منذ أسبوع تقريباً تاه طفل قطري يبلغ من العمر تسع سنوات في إحدى غابات تركيا، وقد ظل مفقوداً لمدة تزيد عن 19 ساعة مما دفع شقيقه إلى كتابة تغريدة يطلب فيها المساعدة تحت هاشتاغ «طفل_قطري_مفقود_في_تركيا».

لم يتصدر الهاشتاغ ترند قطر فقط، حيث كثف أهل قطر الدعاء والأمنيات بأن يجده أهله، بل تصدر أيضا هاشتاغات السعودية والبحرين أمام قيام مغردي السعودية والبحرين بالاهتمام بالقضية والتغريد ودعم جهود البحث عنه والدعاء بأن يرجعه الله إلى أهله سالماً ونشر صوره والتواصل مع الآخرين في تركيا.

شقيق الطفل القطري المنصوري أعرب عن اعتزازه لكون أخيه حافظ على نفسه بكل شجاعة أمام ضياعه في الغابة لأكثر من 19 ساعة، وكذلك لكونه لم شمل المغردين ووحد بين شعبي قطر والسعودية رغم الخلافات مؤخراً جراء سياسة تنظيم الحمدين في دولنا.

ما يلفت الانتباه ويدعو للتأمل هذا الموقف الذي أدى إلى كل هذا التلاحم ومشاهد «الفزعة» الفطرية التي جاءت من أهل السعودية والبحرين والإمارات تجاه الطفل القطري، النخوة والشهامة التي لامسناها في تغريدات الخليجيين وتواصلهم مع شعب قطر للاطمئنان عليه، كمية المشاعر التي سجلها الهاشتاغ أثبتت للأعداء والكائدين أن الشعوب الخليجية متلاحمة وواحدة أمام هبات العواصف.

من التعليقات التي شدتنا من أهل قطر «كثير من المشاعر مكبوتة رغماً عن الجميع، لكن دائماً ما يكون هناك سبب لتفجيرها ويطلع المعدن الطيب»، كذلك من تعليقات أهل قطر التي تلفت الانتباه «بعد كمية هالمشاعر تأكدوا أي أحد يسب السعودي مب قطري ومن يسب قطر مب سعودي والله يصلح الشان ويحفظنا من كل مكروه»، في حين كتبت مغردة قطرية «قبل أسبوع حدث لي نفس الموقف ضعت في محطة في طرابزون لمدة دقائق وساعدتني سعودية ولم تتركني إلى أن جاء أهلي، لن أنسى لها»، في حين دعا مغرد قطري «يا جماعة حد يطلع إشاعة إن في طفل آخر مفقود.. نبي نفس المشاعر من إخواننا السعوديين لين ترجع الأمور مثل ما كانت واحسن»، كما قال قطري «أرجوكم يا أهل السعودية تعالوا عندنا سوو زحمة!».

ما يستنتج من هذه الكتابات والمواقف أن «الدم يحن فعلاً»، فالشعوب الخليجية التي هي بالنهاية من عوائل واحدة مختلطة وجميعهم أهل وأنساب وأقرباء وأحباب وأمام أي أزمة تحدث ستركن كل الخلافات بل لن يتوقفوا ولو لدقيقة عندها وسيهب الأشقاء لنجدة بعضهم بعضاً بل والتضامن، هذه فطرة لا يشذ عنها إلا من لا يفهم طبيعة الشعوب الخليجية، الطفل القطري المنصوري عندما تاه لم تكن قضيته تخص أهل قطر وحدهم بل أثبت فقدانه أن المنصوري سعودي وبحريني وإماراتي قبل أن يكون قطرياً أمام تصدر موضوعه هاشتاغات هذه الدول واهتمامهم به بل واستمرارهم بالتغريد على الهاشتاغ حتى بعد عودته لأهله والدعاء له والمباركة لبعضهم البعض بالعثور عليه!

سبحان الله، وكأن هناك رسالة سماوية لنا من الله جراء هذا الموقف.. أين ضاع الطفل القطري؟ في تركيا؟! من هب للتضامن مع قضيته قبل الآخرين؟ السعودي والبحريني والإماراتي!

مهما كبرت الاختلافات وتعاظمت المشاكل يبقى الأخ سنداً لأخيه، محال أن تنتهي الأخوة الخليجية يوماً وإن حاولت إحدى القيادات الخليجية سلخ شعبها عن هويته الخليجية والعربية، ستبقى الأزمات والمواقف خير شاهد على عودة المياه إلى مجاريها والتلاحم الذي يأتي بالفطرة ومن جينات الأخوة والنسب، الإنسانية ومبدأ أن ما يمسكم يمسنا وأن ولدكم هو ولدنا هو أساس العلاقات بين شعوب الخليج العربي منذ الأزل، منذ التاريخ، ولنا في غزو الكويت خير مثال، ولنا في أزمة البحرين الأمنية كذلك مثال آخر، ولنا أيضاً مثال في شهداء «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل»، والأمثلة تكثر وتطول.

من تواجدوا على هاشتاغ الطفل المنصوري وشكروا أهل السعودية هم القطريون الأصل والفصل الذين من كلماتهم نعرفهم ونعرف حجم حبهم ومودتهم لنا، ومحال أن تتغير نظرتنا ومشاعرنا إليهم يوماً، لا مرتزقة تنظيم الحمدين الذين لا يمثلون أخلاقهم، الموقف الذي حدث خير تأكيد أننا إخوة في النهاية وشعب واحد وأن هناك رسالة سماوية من الله إلى النظام القطري لكي يتفقه ويتأمل الموقف الحاصل ويراجع سياساته التي تعمل على التحالف مع تركيا وإيران والابتعاد عن محيطهم الخليجي والعربي، الذي فطرة شعبهم الشقيق العزيز لن ترضى بغيره!