للأخ والصديق العزيز الباحث توفيق الحمد عدة كتب توثيقية من المهم جداً لمن يريد معرفة تاريخ البحرين الاطلاع عليها.

كثيرون يذكرون الكتابين اللذين أصدرهما سابقاً بعنوانيهما القويين وصور الغلاف التي تجمع في الكتاب الثاني صورة صاحب العظمة المغفور له بإذن الله الأمير الوالد الشيخ عيسى بن سلمان حبيب البحرينيين، وشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء، وهما في شبابهما، وتحت عنوان «الشقيقان والسنوات الصعوبة».

وقبله كان الكتاب الأول الذي تتصدر غلافه صورة أسد البحرين الأمير خليفة بن سلمان وتحت عنوان «رجل وقيام دولة».

كتابان وثقا فصولاً هامة من التاريخ البحريني الحديث بعد الاستقلال، وكيف كان بناء الدولة وتطوير المنظومات، والجهود التي بذلت لتكون البحرين كما هي الآن، بتمازج ممنهج أكمله المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله، ويمضي بقوة لتعزيز التطوير والحفاظ على كيان البحرين.

كتاب ثالث للحمد سيصدر قريباً بعنوان «خليفة بن سلمان.. عروبة البحرين بين الأمير والإمبراطور»، وتتصدره صورة الأمير خليفة بن سلمان ووراءه صورة شاه إيران الذي طالب بضم البحرين لجمهوريته في السبعينات.

هذا الكتاب بحسب التعريف الذي نشر له بالأمس، يوثق حقبة تاريخية لا يجب أن ينساها كل بحريني وطني مخلص لبلاده، ومادة يجب أن تدرس وتورث لأجيالنا القادمة، ليعرفوا قيمة أرضهم، وكيف دافع حكامها وشعبها عنها بشراسة وبسالة والأهم بشجاعة منقطعة النظير.

تحكي الفصول تفاصيل العملية التي شملت زيارة قام بها الأمير خليفة بن سلمان مترئساً وفد البحرين لعقد اجتماع مع الشاه، في ظل توقيت متوتر في العلاقة، وسط مطالبات إيرانية صاحبتها تهديدات بشأن الاستيلاء على البحرين.

أذكر أن تفاصيل هذه الحادثة ذكرها لنا الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله بالتفاصيل في أحد لقاءاتنا معه في مجلسه العامر.

كان حديثاً يريد من خلاله الأمير خليفة بيان أمور مهمة تدخل في إطار الوطنية الحقة، وكيف أن البحريني المخلص لبلاده لا يمكنه بأي حال من الأحوال التخلي عنها مهما كانت الظروف، وكيف أن تاريخنا المشرف يبين أن البحرينيين من الاستحالة أن يرخصوا ببلادهم أو يساوموا عليها، وكيف أن تكاتف الشعب مع قيادته كان دائماً وأبداً «الفيصل الحاسم» في مواجهة كافة التهديدات والمخاطر.

يقول لنا الأمير خليفة كيف أنه كان جالساً في مواجهة شاه إيران في قصر الأخير، وكيف أن الشاه حاول الحديث معه بتعالٍ بشأن موضوع البحرين. قالها بوضوح إنه بإمكانه إرسال سفينة حربية واحدة لتحتل البحرين في سويعات.

أجابه الأمير خليفة، وهو الذي كان جالساً في قصر الشاه بإيران مع وفد صغير العدد، أجابه بأنه بالفعل -أي شاه إيران- يستطيع أن يفعل ما قاله فيما يتعلق بإرسال سفينة حربية، لكنه يخطئ إن ظن أنه باستطاعته أن يأخذ البحرين عنوة دون أهلها الذين لن يقفوا مكتوفي الأيدي، ولا قيادتها التي لن ترضخ. قالها بصريح العبارة «الدم سيسيل على رمال البحرين»، فلا قيادتها ولا شعبها يقبلون بأن تطأها أرض محتل.

شجاعة الأسد خليفة بن سلمان مثلت لنا طوال السنوات نموذجاً نحتذي به، أتذكر خلال محاولة الانقلاب صلابة هذا الرجل وثباته، أتذكر كلامه القوي، وكيف أنه عضيد وسند لكل بحريني يتكلم بقوة ويدافع عن بلاده.

كتاب الحمد عن هذه الملحمة البحرينية التي سجلها خليفة بن سلمان بشجاعته منقطعة النظير، توثيق لا بد وأن يفرض مسؤولية علينا بإيصال المضمون لأبنائنا والأجيال القادمة، ليتعلموا بأن التاريخ يشهد بأن البحرين كانت ومازالت تلد رجالاً مخلصين أقوياء عبر العقود الممتدة، يتقدمهم ملكنا القوي ورئيس وزرائنا الشجاع وكثيرون معهم يستمدون منهم القوة، ويستلهمون منهم الثبات.

فقط نقول بأن ثبتنا اللهم على دينك وعلى حبنا لبلادنا ودفاعنا عنها وعن قيادتنا، وأن تظل البحرين دائماً وأبداً محفوظة برحمتك.