تتذكرون طبعاً التوجيهات الدائمة لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس مجلس الوزراء الموقر حفظه الله، للوزراء وكبار مسؤولي الدولة بالتعاطي الإيجابي مع ما تطرحه الصحافة من قضايا، وما تكشفه من مشكلات؟!

وتذكرون أيضاً تشديد سموه على ضرورة التفاعل من قبل المسؤولين مع ما يبثه الناس عبر الإذاعة أو الصحف أو كافة الوسائل الإعلامية المتنوعة من مشكلات وهموم يطلبون فيها حلاً وتدخلاً سريعاً.

كل هذه التوجيهات الصادرة يمكن أن نرى لها صدى طيباً لدى بعض الوزراء والمسؤولين، بحيث بعضهم بات ينزل للشارع فعلاً ويلتقي الناس، ويقف على مشكلاتهم ويعمل على حلها، والبعض الآخر يفتح مكتبه ويلتقي بالناس ويطلع على أمورهم وما يرفعونه لعمله من مشاكل ويحلها.

والجميل في هؤلاء الوزراء والمسؤولين أنهم حين يحلون أية إشكالية بعد وصولهم للناس، يذكرون في تصريحاتهم الرسمية أنها جاءت بناء على توجيهات الأمير خليفة بن سلمان لهم بالتفاعل مع المواطنين والوقوف على همومهم.

ونوع آخر من المسؤولين، الذين يسارعون لتنفيذ توجيهات رئيس الحكومة حينما يتحدث عن موضوع ما، خاصة ما يتعلق بالخدمات، فنرى الحراك على الأرض، ونرى العمل الجاد، والبيان بأن ذلك يأتي تنفيذاً لتوجيهات سموه.

قبل الحديث عن النوع الأخير، يجب توضيح مسألة هامة هنا، تطرقنا لها سابقاً، لكننا نكررها للتذكير، إذ واضح تماماً للمواطن البحريني، أن حل مشكلاته والحصول على رد تفاعلي سريع، دائماً يكون من خلال الرجل القيادي الأول في الحكومة سمو الأمير خليفة بن سلمان، حتى أن بعض المواطنين بات يفضل أن يصل لمجلس سموه ليعرض عليه مشكلته ويطرح القضايا العامة، إيماناً بأن الوصول لرئيس الوزراء أسهل من الوصول لمدير مكتب الوزير، فما بالكم بالوزير.

ما يقوم به الأمير خليفة، أمر يقدره عليه كافة المواطنين، ويشكرونه دوماً على تفاعله وإحساسه بهم، والأهم هو حزمه وسرعته في إيجاد الحلول.

ورغم ذلك نقول، إن الأمير خليفة حينما يقوم بذلك، هو لا يعني ترك الوزراء والمسؤولين يعيش الراحة وينتظرون توجيهات رئيس الحكومة، بل هو يوصل رسالة صريحة لمن عليه أن يستوعبها، بأن المبادرة يجب أن تكون من قبل المسؤولين، وأن واجبهم استباق الأمور والتواصل مع الناس وحل مشكلاتهم، فوصول المشكلة للأمير خليفة يعني أن هناك خللاً حصل، سواء في الوصول للمسؤول أو الوزير، أو في مدى اهتمامه بالمشكلة.

لذلك، حينما قال لنا أحد الوزراء في حديث جانبي، إنكم يا كتاب الرأي قد تحولون يوم جلسة مجلس الوزراء ليوم عصيب على بعض الوزراء حينما تكتبون عن قضايا ومشاكل معنية بقطاعاتهم، بين لنا كيف أن سمو رئيس الوزراء يبدأ الجلسة بسؤال الوزراء عما كتبته الصحافة عن قطاعاتهم، ولماذا حصلت هذه المشاكل، وكيف كان حلهم للمسألة، والوزير الذي لم يحرك ساكناً، سيكون في موقف محرج مع سموه.

بالتالي هي المبادرة المطلوبة، وتفعيل توجيه سموه بشأن التفاعل مع الناس، والذي لو تحقق لحلت كثير من المشكلات، ولأحس الناس أن هناك مسؤولين بالفعل يشعرون بنبضهم، والأهم ينصرونهم في العادل من القضايا، ويكونون هم أول محاربي البيروقراطية.

نأتي الآن للنوع الخطير من المسؤولين، وهو النوع الأخير في كل شيء، والأخص في تنفيذ توجيهات سمو رئيس الوزراء، إذ حين يتكرر طرح نفس المشكلة في الأوساط الشعبية وفي وسائل الإعلام، دون أن توضع لها حلول، ودون أن توجد لها ردود شافية، فإن هناك خللاً ما، يبرز في مقدمته مدى الاهتمام، ومن بعده إمكانية الوصول للوزير والمسؤول.

بعض القضايا يتكرر طرحها، وفيها مناشدات لرئيس الحكومة، الأمر الذي يجعلك تتساءل، لماذا تتكرر، وأين هو المسؤول عن حلها، ولماذا لا يجلس مع الناس؟!

مشكلتنا في كثير من قضايانا العالقة، تتمثل في أن المسؤول عن حلها دائماً على وضع «الصامت» أو «السايلنت»، لا يتحرك إلا حينما تستفحل المسألة، وتستدعي تدخلاً عاجلاً من سمو رئيس الوزراء ليوجه فيها، حينها ترى هذا المسؤول ينتفض من وضع «السايلنت» وينفذ، وفي النهاية يشكر سمو رئيس الوزراء.

بحكم معرفتنا بالأمير خليفة بن سلمان، هو لا يفرح بمثل هذا الشكر، هو يفرحه أن يقوم المسؤولون بواجبهم، وأن تأتي الإشادة من الناس على أعمالهم، هذا ما يهمه، فالمواطن هو همه الأول، والمسؤول المبادر المهتم بالناس هو الرجل الذي تفرح به المدرسة الإدارية لخليفة بن سلمان.