طاقم الجزيرة مهندسو الإعلام القطري والراسم لاستراتيجيته الإعلامية، صرفوا الملايين للترويج لمصطلح «الحصار» في العواصم الأوروبية، واستعانوا بشركات علاقات عامة أوروبية لتروج «لمأساة» الشعب القطري على شاشات وقنوات التلفزة المحلية والأوروبية، فاستأجروا مساحات إعلانية بمئات الآلاف لوضعها على سيارات الأجرة، والإعلانات في الشوارع في المدن والعواصم الكبرى، للعب دور الضحية التي منع عنها الغذاء والدواء، ليفاجؤوا هم قبل غيرهم بأن الشعب المحاصر المسكين الممنوع من شراء الحليب اشترى لاعباً لكرة القدم بميزانية دولة 200 مليون يورو، اللهم زدهم وبارك لهم في أموالهم، لكن ضاعت فلوس حملة «الحصار» هباء منثوراً! وأكاد أرى الأوربيين المسؤولين عن الحملة وهم يشدون شعرهم بعد هذا الخبر، فكيف سيجمعون بين كلمة حصار وبين نيمار؟ المتلقي الأوروبي ذاكرته قادرة أن تمسح برقم 200 مليون يورو دموع التماسيح التي تبكي شح الحليب عن أطفال قطر، باختصار «ضاعت فلوسك يا صابر» وما ذلك إلا لأن أصحاب الحملات الدعائية ظفرهم ليس قطرياً ولا خليجياً، فلا يهمهم ظهور قطر بمظهر الكاذب محدود الذكاء!

مهندسو السياسة الإعلامية القطرية وعلى رأسهم طاقم الجزيرة يستندون على سياسة استدرار العطف و«كسرة الخاطر» بعد أن أعيتهم الحجة والمنطق، وتلك حجة لا تنطبق على مواطني دولة من أغنى دول العالم، مدرسة طاقم الجزيرة الإعلامية تعودت تطبيق منهجها على مواطني دول فقيرة يعيشون في ملاجئ فتصوروا أن نفس المنهج ممكن تطبيقه على الشعب القطري، فأصبحت الحملة الإعلامية أضحوكة للعالم وموئلاً للاستهزاء واستخفافاً بالعقول، السؤال لأهلنا في قطر لم تقبلون أن يستخف بكم وبسمعتكم أمثال هؤلاء؟

ثم رأى الطاقم أن يرمي الكرة في ملعب الحكومات الخليجية ويتهمهم بالقسوة والظلم، فأتوا بممثل يبكي ووضعوا له موسيقى حزينة وهو يتساءل «كيف تمنع أخاً من التعاطف مع أخيه؟» في إشارة للقرار الذي صدر من حكومات التحالف الرباعي باتخاذ إجراءات مع من يتعاطف مع «السياسة القطرية» وإن شئتم بالنص فالقرار ينص على التالي «فإنه يعاقب التعاطف أو المحاباة لحكومة دولة قطر أو الاعتراض على إجراءات حكومة مملكة البحرين» القرار إذاً واضح ويخص التعاطف مع «الحكومة القطرية» ولم يتناول القرار من قريب أو من بعيد التعاطف بين الأشقاء. إنما الإفلاس حين يصل للقعر يضطر الموصل أن يستعين بالكذب لإنقاذ نفسه، فاضطرت القناة وطاقم الجزيرة إلى الاستعانة بممثلين وهذه هي المرة الأولى التي تتحول فيها قناة إخبارية -كانت- محترمة ومهنية، إلى الدراما فتضع المؤثرات الموسيقية في برامج حوارية!!

الخلاصة هي أن «طاقم الجزيرة» بدأ يجر القطريين على الانحدار والإسفاف والإفلاس معه، ولا شيء يجبر أهلنا في قطر على الاستجابة لهم، وليتهم حققوا نجاحاً بل أتت سياستهم بردود فعل عكسية.

ومن جهز جيشاً إلكترونياً للرد في وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن أن يكون قطرياً، الغرفة التي تدير تلك الحسابات لا يمكن أن يكون مسؤولوها قطريين، فقد شوهوا سمعة الشعب القطري وأظهروه لا يعرف كيف يتكلم، ولا يتحدث إلا بالفلوس لأن هذه هي نظرتهم لأهلنا في قطر، أظهروا القطري يسب ويشتم في الأعراض، وذلك عرف مستهجن جداً بين شعوبنا الخليجية يعود بالارتداد العكسي على أصحابه، وذلك لا يعني أن من بين الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي من دول التحالف من هو مسف وبذيء وعديم التربية، هؤلاء موجودون في كل مجتمع، ونستطيع حصرهم والأهم أننا نبرأ منهم ومن إسفافهم، إنما يبقون أفراداً هنا وهناك، المشكلة في أن من وضع سياسة الرد «الممنهج» لقطر أنشأ الآلاف من الحسابات الوهمية بأسماء قطرية ووضع عليها صور القيادة والعلم القطري، بسبب ذلك العدد الضخم بدت الصورة وكان الشعب القطري كله موجوداً على وسائل التواصل الاجتماعي، الآلاف من الردود البذيئة، الآلاف من الكلمات النابية والإيحاءات الجنسية، الآلاف يظهرون فجأة يتحدثون في الأعراض والشرف، الآلاف يتحركون فجأة للحديث عن موضوع واحد «الفلوس» لا غير، فإن كان طاقم الجزيرة ومهندسو السياسة القطرية يرون الشعب القطري هكذا، وإن كانوا قد أفلسوا أخلاقياً وأفلسوا مهنياً وأفلسوا سياسياً، فلم يقبل الشعب القطري أن ينسحب الإفلاس الأخلاقي عليهم؟

ألا يكفي سخرية أن القطريين الذين قبلوا التعاون مع طاقم الجزيرة يدخلون مبناها أول مرة والقناة موجودة في الدوحة منذ عشرين عاماً؟ ألا يكفي ليعرف أهلنا في قطر قدرهم عند طاقم الجزيرة؟

إن أول مطالبنا الـ13 في التحالف الرباعي هو إزالة الحواجز التي تحول بيننا وبين الشعب القطري الشقيق، وعلى رأسهم قناة الفتنة وأداة المشروع التقسيمي، إذ لو كان الأمر مقصوراً على أهلنا في قطر لما كانت هناك مشكلة بيننا وبينهم، ولما احتاج أخي القطري أن يبث همه وتدمع عينه أمام «طاقم الجزيرة» فكيف تشكو يا أخي العزيز همك لمن حال بيني وبينك؟