عندما يتحدث وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة عن التدخلات الإيرانية في الأمن الداخلي لمملكة البحرين والمنطقة وعن أساليبها المكشوفة التي «تستغل فيها الخلايا والمنظمات الطائفية المتطرفة» فالأكيد هو أنه يستند في كل ذلك إلى وقائع وحقائق وأرقام، فهذه الأمور «أكدتها المعلومات الاستخباراتية والفنية»، ووفرت الكثير من الأدلة على دعم إيران لهذه الخلايا «سواء بالدعم الإعلامي أو التدريب أو الإيواء أو التمويل والإمداد والذي ثبت من خلال ما تم ضبطه من مواد متفجرة بعدد من المستودعات أو ما تم إحباط تهريبه من مواد متفجرة أو ما أسفرت عنه نتائج التحقيقات والاعترافات»، وعندما يتحدث عن الاستقرار الأمني في البحرين، سواء للداخل أو الخارج، فالأكيد أنه يوفر الصورة بكل تفاصيلها، لهذا فإن المسؤولين الأمريكيين الذين التقاهم خلال زيارته الرسمية للولايات المتحدة يثقون في كل المعلومات التي وفرها، ويدركون أنه لا يبالغ فيها وتتوفر لديه عليها كل ما يلزم من أدلة وبراهين، لهذا لم يتردد الكونجرس عن التصريح بـ «دعم البحرين في إجراءات مواجهة الأطماع الإيرانية» وهو ما يؤكد أيضاً قناعة الولايات المتحدة بأن إيران هي وراء كل ما يجرح حالة الأمن في البحرين ويتسبب في سلب كل المنطقة استقرارها.

ولأن الصورة باتت أوضح لذا فإن الولايات المتحدة لم تتأخر عن التأكيد خلال اللقاءات التي عقدها الوزير مع المسؤولين فيها على دعمها لكل خطوة تؤدي إلى مزيد من استقرار البحرين والمنطقة ومنها «زيادة فعالية الأجهزة الأمنية المختلفة لمواجهة التحديات والمستجدات الأمنية الراهنة والمستقبلية وفتح الأبواب لمزيد من التعاون الأمني» والذي يعين على «مكافحة الإرهاب وتمويله ويصب في صالح الأمن الإلكتروني»، وكذلك «الاتفاق على وضع آلية عمل لضمان استمرارية التنسيق والتشاور لمواجهة الأنماط الجديدة من الجرائم المنظمة العابرة للحدود بأساليب مبتكرة وتقنيات عالية ووضع التشريعات والتحالفات لمواجهة الجريمة ومرتكبيها على المستوى الدولي».

الزيارة حققت أهدافها وهي دونما شك ناجحة بكل المقاييس، فبالإضافة إلى استعراض الشيخ راشد بن عبد الله خلالها للإجراءات والجهود التي قامت بها وزارة الداخلية خلال السنوات الأخيرة وتحديداً منذ زيادة إيران لجرعة الإرهاب في المنطقة وفي البحرين على وجه الخصوص، والتي أسفرت عن هزيمة ساحقة لمريدي السوء واستعادة حالة الاستقرار التي سعت إلى النفاذ من خلالها، تمكن معاليه من إقناع المسؤولين في الولايات المتحدة بأهمية القيام بمسؤولياتهم تجاه الأمن في كامل المنطقة، وهو ما سيترجم بعد قليل إلى واقع، خصوصاً مع إدراك الولايات المتحدة للتطورات المتسارعة والساخنة في المنطقة والتي تلت قرار قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وإصرار قطر على عدم الاعتراف بأخطائها واستمرارها في عنادها وتحديها للجميع وجلبها للقوات التركية وفتح أبوابها لإيران التي لن تفوت هذه الفرصة ولن تغادر أراضيها مهما حصل، ما يعني أن الأمور في طريقها إلى مزيد من التعقيد الذي يتطلب تدخلاً قوياً من الولايات المتحدة بشكل خاص وإلا فإن مصالحها ستكون مهددة بقوة، فاليوم ليس كما الأمس، وفي قطر تمضي قدماً عملية اختطاف القرار من قبل تركيا وإيران، ويكفي دليلاً على ذلك تصريح الرئيس الإيراني عن «استعداد إيران لدعم الدوحة عسكرياً».

زيارة وزير الداخلية للولايات المتحدة أسفرت عن نتائج إيجابية كثيرة على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين حيث «تم الاتفاق على مناقشة تطوير مذكرة التفاهم الموقعة عام 2007 بين وزارة الداخلية ووزارة الأمن الداخلي بالولايات المتحدة» ونبهت الإدارة الأمريكية إلى أهمية قيامها بدورها التاريخي وواجبها الأمني تجاه المنطقة، وهو دور مهم ويصب في مكافحة الإرهاب الذي تتصدر جيوش مكافحته وتعتبره الإدارة الأمريكية الحالية الملف الأبرز.