هل باتت فلسطين على أبواب الانتفاضة الرابعة؟ وحين ستشتعل شرارة هذه الانتفاضة هل بإمكان الصهاينة مواجهتها وقمعها كما هو الحال في كل مرة، أم أن الوضع اختلف تماماً عن ذي قبل حيث بات الفلسطيني أكثر نضجاً ووعياً وإيماناً بقضيته؟ وهل سينتصر العرب للقضية الفلسطينية أم أنهم سيرسلون لهم رسائل الشجب والاستنكار كما جرت العادة؟ هل ستنتقل شرارة الانتفاضة المقدسية من القدس لبقية المدن الفلسطينية الأخرى؟ أم سيكون عنوان وتوجه هذه الانتفاضة هو تحرير بيت المقدس ولا شيء سواه؟

أسئلة مشروعة نطرحها قبل كل ما يمكن أن يقال حول انفجار الانتفاضة المقدسية الأخيرة، فكل الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن الفوضى التي تشهدها المنطقة ستسمح لهم بتدنيس المسجد الأقصى وأن الفلسطينيين نسوا قضيتهم ولهذا سيكون اقتحام المسجد ومنع أهالي القدس من إقامة الصلاة أمراً مناسباً للغاية في هذه المرحلة، لكن تبين للصهاينة بعد كل مجريات الأحداث الأخيرة أن فلسطين خالدة في وجدان الإنسان الفلسطيني ولا يمكن أن يغفل المقدسي عن تراب وطنه وقبلته الأولى مهما حاول الجميع إلهاءه بقضايا هامشية لا تعنيه وليست في سياق أجندته، فليس للمقدسي من همٍ سوى أن يحافظ على مدينته، مدينة الصلاة، المدينة التي لا يمكن تهويدها مهما استخدم الصهاينة من أدوات البطش والقمع والتنكيل والترهيب في وجوه الفلسطينيين، ومهما استنفروا أموالهم وإعلامهم لتهويد مدينة لا يمكن أن تهود أصلاً مهما اشتغل الإعلام المضلل ضدها وضد ناسها، فالقدس العربية ستظل عربية، وسيظل أهالي القدس منارة للتضحية والصمود في وجه كل من يحاول أن يصادر حق الإنسان الحر في العيش الكريم في بلاده وبين أهله، وستظل القضية الفلسطينية شغلهم الشاغل ولن يشغلهم عنها أي شيء سوى الموت دونها. هكذا علمنا أهالي القدس أن المبدأ أكبر من أن يشترى في غفلة من أمرنا، فالمسجد الأقصى هويتهم وخيارهم الوحيد في ظل الخنوع العربي.

الرسالة الأخيرة نوجهها لكل العرب بأن يقفوا وقفة عزة وكرامة مع إخوانهم الفلسطينيين الأعزاء بشكل يليق بتاريخ فلسطين وقضيتها المتجددة، وأن تكون القدس عروس عروبتنا في وقت الشدة والرخاء، هذا ما ينبغي للعرب أن يفهموه ويعملوا لأجله.