قد يظن القارئ أن تلك النقطة من بنات أفكاري، ولكنها حقيقة بت أخشى ارتيادها خشية أن تسمم أفكاري..!! فهذه النقطة ليست مزحة ولا عنواناً لفيلم هزلي، وإنما هي مركز تجمع نموذجي فريد للتحليل والمعالجات السياسية لمن تأبط عقله. يأتي هؤلاء في طلائع جيش المسيح الدجال التي بدأت في الظهور مؤخراً، ويتصدرها كتائب «أشباه المحللين» والمتفذلكين من الحمقى والمجانين، الذين باتوا نجوماً في مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحوا يروجون للأكاذيب والتفاهات والمهاترات النيئة على أنها تحليل سياسي أو طرح حداثي مقنع. ولعل من المحزن أن البعض بات يتخذ من هؤلاء مصادراً للمعلومات، ولما يسميه الإتيان بالحقائق التي لا يجرؤ على الحديث عنها آخرون، أو مقياساً لنبض الشارع والرأي العام في بلدانهم، بينما هي تعجز أن تمثل نفسها على نحو لائق ومحترم.

في ظل التزام المحللين السياسيين الصمت، احتل «أشباه المحللين» واجهات الإعلام والتواصل الاجتماعي، لينظّر كل منهم بأسلوبه الحربي الخالي من قواعد السياسة ومعناها، أو بأسلوبه الهزلي الذي يسعى جاهداً للسخرية بكبار القوم وعليتهم دونما غاية سوى اجتذاب الأنظار وفتل العضلات. ولكن هؤلاء لا يمثلوننا كخليجيين، ولا يمثلون النخب الثقافية والفكرية التي أصبحت على مقربة منها وبت أعرف ثقلها الفعلي ورصانتها البالغة، ولا يمثلون دولهم حتى.

من تفصل أثواب طفل تزعم أنها ستنجبه من زوجها القادم «خالد بن الوليد»، هل يمكننا اعتبارها رمزاً معبراً عن رأي دولة خليجية ما في القضايا ذات الأهمية؟! وهل يعتد برأي من يقول إن أسامة بن لادن لم يُقتل ويعيش حالياً في نيويورك برفقة زوجته الزنجية؟ تُرى.. أيمكننا أن نعتبر أحدهم ممثلاً لرأي دولة خليجية شقيقة، بعدما قال على منصة إعلامية مشهورة إن الخليجيين لن يقبلوا باستيعاب اللاجئين السوريين لأنهم مرضى وقذرون، مع وضع عشرات الخطوط الحمراء تحت الأسباب التي أوردها..!! أم يمكننا القبول بمن تقول إن بقايا حزب البعث مازالوا يحكمون الكويت ويهددون حياتها، رغم أن الكويت تحررت من الغزو البعثي منذ أكثر من ربع قرن؟!

وفي مجتمع خليجي أحسبه على مستوى من الوعي السياسي يحق لي التساؤل، كيف ينقاد البعض ليعتبروا هؤلاء صفوة المفكرين والمحللين؟ وكيف لهم أن يعتدوا بمثل تلك الآراء كما لو أنها الصورة الحقيقية الواضحة التي يمكن تقديمها عن مجريات الأحداث أو عما يسمى بـ«خفايا» الأمور في بلداننا؟! عجباً لمن يسمعهم..!! ولعله من المؤسف أن نرى في مواقع التواصل الاجتماعي من يروج لتلك الأفكار البالية، ويعيد تغريدها أو نشرها، فإني عندما أرى هؤلاء المروجين، أكون قد عرفت من هم أصحاب الفكر الضحل، ما يجعلني أشعر أن الوعي الجماهيري الخليجي مهدد ويسهل اقتياده، وليس هذا ما كنت أحسبه عليه..!!

* اختلاج النبض:

مع نجاح المسيح الدجال في إرسال أبنائه لتطويع وعينا بتفاهاتهم.. نحن أمام خيارين، إما إصدار ببلوغرافيا للنخب الفكرية الخليجية الحقيقية، أو ببلوغرافيا للمجانين والحمقى، ليكون المجتمع على بينة من أمر الثرى والثريا.