مخيم حسن شام - (رويترز): أجبر هجوم عراقي مدعوم من الولايات المتحدة لإخراج تنظيم الدولة "داعش" من الموصل شمال العراق أم يوسف على الفرار من منزلها في الحي القديم بالمدينة لكنها لا تتعجل العودة لمنزلها بعد إعلان الحكومة النصر على التنظيم المتطرف هذا الأسبوع. وتقول أم يوسف "27 سنة" وهي أم لخمسة أطفال إنها وزوجها ينتظران استقرار الوضع ولا يعتزمان مغادرة خيمتهم في مخيم تابع للأمم المتحدة شرق الموصل حتى يقتنعان بأن بإمكانهما العودة بأمان. وقالت أم يوسف الخميس وهي محاطة بأبنائها "أن نعود الآن ونحن لا نشعر بالارتياح، لن نفعل ذلك. أنا فقط أريد الأمان". وأضافت "لا أريد طائفية كما كان الحال من قبل. أريد ما هو أفضل مما كان وليس تكرارا للماضي". وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي النصر على التنظيم المتطرف في الموصل يوم الاثنين بعد حرب مدن مدمرة استمرت نحو 9 أشهر لكن القوات العراقية ما زالت تشتبك في مخابئ للمتطرفين. لكن مسؤولين يقولون إن السلطات لم تضع خطة لحكم المدينة وتأمينها بعد المعركة. ويتهم منتقدون الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة بالفشل في تقديم بديل للسياسات التي نفرت الأغلبية السنية في الموصل في أعقاب غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بحكم صدام حسين. وترك ذلك العديد من نحو 300 ألف نازح يقيمون في مخيمات على مشارف المدينة حائرين بشأن متى أو ما إذا كانوا سيعودون إلى الموصل ثاني أكبر مدن العراق. وقالت أم يوسف إن أقاربها الذين بقوا في المدينة يقولون لها باستمرار إن من الأفضل لها أن تبقى مكانها. وقالت "في الموصل، عندما تغرب الشمس، يغلق الجميع أبوابهم ولا يخرجون". ولحقت أضرار كبيرة بمنزلها مثل العديد من المنازل بالمدينة القديمة لكنها تأمل في إمكانية إصلاحه. وقالت إن القناصة أمطروا غرفة في الطابق العلوي بالرصاص حتى أصبحت "مثل الغربال" وإن قنبلة انفجرت بالمنزل المجاور. وألقى تنظيم الدولة "داعش" قذائف المورتر على المدنيين الفارين باتجاه القوات العراقية المتقدمة وكان منهم جارها الذي قتل. وأمضت الأسرة آخر يومين لها في المدينة القديمة مختبئة في قبو مع 10 مدنيين آخرين وعاشوا على مياه بئر وبعض القمح وكانوا مرعوبين من الخروج من مخبئهم.

وفقد تنظيم الدولة "داعش" أغلب الأراضي التي سيطر عليها منذ أن اجتاح أجزاء كبيرة من شمال وغرب العراق في عام 2014 وأعلن دولة الخلافة على المنطقة وأجزاء من سوريا. وكانت الموصل أكبر مدينة يسيطر عليها التنظيم على الإطلاق. وساد عصر من الترويع بعد ذلك كان معارضو التنظيم المتطرف يقتلون فيه ويعاقبون على "جرائم" مثل تدخين السجائر بالجلد العلني وكانت الموسيقى والتلفزيون والانترنت من المحظورات. وعاد نشاط المدنيين سريعا لأغلب أجزاء الموصل وبدأ العمل بالفعل على إصلاح التلفيات التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية وهو ما قدرت الأمم المتحدة تكلفته المبدئية بأكثر من مليار دولار وقالت إنه قد يستغرق أكثر من عام في الأحياء الغربية حيث كان القتال أكثر كثافة. وقال مسؤولون إن قوات الشرطة التي تلقت التدريب حديثا نشرت في الموصل إلى جانب الجيش لكن غياب الأمان لا يزال جزءا من الحياة اليومية فقد انفجرت عدة سيارات ملغومة بالفعل بالقرب من المدنيين في مناطق سبق وأعلن "تحريرها". وتعتمد قوات الأمن على قائمة من الأسماء وشهادات الشهود في تحديد هوية أفراد التنظيم وتقبض كل يوم على رجال تمكنوا من الاندماج وسط المدنيين الفارين تحت غبار الحرب وشكلوا خلايا نائمة. وبدت أم حريب "60 عاما" وهي من عشيرة الجبور مصدومة بعد شهور من العنف وهي راقدة على الأرض في خيمتها. وكانت قدماها مضمدتان من جروح بشظايا أثناء قصف قالت إنه أودى بحياة كل أقاربها الذكور. ومع تقهقر المتطرفين إلى عمق المدينة مفسحين الطريق أمام القوات العراقية المتقدمة انتقلت أم حريب كذلك عدة مرات من منزل لمنزل وانتهى بها المطاف في حي الميادين حيث كان بعض المتطرفين يشهدون مواجهتهم الأخيرة. وأجليت أم حريب بعد ذلك بأربعة أيام لكنها تقول إنها الآن تريد البقاء مع أقارب لها في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي بالعراق. وقالت "الموصل أنهكتنا. لا أريد العودة إليها قط. لم يعد لي أحد بالموصل". أما بالنسبة لأم يوسف فهي تعيش حياة غير مريحة لكن آمنة نسبيا بعيدا عن ديارها. وتعيش في طقس شديد الحرارة حيث تقترب درجات الحرارة من 50 درجة مئوية لكنها تقول إن احتياجاتها الأساسية تلبى وإنها أدرجت أطفالها في مدرسة بالمخيم. وردت على سؤال عما إذا كانت متفائلة بالمستقبل قائلة "إن شاء الله. يجب أن أكون "متفائلة" من أجل أبنائي".