نواصل في الجزء الثالث والأخير من المقال حديثنا عن ذكرى ثورة 23 يوليو 1952.. أم الثورات في مصر الحديثة. إن الحاكم الذي يتصور أن الله أعطاه وثيقة لحكم مصر ليستعبد شعبها من أجل مأربه وعشيرته لن يكون أبداً. إن شعب مصر وجيشه لا يقتل حكامه وإنما يجبرهم سلمياً على التنازل عن السلطة وحكام مصر يتسمون بالاعتدال والعقلانية وحبهم للوطن حتى وإن لم يكونوا من المصريين مثل أسرة محمد على، فمعظمهم أثبت حبه للوطن وكذلك أثبت حسني مبارك أن الجميع يعملون لسلامة الوطن والشعب ويرفضون إراقة الدماء من أجل السلطة والشعب والجيش يبادلونهم الاحترام بخلاف الطغاة الذين يتشبثون بالسلطة ويدمرون شعوبهم ويستدعون الأجنبي لمزيد من الدمار والإرهاب ونشر الطائفية والانقسام بين شعوبهم باسم السلطة. وأنا لا أقول إن مصر وقواها المختلفة وحكامها وشعبها ورجال الدين فيها والمثقفين هم من الملائكة ولكنهم بالتأكيد ليسوا من شياطين الإنس الذين يدمرون أوطانهم وينشرون الفكر الطائفي الذي لا يمت للإسلام بصلة، والإسلام بريء من تلك الأفكار. ولم يكن إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً وإنما كان حنيفاً مسلماً، بالانقياد لإرادة الله سبحانه وتعالى. ولم يكن الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون الأربعة رضوان الله عليهم ينتمون لأي مذهب أو طائفة فهذه دعاوى الجاهلية وحقاً قال ليس منا من دعا إلى جاهلية، فالإسلام هو الإسلام، وإنما المسلمون جميعاً إخوة والمسلم الحق كما قال الرسول هو من سلم الناس من لسانه ويده فهو لا يكره الآخر ولا يحاربه ولا يهدم المساجد أو الكنائس أو غيرها من دور العبادة. إن المسلم الحق هو من يحارب دفاعاً عن الوطن والعدل الذي جاء في القرآن والحديث الصحيح لنبيه الكريم، إن أتباع الإسلام وأتباع محمد بن عبدالله هم مسلمون وحسب.

إننا نشعر بالفخر أن من أبناء مصر البررة وجيشهم العظيم من كرموا أحد قادة ثورة يوليو المنسيين في مرحلة تاريخية معينة وهو اللواء محمد نجيب وأقاموا قاعدة عسكرية تحمل اسمه وتعد فخراً لمصر وجيشها ولعروبتها، وقد شارك كبار المسؤولين من البحرين والسعودية والإمارات وقائد جيش ليبيا الوطني وغيرهم في افتتاح هذه القاعدة وهي ليست قاعدة للأجانب جاؤوا لحماية مصر وشعبها ضد إخوتهم، إنها قاعدة لأبناء مصر وجيشها خالصة لهم ولعروبتهم، فأمن الخليج العربي والبحر الأحمر هو من أمن مصر، وأمن مصر من أمن البحر الأحمر والخليج العربي وقادته الأحرار الشجعان الذين وقفوا مع مصر وشعبها في ساعة العسرة ومصر وشعبها وجيشها لن تتخلى عنهم ولن تتركهم ليكونوا وقوداً للفرس أو الصفويين أو المغول والتتار العثمانيين الذين يعيشون أوهام العظمة والمجد القديم، هل هناك تخلف أكثر من ذلك أن ترجع للماضي لتعيش في كهوفه وكأن العالم لم يتغير ويتحول العقل الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى للإنسان لمفهوم التبعية العمياء لرجل الدين بفكره الماضي والرسول الكريم قال «استفت قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك».

وختاماً، أقول تحيا مصر وتحيا العروبة والقومية العربية الإسلامية وتحيا دول مجلس التعاون وقادتهم المخلصون في السعودية والبحرين والإمارات والكويت وغيرها. ونتطلع ليثوب قادة دول عربية أخرى إلى رشدهم وألا يفعلون مثل ملوك الطوائف الذين استعانوا بالفرنجة ضد أشقائهم. وعاشت مصر أرض العروبة والإسلام والتي دافعت عنه ضد التتار والمغول والصليبين وغيرهم من الطغاة الغزاة. إننا نرحب بالتعاون مع الدول الأخرى ولكن لا نخضع لإرادتهم ولا نطرح شعارات غوغائية وغير واقعية. وإن شاء الله سوف تتحرر يوماً ما أرض فلسطين وسيعود لها شعبها فالصليبيون احتلوا تلك الأماكن زهاء مائتي عام ثم جاء صلاح الدين ليقود الحرب ضدهم وانهزمت الحملات الصليبية «والصليب منهم بريء» على أرض مصر في رشيد ودمياط وفي المنصورة والإسكندرية وبورسعيد وتقدمت مصر بسواعد أبنائها ومثقفيها وعلمائها وقضاتها من مختلف المحافظات وستبقى مصر عصية على الطغاة وعلى المحتلين والمخربين والإرهابيين إخوان الشياطين التابعين للأجنبي والذين يحبون أن يكونوا عملاء بدلاً من أن يكونوا أحراراً.

وننتهز عيد ثورة يوليو لندعو الشعب الفلسطيني للوحدة الوطنية والابتعاد عن الطائفية والتبعية للخارج والتسلح بالعقلانية ونذكر أن الذي سمح لليهود بالعودة للقدس هو عمر بن الخطاب القائد والخليفة المسلم الحق. فالإسلام ليس ضد أي ديانة أو عقيدة إذا كان أهلها يحبون السلام والأمن والأمان ولا يلجؤون للغزو والقتال والانتقام. وكل عام وشعب مصر وشعوب الأمة العربية بخير وسوف يندحر الإرهابيون وممولوهم بإذن الله تعالى والله غالب على أمره ولو كره المرجفون وأعوانهم.