لم أكن متفائلة كثيراً عندما ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي، وكان ومازال هناك سؤال حائر يجول في عقلي «لماذا قدمت لنا هذه الوسيلة «الخارقة للتواصل» بالمجان؟! ولماذا لا يكون هناك مبلغ رمزي لهذه التطبيقات التي أصبح وجودها في حياتنا من «الضروريات» حيث إن موضوع أن عائد الإعلانات غير المباشرة التي تصاحب بعض هذه التطبيقات لم يقنعني بشكل تام؟!

جميعنا أصبح يملك أكثر من منصة إلكترونية ومستخدم للعديد من برامج التواصل الاجتماعي، فعندما يحدثنا شخص بأنه لا يملك «واتساب» مثلاً نستغرب، حتى بعض المسؤولين الذين يريدون أن يغلفوا أنفسهم بهالة من الغموض لديهم أرقام خاصة توجد بها معظم التطبيقات الإلكترونية التي يستخدمها العامة، لكي يلحقون بركب متابعة ما يدور حولهم ولا يصبحوا «أميين» بهذه التطبيقات الإلكترونية وما يدور فيها.

أصبح «أدمان» متابعة شبكات التواصل الاجتماعي مبعث خوف كبير من قبل الكثير من المهتمين حيث أصبح معظم الأشخاص دون وعي منهم أسرى لهذه المواقع الإلكترونية التي باتوا يتابعونها بشغف وبنهم يصل إلى حد الإدمان، فلو نسي شخص منا «دواءه» في المنزل لأجل العودة إلى المنزل إلى ما بعد انقضاء عمله ليتناول علاجه، أما لو نسي الشخص «هاتفه الذكي» فسيرجع مسرعاً لأخذه لكي يظل في «دائرة المعرفة»، وحرصاً منه على أن لا يفوته شيء في هذه المواقع. حتى عروض شركات الاتصالات التي تعتبر المزود بالشبكة العنكبوتية تتسابق من أجل خطب ود العميل من أجل زيادة «حجم وسرعة شبكة الإنترنت» مستغلة بذلك رغبة العميل في البقاء على تواصل دائم على شبكة التواصل الاجتماعي «stay contacted».

الظريف في موضوع الإدمان على شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي، أن العديد من المسؤولين باتوا يتداولون آرائهم عبر هذه القنوات، ليس هذا وحسب بل أصبحوا يصرحون، ويتباحثون عبر هذه القنوات الإلكترونية!!

نرى المسؤول الفلاني، يعرب عن رأيه «الرسمي» عبر «تويتر»، والمسؤول الآخر يرد عليه عبر ذات القناة، ونحن لا ندري هل هذا الرأي «رسمي» أو «غير رسمي»، وهل إذا ما تراجع المسؤول عن رأيه سيقول بأن حسابة «تهكر» أو سيقول بأن ابنه الصغير أستخدم حسابه!!

أنها فوضى!! ومن الممكن أن نسميها فوضى رسمية خلفتها لنا وسائل التواصل الاجتماعي التي لم ولن نحسن استخدامها لسبب واحد هو أننا نعتبر مستخدمين لهذه القنوات، ولسنا من يصنعها أو حتى يساهم في تطويرها، نتحدث.. نثرثر.. نغرد.. نتشاجر.. نتصالح.. عبر منصة الكترونية «سيرفراتها» تقع في دول أخرى.

إن السلاح اليوم ليس «مسدس» أو «قنبلة» أو «دبابة»، ولا حتى سلاح نووي، أن سلاح اليوم حرف وكلمة ورأي وساحة الحرب هي هذه المنصات الإلكترونية التي أعطيت لنا بالمجان لنستخدمها دون «دليل إرشادي للاستخدام»!

حتى الدول الكبيرة المصدرة لهذه التكنولوجيات أصبحت تخاف من السلاح الذي قامت باختراعه، فهذه الدول باتت لا تخشى من الحروب النووية بقدر رعبها من الحرب الإلكترونية والاختراقات الإلكترونية.

لست ضد استهلاك واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي مطلقاً، ولكني أحمل خوفاً كبيراً من الانفلات وسوء استخدام هذه الشبكات لا سيما الاستخدام اللامسؤول من قبل بعض المسؤولين الرسميين والذين من المفترض أن يكون استخدامهم «رسمي» لهذه المنصات حيث إن الشعب العربي لم يستوعب حتى هذه اللحظة أن المسؤول الرسمي من حقه أن يكون له حسابه الخاص وآرائه الخاصة بعيداً عن منصبه الرسمي، وللأمانه أيضاً هناك جهل أو «لبس» عند بعض المسؤولين الرسميين الذين تراهم تارة يستخدمون حسابهم الشخصي بصفة شخصية فيكتبون الأغاني والأشعار.. ويستخدمون حسابهم تارة بصفة رسمية ويخاطبون من خلاله الرأي العام والمسؤولين بصفة رسمية ويدلون بتصريحات تضع الدولة في حرج لأنها تخرج من مسؤولين محسوبين على الدولة. والأغرب في الموضوع أنه عندما يحاول الإعلام «الرسمي» أو لنسميه الإعلام التقليدي التواصل مع المسؤول من أجل إجراء مقابلة معه حول أي موضوع يعتذر أغلبهم لأنه «يخشى» مواجهة وسائل الإعلام!! قمة التناقض أن تدلي بدلوك عبر حسابك الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي «بتصريح إلكتروني» وتحجب تصريحاتك عن الإعلام الرسمي!!

كل شيء في الحياة سلاح ذو حدين إذا ما أحسنا استخدامه أفادنا، ومتى ما أسأنا استخدامه أضر بنا، وفي رأيي المتواضع علينا التمهل ومراجعة أنفسنا في طريقة استخدامنا وإدارتنا لحساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديد هدفنا وغايتنا من وراء ما نكتب وما نثيره في حساباتنا الشخصية.