تيلرسون أخذ تعهداً من قطر بوقف تمويل ودعم التنظيمات المسلحة التي تدعمها قطر في سوريا تحديداً، ولم تعنِه أي تنظيمات أخرى حالياً، لذلك رفض التحالف الرباعي عرضه، فتيلرسون معني بالدرجة الأولى بإنهاء «الصفقة الأمريكية الروسية» في سوريا الآن، فقد أشارت التقارير المنشورة ومنها تقرير «ديبك» حول الصفقة الأمريكية الروسية، وكذلك الأخبار الصادرة من وكالات الأنباء بعد لقاء ترامب وبوتين على هامش قمة العشرين، إلى أن ترامب أوضح سياسته فيما يتعلق بمناطق النزاع ومنها سوريا للجميع، بأنه معني بالقضاء على ما يسمى «بتنظيم الدولة» في سوريا والعراق أي معني بطرد التنظيمات المسلحة من هذه المنطقة فقط، وليحدث بعد ذلك في سوريا ما يحدث.

ذلك قصور في معالجة «الإرهاب» ومحاربته والقضاء عليه، لذلك رد عليه وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش الحلول المؤقتة مرفوضة، وبما أنه دون تقييد للتنظيمات التي تدعمها قطر في سوريا، فإنها ممكن أن تنشط وتفسد الصفقة وتخلط الأوراق، فيجب وقف تمويلها هناك كحل مؤقت والعمل على إعادة تموضعها لاحقاً، وذلك ما ستفعله قطر.

جاء تيلرسون ليبيع بضاعته على دول التحالف الرباعي، وبما أن خبرته الدبلوماسية محدودة، وبأن علاقته بالخليج العربي اكتسبها من تعامله مع المسؤولين القطريين فقط، فظن أن درجة الفهم واحدة وظن أن طريقة التعامل ستكون واحدة أوامر فوقية وسمعاً وطاعة فورية!! فجاءه الرد وخرج بخفي حنين.

الأمريكان يريدون الآن إخراج التنظيمات المسلحة من سوريا لأن مهمتها انتهت والتقسيم آتٍ، من أجل ذلك الهدف دعمت الولايات المتحدة الأكراد دون اعتبار للأمن التركي، ومن أجل ذلك تنازلت الولايات المتحدة عن شرط مغادرة الأسد، ومن أجل ذلك من المفروض أن ينسحب المقاتلون من الموصل والرقة، خاصة وروسيا تكفلت بإنشاء مناطق آمنة في الجنوب الغربي لعودة النازحين، وخاصة أن روسيا استطاعت أن تتفاهم مع الإيرانيين والأتراك لتقسيم مناطق النفوذ فتمنح إيران طريقاً يصل بين طهران والبحر المتوسط، وتمنح تركيا مساحة تبعد خطر الحزب الكردستاني عن الحدود التركية، وأمنت لنفسها منافذ بحرية على البحر المتوسط، وإلى هنا ومن بعد اكتمال خطة التقسيم المقررة وأخذ كل نصيبه انتهى دور التنظيمات المسلحة في سوريا وعليها الآن أن تنتقل إلى منطقة أخرى من أجل تقسيمها هي الأخرى، والأغلب والمرشح أن تكون المنطقة التالية هي سيناء لإعلان دولة الخلافة من هناك، لذلك عادت العمليات الإرهابية في مصر بشكل أكبر وستدخل تلك القوات عن طريق الضفة الشرقية من سيناء، ولكم أن تتصوروا من الذي سيفتح لها المنافذ؟! «للعلم قناة الجزيرة تمهد منذ الآن لهذه الخطوة بوضع خارطة منفصلة لسيناء عن خارطة جمهورية مصر»!

الدور القطري لم ينتهِ بعد، لقد أدت قطر دورها في سوريا بجدارة وأفسدت ثورتها وأقحمت عليها مع سبق الإصرار والترصد تنظيمات مسلحة إرهابية خلطت الأوراق فيها وبدلاً من توجيه سهامها من أجل الشعب السوري وإنهاء معاناته أشغلتهم ببعضهم بعضاً وحدث ما حدث في سوريا وبقية القصة معروفة.

الآن حان دور دولة عربية أخرى، لتنتقل تلك التنظيمات لها بعد أن طردتهم ليبيا، وسيظل التمويل القطري موجوداً فهي الدولة الوحيدة التي تملك سيولة مالية وتعتاش على حلم العظمة، ستمول قطر الآن التنظيمات الجديدة بعد أن تمنحها أسماء جديدة وبعد أن ألغت اسم أنصار الشريعة وجبهة النصرة وجبهة البطيخ.. إلخ، ستظهر الآن أسماء جديدة بوجوه جديدة غير مدرجة على قائمة الإرهاب، وستمدهم قطر بالمال وبالدعم المطلوب وستحتفظ بالمرجعيات الدينية عندها كي تنفخ في النار وتساهم في عمليات التجنيد من أجل التفخيخ والانتحار، كدجاجة تبيض لهم ذهباً، تجند مزيداً من الشباب المغرر بهم ليسلمهم رجال المخابرات من كل حدب وصوب وينقلوهم إلى المنطقة الجديدة المراد إشغالها بالإرهاب من أجل تقسيمها، فمصر هي المرشحة بعد سوريا والقائمة تطول.

لذلك دعمت تركيا قطر، ولذلك تشكل الحلف الإيراني التركي القطري، من أجل نقل التنظيمات الإرهابية من موقع إلى موقع وتوفير حركة تنقلات سهلة وممرات آمنة لهم، من أجل إسقاط دولتهم وتقاسمها بينهم وتبقى إسرائيل آمنة مطمئنة لعشرات السنين القادمة.

لم ينتهِ دور قطر بعد، ولم ينتهِ المشروع بعد، ودول الخليج مازالت ضمن القائمة التي تعمل قطر على دعم ومساندة التنظيمات المسلحة التي تحاربها.