واشنطن - (أ ف ب): اقر مجلس الشيوخ الامريكي الخميس مجموعة جديدة من العقوبات ضد روسيا على خلفية اتهامها بالتدخل في الانتخابات الرئاسة الامريكية وباتت الكرة الآن في ملعب الرئيس دونالد ترامب الذي يعود له أن يقرر ما بين دعم هذا الموقف المتشدد حيال موسكو أو يعارضه. وردا على القرار الذي أقر في مجلس الشيوخ بعد التصويت عليه الثلاثاء في مجلس النواب، أعلنت روسيا تخفيض الوجود الدبلوماسي الأمريكي على أرضها، منددة بـ"العداء لروسيا". وأحيل النص الذي كان أثار أيضا انتقادات الاتحاد الأوروبي لما قد ينجم عنه من عقوبات على شركات أوروبية، إلى الرئيس ترامب الذي يتحتم عليه أن يختار ما بين توقيعه أو فرض الفيتو الرئاسي ضده. وبهذا القرار يعتزم الكونغرس الأمريكي معاقبة روسيا على حملة "التضليل والقرصنة" التي اتهمت بتنفيذها خلال انتخابات نوفمبر في الولايات المتحدة، كما ذكر بين الدوافع خلف العقوبات ضم موسكو القرم عام 2014 وتدخلها شرق أوكرانيا حيث أدت حرب إلى سقوط أكثر من 10 آلاف قتيل. وأقرت العقوبات بشبه إجماع في الكونغرس المعادي بغالبيته لموسكو، إذ حصلت على 98 صوتا مقابل صوتين في مجلس الشيوخ بعد إقرارها في مجلس النواب بـ419 صوتا مقابل 3. وقال زعيم الاقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر ان العقوبات ستعالج الفشل في معاقبة فلاديمير بوتين على ما وصفه بانه "خرق مذهل" لانتخابات دولة ذات سيادة، مؤكدا "ان كل هذا يتغير اليوم". من جهته اشاد السيناتور جون ماكين الذي يعتمد موقفا قاسيا حيال موسكو، بالتدابير الجديدة بحقها معتبراً أنّها "ستُحمّل في نهاية المطاف روسيا مسؤولية هجومها الصارخ" على الانتخابات الامريكية. وقال "ان تصويت مجلس الشيوخ الساحق يبعث برسالة هامة مفادها ان امريكا لن تتسامح مع الهجمات على ديمقراطيتنا او مصالح الامن القومي".

في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن موسكو ستحد الوجود الدبلوماسي الأمريكي على أرضها، معتبرة أن قرار الكونغرس ينم عن "عداء لروسيا". وتطلب موسكو من واشنطن عمليا خفض عدد العاملين في سفارتها وقنصلياتها في روسيا إلى 455 موظفا اعتبارا من الأول من سبتمبر المقبل، وتمنع السفارة الأمريكية من استخدام مقر لها في ضواحي العاصمة الروسية ومستودعات. وبهذا التخفيض يصبح عدد الموظفين في البعثات الأمريكية بمستوى موظفي البعثات الروسية في الولايات المتحدة وفق ما أوضحت الوزارة، محذرة بأنها "تحتفظ بالحق" في اتخاذ تدابير جديدة تستهدف "المصالح" الأمريكية. وكان بوتين اتهم الولايات المتحدة الخميس بـ"الوقاحة" متوعدا بالرد على العقوبات في حال إقرارها في مجلس الشيوخ، كما انتقد التحقيق المكثف في تدخل روسي محتمل في انتخابات الامريكية منددا بـ"تصاعد الهستيريا المعادية للروس" في واشنطن. ويشكل القرار ضربة لمساعي ترامب الذي يحاول منذ انتخابه تحسين العلاقات مع روسيا رغم معارضة العديدين في الكونغرس الذين يعتبرون موسكو بمثابة خصم وليس شريكا. وبوسع ترامب فرض الفيتو على النص، غير أن هذا الحل سيكون مؤقتا. ويكفي للكونغرس في هذه الحالة أن يعاود التصويت على القرار بغالبية الثلثين لتخطي الفيتو الرئاسي. ويتفادى الرؤساء عادة هذه المهانة بالتوقيع على نص القانون بعد تأخير الإجراء. وينص القرار على آلية غير مسبوقة تثير استياء البيت الأبيض، إذ تمنح البرلمانيين الحق في التدخل إذا ما قرر ترامب تعليق العقوبات المفروضة على روسيا. وكان الاتحاد الأوروبي حذر الأربعاء حليفه الأمريكي خشية أن تنعكس العقوبات على شركات الطاقة الأوروبية وتهدد تموين أوروبا بالطاقة وتثير المزيد من الانقسامات في الغرب. ويتيح القانون الجديد للرئيس الأمريكي إمكانية فرض عقوبات على الشركات العاملة على خطوط غاز من روسيا، من خلال الحد مثلا من إمكانية وصولها إلى المصارف الأمريكية أو استبعادها من الاسواق العامة في الولايات المتحدة. والواقع أن هذا الإجراء الأحادي يشكل ضربة لوحدة الصف التي تلزمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حيال روسيا منذ ضمها القرم عام 2014. وكان نظام العقوبات المفروضة على روسيا حتى الآن موضع تنسيق من جانبي الأطلسي حفاظا على هذا الموقف الموحد. كما يفرض النص، عقوبات بحق إيران تستهدف خصوصا جهاز الحرس الثوري المتهم بدعم الارهاب، وعلى كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية.