يأمل فنان الخط العربي والأكاديمي المصري أحمد مصطفى الذي قضى أكثر من أربعة عقود يدرس ويعمل في بريطانيا أن يرد الدين إلى بلده بإقامة أول متحف للحرف العربي في مصر يجذب الدارسين العرب والأجانب على حد سواء.

وقال مصطفى (74 عاما) وهو أستاذ زائر بمعهد أمير ويلز للعمارة في لندن وفي جامعة وستمنستر في مقابلة مع رويترز "نحن نقيم في دولنا العربية متاحف للفنون التشكيلية وغيرها من الفنون المأخوذة عن الغرب وهو ما يصنع نوعا من الانفصام بين عاداتنا وتقاليدنا وذوقنا العربي وبين ذائقتنا الجمالية".

وأضاف "حتى على المستوى الأكاديمي نرى جامعة مثل جامعة الأزهر تضم كليات للطب والصيدلة والعلوم وليس بها كلية للفن الإسلامي على سبيل المثال، لذلك نحن في أمس الحاجة لإقامة متحف للحرف العربي لا يعرض الأعمال فقط وإنما يؤرخ ويشرح ويفسر ويتتبع منشأ الخط العربي".



تخرج مصطفى في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية عام 1966 قبل أن يحصل على منحة للدراسات العليا في بريطانيا نال خلالها درجة الدكتوراه عام 1989 عن رسالة بعنوان (الأسس العلمية لأشكال الأحرف العربية)، كما شارك بأعمال فنية في العديد من المعارض الدولية وله عدة مؤلفات علمية.

ومن أبرز مؤلفاته موسوعة (الخط الكوني) الصادرة باللغة الإنجليزية عام 2014 عن الأصول الهندسية للخط العربي والتي ينتظر ترجمتها وصدورها باللغة العربية خلال الأشهر القليلة القادمة.

وقال مصطفى لرويترز "فكرة المتحف اختمرت في رأسي بعد صدور الموسوعة، فكرت أن هناك بالتأكيد خطوة تالية يمكن اتخاذها في التوعية بأسس الحرف العربي وأصوله العلمية والأكاديمية".

وأضاف مصطفى الذي أسس مركز (فنون) للفن والتصميم العربي في بريطانيا قبل 30 عاما "التصور بالكامل في ذهني، حتى طريقة العرض، أتمنى أن أجد من الجهات المختصة في مصر الدعم اللائق والمناسب لتحقيق هذا المشروع الضخم".

ويطمح مصطفى أن يكون مقر المتحف الجديد في القاهرة وبالتحديد في قلب قاهرة المعز حيث المباني التاريخية والآثار القديمة. وقال "إقامة المتحف في هذا التوقيت بالتحديد...هام للغاية لتعريف الزائر الغربي وحتى المواطن العربي بأصول وفنون الخط العربي". وأضاف "الزائر الغربي عادة يأتي ليرى الآثار الفرعونية والمعابد لكننا نفتقد التعريف بحضارتنا العربية وأهم مظاهرها ولغتها الأساسية.. اللغة العربية".

ويزور مصطفى القاهرة حاليا بناء على دعوة لتكريمه من ملتقى القاهرة الدولي الثالث لفن الخط العربي الذي تقيمه وزارة الثقافة بالتعاون مع الجمعية المصرية لفناني الخط العربي في الفترة من 12 إلى 24 أغسطس.

وقال مصطفى لرويترز "حضوري الملتقى وهذه المشاركة هي إظهار مباشر لروابطي الحقيقية بمصر لأن هذه الروابط لم تنقطع مطلقا. عندما دعيت .. قبلت الدعوة مباشرة". وإلى جانب تفوقه الأكاديمي تحفل المتاحف الأوروبية بلوحات من إبداع مصطفى الذي سبق له الحصول على الجائزة الثانية في بينالي الإسكندرية عام 1968 والجائزة الأولى في النحت في بينالي الإسكندرية العاشر عام 1973 . كما أهدت إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا إحدى لوحات مصطفى بعنوان "حيث يلتقي البحران" إلى شعب باكستان في عام 1997 بمناسبة مرور خمسين عاما على قيام دولته. وقال "هذا المشروع إذا أردت أن يخرج للنور فحسب كان بوسعي أن أعرضه على أي دولة عربية أخرى، وربما نفذته مباشرة. لكن أنا أريد أن أقيمه في مصر.. بلدي".