لم يكن يوم الأربعاء 19 يوليو 2017 يوماً عادياً، ولم يمر علينا كسائر الأيام، لا سيما على النساء البحرينيات اللاتي يعانين من تأخر النظر في قضاياهن الشرعية أمام القضاء، حيث صادق جلالة الملك حفظه الله وأيده، في ذلك اليوم، على قانون الأسرة الموحد، بعد رفع توصيات اللجنة الشرعية لمراجعة مشروع قانون الأسرة التي تشكلت بالأمر الملكي والتي ضمت نخبة من فقهاء وعلماء الدين من الطائفتين الكريميتن.

والآن نستطيع أن نقول نحن نساء البحرين إن ولادة هذا القانون على الرغم من أنها ولادة عسيرة، إلا أنها تمت بسلام، بفضل الجهود الوطنية الجبارة التي قام بها المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع مختلف الجهات الرسمية في مملكة البحرين، وهو ما سيسهل النظر في القضايا الشرعية الخاصة بأحوال الأسرة، وسيشكل مرجعية قانونية تستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية وفق ما تضمنته من ضوابط في كل من الفقهين السني والجعفري.

قانون الأسرة الموحد، يعد علامة فارقة في تاريخ البحرين، وسيحل الكثير من المشاكل العالقة في القضاء بسبب عدم وجود مرجعية قانونية واضحة لها، وسيساهم في توفيرالمزيد من الاستقرار للأسرة البحرينية التي تعد اللبنة الأساسية لبناء المجتمع ولاستقراره ونمائه. فمن اليوم وصاعداً لن تخشى اي أمرأة بحرينية أياً كان مذهبها من اللجوء إلى القضاء من أجل أي قضية خاصة بالأحوال الشرعية، ولن يتم بعد اليوم الحكم القضائي والقانوني على حسب «أهواء» القضاة، بل ستكون هناك قوانين وقواعد وأحكام واضحة مستندة على الشريعة الإسلامية السمحاء.

شكراً لكل من ساهم في خروج هذا القانون ليرى النور، فعميق الشكر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، لحرص جلالته على تشكيل اللجنة الشرعية لمراجعة مشروع قانون الأسرة، وعميق الشكر لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، على ما تقوم به سموها من جهود جبارة من أجل حفظ كرامة واستقرار المرأة البحرينية التي تعد دعامة الأسرة البحرينية، وخطوات سموها الحثيثة من أجل سن التشريعات التي تضمن للمرأة «التمكين» وحماية صون مكتسباتها، ناهيكم عن سعي سموها الدؤوب من أجل التعاون مع المؤسسات العالمية الرائدة في مجال حقوق المرأة من أجل أن تعكس ما يتناسب من قوانين وتشريعات دولية مع وضع المرأة البحرينية دون الإخلال بالخصوصية الدينية والعقائدية للمرأة البحرينية.

إن صدور قانون جامع للأسرة البحرينية يعد أمراً فاصلاً، وتحولاً تاريخياً، وخطوة نحو الطريق الصحيح للمؤسسات التشريعية، وهو نتاج مناقشات وجولات ساخنة من أجل أن تحظى المرأة البحرينية بقانون شرعي يحدد علاقاتها داخل نطاق الأسرة ويضمن لها حقوقها وواجباتها دون إغفال الجانب الشرعي والديني في هذا الجانب. وهو ما يؤكد ويواصل مسيرة المرأة البحرينية المكافحة من أجل كسب الجولات المتعلقة بحقوقها النسوية.

هذا وأتمنى في الأخير ألا تخرج لنا أصوات «نشاز» تحلل وتحرم لنا ما ورد في قانون الأسرة الموحد، والذي تم إقراره بعد مباحثات ومشاورات مطولة بين فقهاء الدين من الطائفتين الكريمتين، كما أتمنى ألا يتم المتاجرة بهذا الملف سياسياً من أجل تثبيط فعالية هذا القانون، وكلي أمل أن نسمع أصواتاً «عاقلة» تؤمن بأهمية توحيد المجتمع والالتفاف حول القيادة. كما أتمنى أن نستمع إلى قصص نجاح من النساء اللاتي تضررن من عدم وجود قانون الأسرة في السابق ونتعرف على تجاربهن بعد إقرار قانون الأسرة الموحد.