ادعو دائماً من خلال كتاباتي المتواضعة الرأي العام البحريني إلى عدم «التحلطم» ولكني أنا اليوم سأتحلطم لعلي أفرغ ما يجول في خاطري من ثورة وعدم رضا عن بعض القرارات التي ليست في صالح المواطن.

وسأتحدث تحديداً عن مشروع السكن الاجتماعي، هذا المشروع الرائد الذي ساهم في حل مشكلة كثير من المواطنين وخفف طوابير الانتظار على الخدمات الإسكانية المقدمة، حيث فوجئت بأن من شروط الاستفادة من هذا المشروع الوطني الرائد والطموح والقابل للتطوير ألا يزيد عمر المستفيد عند تقديم الطلب وصرف التمويل من البنك عن 35 سنة!! وسؤالي المنطقي الوحيد للقائمين على المشروع «من صجكم»، «أم هل هذه مزحة»؟!

في البحرين، لكي يستطيع الشاب من محدودي الدخل او متوسطي الدخل، الزواج، يحتاج إلى سنوات عديدة لتجهيز نفسه، ولأذكر نفسي وأذكركم بخارطة طريق حياة الشاب البحريني من محدودي ومتوسطي الدخل، أولاً يتخرج من مرحلة البكالوريوس، وهو في سن 22 إلى 24 سنة، ويبدأ البحث عن «وظيفة»!! أتحدث هنا عن طالب جامعي انضم إلى طوابير البطالة حتى يجد فرصة عمل، أما إذا لم تسمح له الفرصة لإكمال دراسته الجامعية فإن الموضوع سيكون أصعب في الحصول على وظيفة تؤهله أصلا للانتفاع بالسكن الاجتماعي الذي من شروطه أيضاً أن يكون راتب المستفيد من 600 إلى 1200 دينار فقط.

المهم يبدأ الشاب البحريني رحلة البحث عن عمل، وسأكون متفائلة وسأقول إنه حصل على وظيفة في عمر 25 سنة في إحدى الدوائر الحكومية التي يبدأ فيها سلم الرواتب بمبلغ 467 ديناراً بحرينياً «طبعاً كما أشرت أنني أتحدث عن خريج جامعي لأن رواتب غير الجامعيين أقل من نصف الرقم المذكور».

بعد انضمام الشاب البحريني للعمل يحتاج إلى وسيلة مواصلات تضمن له التنقل، وهنا تبدأ مرحلة القروض، فيبدأ المواطن البحريني الدخول في دوامة القروض، وأول قرض كما هو متعارف عليه اجتماعياً هو قرض السيارة التي عادة ما تكون «متوسطة» هي الأخرى، ولا أتحدث هنا عن « المتفلسفين» الذين يقتنون سيارات فارهة ويدفعون مجمل راتبهم كقسط لقرض السيارة، ومع تسديد قرض السيارة، يبدأ الشاب البحريني رحلة البحث عن شريكة حياته وهو بين عمر 28 إلى 32 سنة، ويبدأ مرحلة القرض الثاني من أجل أمور الزواج وترتيب بيت الزوجية المؤقت، لحين تحقيق حلم أحلامه بالحصول على «الإسكان» أو عدم الانتظار كثيراً والانضمام إلى مشروع «السكن الاجتماعي».

وما أن يصل الشاب البحريني إلى عمر 35 سنة إلا ويجد من يطرده من الاستفادة من خدمة السكن الاجتماعي أيضاً.. ويجعله ينتقل إلى خانة طوابير الإسكان التي تتجاوز 10 سنوات كأقل تقدير.

باختصار وبدون إطالة لكي لا «يزعل» المسؤولون مني كالعادة، هل تدرسون الواقع؟ هل لديكم دراسات حالة عن المواطن البحريني على أساسها تضعون الاشتراطات؟ هل لديكم أشخاص من الطبقة محدودة الدخل والمتوسطة يضعون معكم القرارات؟! أم أنكم تكتفون بما تعتقدون؟!

ولماذا عمر 35 سنة؟ أليس هناك ضمان وتأمين على القرض المقدم للمستفيد؟ أو ليس على المستفيد من هذه الخدمة دفع ما قيمته 10 % من قيمة القرض المحددة بـ 90 ألف دينار «كاش»، مع علمكم طبعاً بأن هذا المبلغ لا يوفر منزلاً حسب اشتراطاتكم!! وسيضطر المستفيد إلى أخذ قرض آخر لدعم القرض الذي ستمولونه به!!

سؤال آخر بسيط «ماذا تريدون من وراء هذه الاشتراطات التعجيزية»؟! تريدون حملات علاقات عامة تقول إن لدينا العديد من الخطط والبرامج التنموية لحل مشكلة الإسكان؟! أم أنكم تريدون بصدق أن تقدموا «خدمة للمواطن»؟!

في كل المؤسسات الرائدة توجد جهات تعمل كمجسات لقياس أثر البرامج المقدمة للمواطنين، فهل قمتم بقياس أثر شروطكم التعجيزية التي تضعونها «لكسر مجاديف الشباب البحريني» المتطلع للاستقرار والحصول على السكن؟!

لماذا لا تفكرون بطريقة تجارية شأنكم شأن البنوك التجارية؟! فالمواطن هو من «سيدفع» القرض بالفوائد المحددة وخلال المدة المحددة؟! فلماذا تضعون حاجز العمر لتحديد قبول طلبه من عدمه؟! وأين المنطق في ذلك؟!