إن من أكبر وأخطر المشاريع السياسية المضرّة بالعرب وبالمنطقة عموماً هو عزل جمهورية مصر العربية عن الوطن العربي بشكل كامل، فمشروع عزل القاهرة عن محيطها العربي ليس بالمخطط الجديد أبداً، ولأن مصر عصيّة على الإذلال والركوع لكل المشاريع الاستعمارية التقسيمية، أبتْ أن تنحني، ولهذا لجأ دعاة مشروع التقسيم إلى إفقارها ومحاصرتها اقتصادياً في أكثر من مرحلة وعلى مدى أكثر من خمسة عقود، ثم بعد ذلك حاولوا إلهاء الشعب المصري عن قضاياه وإشغاله بمعترك لقمة عيشه عن النظر إلى مستقبله ومستقبل وطنه لكنهم لم ينجحوا كذلك.

كل هذه المخططات الفاشلة الخاصة بعزل مصر وضربها من تحت الحزام لم تجدِ أي نفع مع دولة يعادل تاريخها تاريخ كل الدول التي حاولتْ ومازالت تحاول النيل منها ومن شعبها، ومن هنا بدأ أعداء مصر والعروبة بشن حملات إرهابية مسعورة ضد الدولة وضد الشعب المصري على حد سواء، فزرعوا العبوات الناسفة واستخدموا عملاءهم في الداخل والخارج لإحداث الفوضى حتى قاموا بالتخريب والتفجير الدموي في كل مناسبة، كما حاول هذا التوجه الخبيث بضرب المؤسسة العسكرية المصرية واستهداف الأمن فيها بشكل مباشر، فَجَرَت عمليات اغتيالات واسعة في الأعوام الأخيرة كان مرادها تصفية القيادات العسكرية والقضائية في مصر العروبة.

ربما تمرض جمهورية مصر العربية لكنها لا تموت وهذا ما يجب أن يفهمه الأعداء، فالمؤامرات التي يحيكها أعداء العرب ضد الدولة المصرية والشعب المصري باتت مكشوفة جيداً، ومع كل الضربات التي تلقتها القاهرة عبر العقود الماضية وعلى وجه الخصوص التفجيرات الإرهابية فإن مصر اليوم أصلب من أي وقت مضى، وستعود مصر العزيزة كما كانت وأقوى، والضربة التي لا تقتلك تقوِّيك، وها نحن نشاهد مصر وهي تسترد عافيتها من جديد وهذا يثبت لنا أن الإرهاب وحَّد المصريين بشكل كبير للغاية.

هذا بالنسبة لمصر، أما بالنسبة للعرب فيجب عليهم التمسك بمصر وعدم تركها وحدها في محاربة الإرهاب، كما يجب علينا نحن العرب إفشال مخطط عزل هذه الدولة العربية عن محيطها العربي وعدم إعطاء الفرصة لأعدائها أن يحققوا مرادهم الخبيث باستمرارية العزلة السياسية والدولية بينها وبيننا واختلاق الخلافات التافهة بين الفينة والأخرى لاستكمال مشروع الحصار العربي بعزل مصر عن محيطها وعزل العرب عن حاضنتهم الأم.

ستظل مصر العربية الدولة المركزية الكبيرة في مواجهة التحديات الدولية والإقليمية صامدة وقوية، وستظل مصر قلب العرب النابض وشوكة في حلق كل الدول المعادية للعرب ولكل الحركات المتطرفة والعميلة، وستبقى مصر عزيزة كما كانت وأكثر، فلا يمكن أن نتصور الوطن العربي من دون مصر، كما لا يمكن لمصر أن تتصور نفسها من دون أشقائها العرب.