عواصم - (وكالات): دخلت القوات الحكومية العراقية الثلاثاء إلى قضاء تلعفر وسيطرت على 3 أحياء في المدينة التي تعد أحد آخر معاقل تنظيم الدولة "داعش" في العراق، تزامنا مع تأكيد وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس من بغداد دعم بلاده للمعركة ضد التنظيم المتطرف، فيما قالت الأمم المتحدة إن "النازحين من تلعفر يعانون الإجهاد والجفاف"، بينما أكد مسؤولون أمريكيون أن "ماتيس يبحث مستقبل القوات الأمريكية في العراق"، مشيرين إلى أن "ماتيس سيطلب من قيادات الأكراد إلغاء الاستفتاء على الاستقلال".

واخترقت القوات الحكومية حدود مدينة تلعفر شمال غرب العراق في اليوم الثالث من حملة تدعمها الولايات المتحدة لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم الدولة "داعش". وتحدث وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس قبل وصوله إلى العراق وقال إن المعركة ضد "داعش" ليست قريبة من نهايتها على الرغم من النجاحات التي حققتها الحكومة المدعومة من الغرب في الآونة الأخيرة. ويقول قادة عسكريون أمريكيون وعراقيون إنه لا يزال هناك ما يصل إلى ألفي متطرف في تلعفر.

وبعد مرور أكثر من شهر على طرد التنظيم من مدينة الموصل، ثاني مدن العراق، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة إثر 9 أشهر من المعارك الدامية، بدأت فجر الأحد معركة تلعفر.



وتلعفر، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً إلى الغرب من الموصل، هي إحدى المدن الاستراتيجية الرابطة بالحدود السورية.

اقتحمت القوات العراقية تلعفر من عدة محاور في اليوم الثالث من العمليات التي تشارك فيها قوات من الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي.

وأفاد بيان للحشد الشعبي أن "اللواءين الحادي عشر والثاني في الحشد الشعبي حررا حي النور جنوب شرق تلعفر بالكامل" وكذلك "الحي العسكري شمال شرق تلعفر".

وأضاف أن "اللواء الحادي عشر وفرقة التدخل السريع "التابعة لوزارة الداخلية" وقطاعات الجيش العراقي تمكنت من تحرير حي الكفاح بالكامل من سيطرة داعش الإجرامي".

وقال المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي النائب أحمد الأسدي "إن الاشتباكات عنيفة (...) لكن هناك انهياراً لدفاعات داعش على الخطوط الأمامية".

بدوره، أكد المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول أن "قطاعات من الفرقة المدرعة التاسعة بمشاركة قوات الحشد الشعبي، باشرت اقتحام قضاء تلعفر من الجهة الشرقية للمدينة ومستمرة في التقدم"، في حين اقتحمت "قوات جهاز مكافحة الإرهاب مركز قضاء تلعفر من الجهة الجنوبية الغربية للمدينة".

وتمكنت القوات العراقية من استعادة مدن مهمة ومناطق واسعة من سيطرة تنظيم الدولة الذي تمكن عبر هجوم شرس منتصف عام 2014 من السيطرة على ثلث مساحة العراق.

وأعربت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء عن قلقها من نزوح آلاف المدنيين من تلعفر. وأشار بيان للمفوضية إلى وصول 1500 عائلة إلى معسكر للعبور جهز خلال الأيام الأخيرة، وهناك استعدادات جارية لاستقبال 22 ألف شخص ممن يفرون من تلعفر.

وتزامن التقدم السريع للقوات العراقية في تلعفر، مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي ماتيس الذي عقد اجتماعات مع قادة عراقيين بينهم رئيس الوزراء حيدر العبادي في بغداد.

وجدد الوزير الأمريكي دعم بلاده للعراق في حربه ضد المتطرفين، محيياً "المدن المحررة وتخليص الناس من الإرهابيين" ومؤكداً أن "تنظيم الدولة في طريقه للاندحار".

وأضاف أن المتطرفين "ثبت أنه لا يمكنهم مواجهة قواتنا في المعركة ولم يستعيدوا شبر أرض من الأراضي التي خسروها". بيد أنه حذر قبل وصوله إلى بغداد أن التنظيم المتطرف "لم يختف بعد ولن يحصل ذلك قريباً".

وأضاف أن معركة الموصل "كلفت القوات العراقية أكثر من 6 آلاف جريح وأكثر من 1200 قتيل".

لكن رغم ذلك، استعادت تلك القوات ثقتها. وشدد ماتيس على أن استعادة الموصل ما كانت لتحدث "من دون ثبات رئيس الوزراء العبادي في إعادة تشكيل هذا الجيش الذي كان مشتتاً في عام 2014، الجيش الذي ورثه". كما أن التدريب المكثف والتخطيط والدعم الناري من الجيش الأمريكي، كان لهما دور كبير في تحقيق هذا النصر.

وأوضح ماتيس أن المحادثات ستتركز حول المسار المستقبلي، ولا سيما كيفية الحفاظ على العراق ومنع وقوع انقسام سياسي جديد والحد من نفوذ إيران المجاورة. وقال المتخصص بالشؤون الأمنية الشرق أوسطية في مركز "الأمن الأمريكي الجديد" بواشنطن نيكولاس هيراس، إنه ما زال يتعين تثبيت الدعم الأمريكي، متوقعا مقاومة من الفصائل الشيعية والإيرانيين.

وقال هيراس إن "الوزير ماتيس سيركز كثيراً على مسلك للولايات المتحدة لتحافظ على وجودها في العراق لمواصلة تدريب قوات الأمن العراقية".

وإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة توجه كردستان إلى إجراء استفتاء حول استقلال الإقليم في 25 سبتمبر وهو ما تعارضه الولايات المتحدة بشدة باعتباره يهدد بتقويض العبادي سياسياً ويشتت التركيز عن محاربة تنظيم الدولة "داعش".

وزار ماتيس بعد بغداد أربيل شمال العراق للتباحث مع رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارازاني.

وقال مبعوث الرئيس الأمريكي لدى التحالف الدولي بريت ماكغورك إن "الاستفتاء في هذا الوقت سيكون كارثياً للحملة ضد داعش".

وأضاف "ليست الولايات المتحدة وحدها، بل كل عضو في التحالف يعتقد أن ليس هذا الوقت المناسب لإجراء هذا الاستفتاء".

وبعد أن أثنى على التقدم في تلعفر بعد تطهير 235 كيلومتراً مربعاً خلال الساعات الـ 24 الأولى توقع "معركة صعبة جداً"، لكنه لفت إلى أن القوات العراقية والأمريكية "تتحرك بشكل أسرع وأكثر فعالية وكفاءة"، وذلك يعود جزئياً إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى ماتيس مزيداً من الصلاحيات لاتخاذ قرار بشأن التكتيكات والموارد اللازمة.

وقال ماتيس الذي يقوم بجولة لخمسة أيام تشمل الأردن والعراق وتركيا وأوكرانيا، إنه سيناقش أيضاً مسألة إعادة الإعمار وعودة مئات آلاف العراقيين النازحين بسبب المعارك، وخصوصاً في الموصل.

غير أن هيراس اعتبر أن ماتيس الذي قال إنه يحظى بثقة العراقيين، يحتاج إلى أن يساعد العبادي في بناء سلطته كشخصية معتدلة في مرحلة ما بعد الحرب، مع اقتراب الانتخابات المرتقبة العام المقبل.