامناً لها، تتعهد بدلاً عنها للعالم وللتحالف الرباعي بأن قطر ستلتزم –هذه المرة- كالفل الذي تتشفع له جدته بأنها المرة الأخيرة وسيتوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية، مقابل أن تضغط هذه الدول على التحالف الرباعي فيخفف إجراءاته وينهي المقاطعة، إنما فاجأهم الرد سريعاً حتى قبل أن يصل تيلرسون إلى الرياض وقبل أن يجف حبر التعهدات أن الإجراءات مستمرة، وأن الثقة معدومة وأن التعهدات غير مجدية وغير كافية.

نحن أعلم بنوع الحبر الذي توقع به قطر تعهداتها، وسرعان ما سيكتشف تيلرسون أن من تعهد بعدم استمراره بدعم الإرهاب ينقض عهوده قبل أن يجف حبرها، فقد تعهدت سابقاً لدول مجلس التعاون وكل ما فعلته أن غيرت الأسماء ونقلت منابع الإرهاب من الدوحة إلى تركيا ولندن وحلت هذه الجماعة وغيرت أسماء تلك الجماعة وقيدت قناة الجزيرة وفتحت أفرعاً أخرى لها تبيع ذات البضاعة القديمة.

لذلك جاء الرد بعدم اقتناع دول التحالف بالتعهد الأمريكي لأنهم يعرفون قطر أكثر من الشريك التجاري السابق لها!

فخلال شهر الماضي عملت قطر على نقل نشاطها وتبييض وجوه إرهابييها وإعادة تموضعهم في مواقع أخرى، فهاهي قطر تروج إعلامياً «لسيناء» باعتبارها جزءاً منفصلاً عن جمهورية مصر من خلال عناوين أخبارها و من خلال خارطة لمصر لونت بها سيناء بلون مختلف عن لون جمهورية مصر، ذلك تمهيداً لإعلان المقر الجديد للدواعش بعد ترحيلهم من العراق وسوريا وليبيا لإعلان قيام الدولة الإسلامية هناك وإعلان الخليفة البديل عن البغدادي هناك، وإن لم تنقل الجزيرة الخبر فستنقله قناة العربي الجديد، وهكذا سيرى تيلرسون أن قطر موغلة في ممارساتها غير الشرعية و لن تستطيع أن تتكيف مع عالم خالٍ من الإرهاب.

لذلك شددت مصر على أنها لن تقبل انضمام دولة ترعى الإرهاب للتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وإن ما تقبله الولايات المتحدة الأمريكية وتشيد به من (تعاون) قطري في دعم التحالف لا يتسق مع ممارسات قطر في دعم الفصائل المسلحة التي تحارب مصر.

خلاصة القول لهذا الأسبوع أن الجردة الأخيرة بعد شهر من المقاطعة لهذا التحالف الرباعي المحارب لمنابع الإرهاب وحواضنه، إنه نجح فيما عجز العالم أن يحققه طوال العشرين عاماً الماضية، فحاضنة الإرهاب الآن تحت مرمى الرقابة الدولية وستبقى كذلك بعد أن كانت تعيث في الأرض فساداً وحدها دون رقيب.

ومازال أمامنا الكثير لنفعله من أجل أن لا يستهين العالم بمنابع الإرهاب وحواضنه القطرية كما قالت قمة العشرين في هامبرغ، فنحن لم نتحرك بعد لمخاطبة الرأي العام الدولي حتى اللحظة.