كشف السياسي السوري هلال الهلال، الأمين المساعد لحزب البعث الحاكم في سوريا، أن العد التنازلي للتسوية في سوريا، والتي وضعها الأمريكيون بموافقة الروس، قد بدأ فعلاً. وذكر أن هناك دستوراً جديداً تقوم الأمم المتحدة بوضعه حالياً، على أساس النظام الكونفدرالي، وأن يتولى الحكم مجلس رئاسي مكون من 3 أشخاص، وجهاز أمن واحد، وضم المسلحين للجيش السوري، ومغادرة المقاتلين الأجانب، فيما ستحتفظ القوات الأمريكية والروسية والتركية بتواجد دائم لها في سوريا.

دستور جديد وانتخابات خلال شهرين

وقال الهلال، في تسجيل أذاعته قناة «بلدنا»، لمكالمة هاتفية مسربة، إنه يتم حالياً وضع اللمسات الأخيرة لتنفيذ التسوية الأمريكية. وأضاف أن الأمم المتحدة تعكف حالياً على وضع دستور جديد لسوريا، سيعلن عنه الشهر المقبل، حظي بموافقة عالمية، من قبل أوروبا، وأمريكا، وروسيا، والسعودية، والسوريين أنفسهم. وأشار إلى أن هذا الدستور قائم على أساس النظام الكونفدرالي، وعلى أساس إجراء انتخابات رئاسية خلال شهرين من الآن، في الداخل والخارج، بإشراف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. فيما شكك السياسي السوري، من حزب البعث الحاكم، إذا كانت هذه الانتخابات ستفضي إلى فوز الرئيس الحالي بشار الأسد.

مجلس رئاسي وكونفدرالية

وقال إن الدستور ينص على أن يحكم البلاد مجلس رئاسي، مكون من 3 أشخاص، رئيس علوي، ومساعد سني، ومساعد ثانٍ من الأقليات. وقال بأن الحكومة الجديدة ستكون حكومة مختلطة. وأضاف أنه وفقا للدستور الجديد فإن كل المحافظات ستكون تابعة للعاصمة دمشق، حسب النظام الكونفدرالي، وستشكل كل محافظة إمارة، وسيكون لكل مدينة محافظ خاص بها، مرجعه العاصمة دمشق، وموازنته منها.

التجهيز للتسوية

وكشف أن الحكومة السورية الحالية تجهز نفسها الآن لتنفيذ هذه التسوية، عدا نقطة عالقة لم تجد لها حلاً لغاية الآن، وهي أن الأمريكيين يصرون على إلغاء جميع أجهزة الأمن القائمة حالياً واستبدالها بجهاز واحد، يسمى الأمن الوطني، وجهاز أمن آخر يكون مختصاً بالجيش، وهو الأمر الذي تتحفظ عليه الحكومة السورية. وأن التسوية تقضي أن يتولى الأمن الوطني شخص سني من حلب، ويتولى الأمن العسكري شخص علوي.

تواجد عسكري أمريكي روسي تركي

ويصف الوضع الحالي في سوريا بقوله إن الحرب ستكون قد انتهت نهائياً بحلول شهر 10 المقبل. وذكر أن التسوية تقضي بضم جميع المسلحين إلى الجيش السوري، فيما يغادر المقاتلون الأجانب البلاد. وأضاف أن التسوية تقضي بتواجد القوات الأمريكية في جنوب سوريا، كما ستحتفظ القوات الروسية بتواجد لها، وكذلك القوات التركية، وذلك بحجة استتباب الأمن والسلام بسوريا. واختتم حديثه بأن العد التنازلي للتسوية قد بدأ فعلاً.

كلفة الحرب:

500 دولار يومياً لكل مقاتل

في الحرب الأهلية السورية، قيل إن عشرات الدول، كان لها مجموعات تقاتل لحسابها في الداخل السوري. ويمكن لصاحب الخيال أن يتصور أن كل دولة، من الـ64 دولة المتدخلة في سوريا، تدعم فصيلاً أو أكثر، ولديها ضابط ارتباط يدير الفصيل من يوم ليوم، فيما يتم تزويد المقاتلين بالأسلحة والذخائر، والأموال لدفع الرواتب، وأيضاً بالمعلومات الاستخبارية. وقد ثارت تكهنات وشائعات كثيرة حول حجم الدعم الذي قدمته الدول المختلفة. إذ قيل مثلاً، إن المقاتل الواحد، من «الثوار»، كان يكلف الدولة الداعمة أكثر من 500 دولار يومياً، بينما يكلف الضابط المسؤول قرابة 2000 دولار يومياً. فلو تخيلنا فصيلاً مؤلفاً من ألف مقاتل، تكون الكلفة اليومية نصف مليون دولار للمقاتلين فقط، في اليوم الواحد. وهذا يعني 15 مليون دولار شهرياً. وسنوياً تكون الكلفة قرابة 200 مليون دولار، لتشغيل فصيل مكون من 1000 مقاتل فقط. فهذا يعني أن الحرب السورية قد كلفت المليارات.

هل التسريب متعمد؟

جرت العادة في كل الحروب أن يعرف الناس لماذا بدأت ولماذا توقفت. أما الحرب السورية فالناس لا يعرفون لماذا اندلعت، ولا يعرفون الآن لماذا توقفت. لذلك كانت المعلومات عن تفاصيل الحل، التي كشفها السياسي السوري، هلال الهلال، صادمة، وربما كان التسريب متعمداً لتهيئة الرأي العام، وتخفيف الصدمة، مع اقتراب إعلان الحل النهائي.

الحرب الأهلية السورية

مثل الحرب الأهلية الإسبانية

ما جرى في سوريا هو حرب عالمية مصغرة، تشبه إلى حد ما الحرب الأهلية الإسبانية في الثلاثينات - ولما انتهت تلك الحرب، وجربوا فيها كل أنواع الأسلحة الجديدة الفتاكة آنذاك، اندلعت الحرب العالمية الثانية. وربما تشكل نهاية الحرب الأهلية السورية -بداية لحرب عالمية جديدة- تماماً كما حصل في إسبانيا، قبل حوالي ثمانية عقود من الزمن.

نمو الدور التركي

خلاصة القول إذن، أنه يبدو أن التدخل الروسي العسكري في الحرب السورية، بالتفاهم والتنسيق مع الجانب الأمريكي، ومع الجانب التركي أيضاً، هو الذي يضع حداً لهذه الحرب، خاصة أن هذه الدول الثلاث هي الوحيدة التي ستحتفظ بتواجد عسكري في سوريا، بموافقة جميع الأطراف، وهي التي ستضمن الاستقرار في سوريا. والملفت للنظر في المسألة هو نمو دور تركيا، لوحدها دون غيرها من دول الإقليم، مما يؤشر إلى نمو نفوذ التركي، إقليمياً ودولياً. فهل أصبحت تركيا فعلاً عضواً في نادي الكبار؟

* كاتب وإعلامي أردني