موسى راكان

للحجامة فوائد بات معظمها معروفاً، لكن حين يقرر الفرد اللجوء للحجامة، يضع صحته بين يدي شخص لا يعرفه غالباً، معتمداً في حماية نفسه على سمعة ممارس الحجامة المتأتية من تجارب آخرين و"قيل عن قال". فهل هذا يكفي؟ أم آن الأوان لتنظيم ممارسة الحجامة بما يؤمن حماية صحة الأفراد؟

أحمد صالح (32 سنة) لا يضيع فرصة للاحتجام. يقول "أشعر أحياناً بأن بعض المُحجمين يرتكبون أخطاء لكن أسلم أمري لله، ففي النهاية الله هو الحافظ".


هيئة تنظيم المهن والخدمات الصحية أصدرت قراراً لتنظيم مهن الطب البديل والتكميلي ومنها الحجامة، ووردت في لائحة القرار تسميات "طبيب يمارس العلاج بالحجامة" و"ممارس العلاج بالحجامة" و"فني العلاج بالحجامة"، غير أن القرار لم يوضح نطاق رقابة الهيئة أو العقوبة المفروضة على المخالفين، كما لم يتطرق إلى آليات التوعوية الإعلامية. "الوطن" حاولت الحصول على معلومات من الهيئة دون جدوى. فماذا يقول ممارسو الحجامة أنفسهم؟

لم يسمعوا بالقرار

تعتمد الحجامة على الشفط باستخدام بعض الكؤوس على مواضع الألم. ويوجد منها نوعان: الحجامة الرطبة وتستخدم فيها المشارط لإخراج الدم الفاسد من مواضع الكؤوس، والحجامة الجافة (كاسات الهواء) دون استخدام المشارط وتعتمد على تغيير ضغط الجسم الداخلي والخارجي .

يمارس سيد عباس (45 سنة) العلاج بالحجامة في البيوت، ويقول إن بعض زبائنه يأتون للحجامة كل ثلاثة شهور.

ويوضح سيد عباس أن الأسعار تتراوح بين 8 إلى 15 ديناراً، مضيفاً أن وقت الحجامة المثالي منتصف الشهر حيث يكتمل القمر.

لا يطبق سيد عباس الحجامة على الجميع، حسب قوله، إذ إن السن وقوة الجسد والوزن والمرض كلها عوامل تؤخذ في الاعتبار حين ممارسة الحجامة.

وعن قرار هيئة تنظيم المهن والخدمات الصحية لتنظيم مهن الطب البديل والتكميلي، يقول سيد عباس إنه لم يصله على الإطلاق أي خبر عنه.

أم أسامة (45 سنة) تمارس العلاج بالحجامة في البيوت، تكشف أن إقبال النساء على الحجامة أكثر من الرجال، مشيرة إلى أن السعر يتراوح بين 5 إلى 7 دنانير لأن الناس باتوا يعرفون اليوم سعر أدوات الحجامة ويشترونها بأنفسهم عادة. ورغم أن أم أسامة لم تسمع بقرار تنظيم الطب البديل، فإنها تؤيد تنظيم ممارسة الحجامة والرقابة عليها.

يوسف (50 سنة) يمارس العلاج بالحجامة للرجال وزوجته تمارسها للنساء.

يستغرب يوسف أسئلة "الوطن" عن المهنة ويرى أن الإعلام يجب أن يركز فقط على إيجابيات العلاج بالحجامة وقصص الشفاء، ورغم أنه يمارس الحجامة منذ 10 سنوات، فإنه لم يسمع إطلاقاً بقرار التنظيم.

على حافة الشلل

كمال بورشيد اختصاصي بالطب البديل تخصص حجامة، يمارسها منذ 17 سنة و يعمل حالياً في عيادة للطب البديل. يؤكد كمال "انتشار ممارسات خاطئة في العلاج بالحجامة في البحرين لا يقع فيها أناس جهلة فقط بل أيضاً أناس لديهم مؤهل دراسي عالٍ، كأن يقوم بعضهم بغسل أدوات الحجامة لاستعمالها مجدداً أو أن يجهل الممارس الإسعافات الأولية". ويضرب كمال مثلاً خطيراً من تجاربه بالقول "في إحدى المرات حصل لشخص أحجمه تشنج ولولا معرفتي بالإسعافات لأصيب بشلل أو فارق الحياة".

يقول كمال إن أكثر العادات الخطيرة انتشاراً في المساجد والبيوت الحجامة الجماعية، منبهاً إلى أن بعض الحجامين يلجأ إلى جرح المُحتجم كنوع من التحايل لتزداد كمية الدم الخارجة منه وبذلك يعتقد أن هذه الكمية عبارة عن دم فاسد. ويؤكد كمال ضرورة أن تمارس الحجامة وفق أصول طبية حديثة على أيدي اختصاصيين مرخصين وأن تخضع للمراقبة والتنظيم، لافتاً إلى أن الحجامة لا تصلح للجميع فالمختص يقرر إن كان بإمكان المرء أن يحتجم أم لا. ويحذر كمال من زيادة مرات الحجامة عن مرتين خلال العام خصوصاً أن الدم الفاسد يستغرق وقتاً للتجمع.

المختصون تركوا الساحة للمخالفين

يضيف كمال بورشيد "أكثر أهل الخليج يعانون نقص فيتامين "د" بسبب قلة التعرض للشمس والانخراط في الأعمال المكتبية، وتتبدى أعراض هذا النقص في التحسس المضاعف من المشرط إذ يصبح الشعور بالألم مضاعفاً نتيجة جفاف الجلد، بالتالي حين يمارس غير المختص الحجامة فقد يترك آثاراً لا تزول على جسم المُحتجم (..) كما أن بعض الأمراض تنتقل بسبب الممارسات الخاطئة للحجامة ولا تظهر سريعاً مثل مرض الكبد الوبائي والإيدز، بالتالي فالمُصاب قد يأخذ وقتاً ليكتشف إصابته وحينها ربما يكون نقل المرض لأفراد عائلته دون قصد وقد يجهل أن إصابته ناتجة عن ممارسة خاطئة في الحجامة".

ويشير كمال إلى أن "الحجامة تضعف الجسم لذلك لا بد للمُقبل عليها أن يكون بكل قوته لتجنب الإغماء، ففي رمضان تكون الحجامة عادة بعد صلاة التراويح ، أما المصابون بالسكري فنتبع معهم خطة توازن غذائي حتى لا يتعرضوا لمضاعفات".

ويكشف كمال أنه تقدم ببلاغ ضد مخالفين يمارسون الحجامة بشكل خاطئ لهيئة تنظيم المهن والخدمات الصحية لكنهم أخطروه أنهم غير معنيين بالحجامة في البيوت والمساجد، مؤكداً ضرورة التوعية الإعلامية للقضاء على الممارسات الخاطئة، وأهمية أن يمارس الاختصاصيون هذا العلاج لأن "غيابهم يترك الساحة للمخالفين، كما أن المبالغة في الأسعار من العيادات والاختصاصيين تؤدي بالناس للتوجه إلى المخالفين".