أصدر مشروع "كلمة" للترجمة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الترجمة العربية لكتاب "أساطير النشوء الإفريقية" للمؤلف الأمريكي ستيـﭭـن بِلْچَر، ونقله إلى العربيّة د. موسى الحالول.

وكان الكتاب قد صدر بالإنجليزية عام 2005، وهو يضم واحدًا وسبعين فصلًا، وكل فصل يحتوي على عدد من الأساطير التي ما زال الأفارقة يتداولونها إلى اليوم عن نشأة ممالكهم وأقوامهم و قبائلهم و مواشيهم و مزروعاتهم كيفية تعلمهم المهن المختلفة. وكانت هذه الأساطير بالأصل مَرْويّاتٍ شفويةً إلى أن بدأ الغربيون (من تجار ومستعمرين في البداية ثم إثنوغرافيين وأنثروبولوجيين لاحقًا) يحتكون بالأفارقة، فراحوا يُدوِّنون هذه المرويات.

وفي الحقبة الاستعمارية وما بعدها راح الأفارقة أنفسهم يدونون هذه الأساطير بلغة المستعمرين التي فُرِضت عليهم، وذلك لحفظ تراثهم الشفوي الثري. لا تقتصر وظيفة الأساطير على التسلية وتزجية الوقت فقط، بل تشرح بأسلوب أسطوري كيف تشكَّل عالَمُ الجماعات الإفريقية وبم تتمايز عن بعضها وكيف تأسست ثقافاتها: فهي إما كانت هبةً من الأرواح، أو كانت نتيجة مغامرةٍ عاثرةٍ أو صدفةٍ بحتةٍ، أو بسبب الصراع والتنافس. ت



متد حكايات الكتاب على كامل التراب الإفريقي باستثناء البلاد العربية الإفريقية (ما عدا مصر الفرعونية). ولعل هذا الاستثناء راجعٌ لأن الإسلام والتدوين أحبطا إلى حدٍّ كبيرٍ رواجَ الأساطير التي تناقلها الأفارقة مشافهةً عن تاريخهم المتخيَّل، وإن كان بعض المسلمين الأفارقة قد نسجوا أساطير عن شخصياتٍ عربيةٍ أو إسلاميةٍ معروفةٍ، كما استعاروا حكاياتٍ من التراث التاريخي والقصصي العربي وسخّروها لأغراضهم.

وقد أشار المترجم في قسم الحواشي إلى مواطن التشابه والاستعارة هذه. وُلِد د. ستيـﭭِـن بِلْچَر في القاهرة، حيث كان والده دبلوماسيًا، ثم تنقَّل في عدد من البلدان الإفريقية والأوربية قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته الجامعية، حيث تعاقد مع وزارة الخارجية الأمريكية بصفة مترجم (إنجليزي-فرنسي)، وكان يرافق الزوار الأفارقة في جولاتهم السياحية في أمريكا. حصل على الدكتوراه في الأدب المقارن من جامعة براون، ثم درَّس في جامعة نواكشوط (حيث تعلَّم شيئًا من العربية)، ثم في جامعة پنسلڤانيا الحكومية، ثم في جامعة كانكان الغينية.

نشرت له جامعة إنديانا سنة 1999 كتابًا بعنوان "المأثورات الملحمية الإفريقية"، كما شارك في وضع مختارات من الملاحم الشفوية الإفريقية بعنوان "ملاحم شفوية من إفريقيا : أصواتٌ حيَّةٌ من قارَّةٍ متراميةِ الأطراف" (بلومنغتن: مطبعة جامعة إنديانا، 1997). وقد نشر عددًا من الأبحاث في المجلات البحثية المتخصصة في الأدب والفلكلور، وهو يعيش الآن في ولاية ﭬـيرمونت، حيث يكرس حياته للبحث والكتابة الروائية. أما مترجم الكتاب، د. موسى الحالول، فهو أكاديمي ومترجم سوري. دَرَسَ الأدب الإنجليزي في جامعة حلب، ثم حصل على الماجستير (1991) والدكتوراه (1995) في الأدب المقارن من جامعة پنسلڤانيا الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية. وهو حاليًا أستاذ الترجمة والأدب الإنجليزي في قسم اللغات الأجنبية بجامعة الطائف، بالمملكة العربية السعودية. له ترجمات عديدة من الإنجليزية.