كانت الساعة الثالثة فجراً واكتشفوا أنه لا تتوفر سيارات أجرة في وقت متأخر في المنطقة التي كانوا يسهرون فيها، وهم كانوا يبحثون عن سيارة أجرة تقلهم، وكان أحدهم يجلس في مكان قريب منهم، ولاحظهم، فجاء إليهم وكأنه انتبه لما يبحثون عنه، فسألهم، هل تبحثون عن مواصلات؟ فلما أجابوه بنعم، دعاهم إلى الركوب لإحدى السيارات.

ظنوا وهم يركبون السيارة ومن طريقة كلامه وتعامله أن هذه السيارة نظامها مثل نظام الأجرة وقد يستخدمها للتوصيل، عندما وصلوا لمكان إقامتهم وسألوه عن الأجر، فاجأهم بالقول «أنا أجري أخذته من ساعة ما شفتكم! يكفي وجودكم بيننا.. حياكم الله في بلدكم سلطنة عمان» يقول أحدهم: يبدو أنه لاحظ أننا سائحون ونحتاج للتوصيل ورغم أن المنطقة التي كنا نسهر فيها بعيدة بعض الشيء عن مكان إقامتنا إلا أنه اختار أن يترك المكان الذي كان جالساً فيه ويترك أصدقاءه ويوصلنا دون أن يخبرنا بنيته في أنه كان يود خدمتنا وبلا مقابل.

ويكمل: هذا الموقف ليس بمستغرب على أهل عمان المعروفين بالطيبة، فأحد السياح الخليجيين كان يزور السلطنة مع عائلته وقد تعطلت إحدى إطارات سيارته وظل الرجل «متوهجاً» حائراً يبذل جهداً لاستبدال الإطار، فلما مر به بعض الشباب ووجدوا الرجل مرهقاً والسيارة بها أطفال طلبوا منه أن يأخذ سيارتهم ليوصل عائلته إلى الفندق ويترك السيارة لهم حيث قاموا بتبديل الإطار وإيصالها له إلى مقر إقامته!

ما يميز سلطنة عمان إلى جانب أجواء الأمن والاستقرار فيها التي تجعل الشخص آمناً وهو يتجول فيها حتى ساعات متأخرة من الليل الطيبة والشهامة وغيرها من صفات يتميز بها أهلها الكرام، وأنت في سلطنة عمان لن تشعر بما قد تشعره في دول أخرى وأنت تخالط أهلها وتتعامل معهم، حتى البائع في المحلات التجارية ستجده يأخذك ويدلك على محلات تجارية أخرى تبيع نفس ما يبيعه دون أن يخشى من تأثر ذلك على تجارته! الأجمل أنك عندما تمضي إلى صلالة بالذات فإنك لن تشعر بالغربة أبداً بل ستشعر أنك وسط أهلك وناسك فأهلها بسطاء وطيبون، إن كل صغير وكبير هناك يسوق للسياحة بطريقته وتعامله الراقي.

شخصياً لم أدرك وأنا أدخل إلى معرض كتاب «عمان من السماء» والذي قام بتدشينه معالي وزير الاتصالات العماني السابق الشيخ أحمد بن سويدان البلوشي ضمن مهرجان صلالة السياحي أن هذا العنوان المختصر والمنشود للتعبير عن انطباعنا من زيارة سلطنة عمان ضمن قافلة الإعلام السياحي 2017 التابعة للمركز العربي للإعلام السياحي.

صور المعرض التي التقطت من خلال طائرة صغيرة حيث الصور تنوعت ما بين لقطات الفيديو والصور الفوتوغرافية وبجودة عالية جداً تجعلك تشعر أن الصورة طبيعية وكأنك حاضر في المكان نفسه الذي تطالعه عيناك، بعض الصور تبدو كأنها لوحة فنية رسمت بريشة فنان مبدع استطاع بحرفية نادرة أن يوثق لقطات ومن خلال زوايا تصوير مبهرة محال أن يراها مصور أو رسام أو فنان ولا تشده أو تلهمه زيارتها وتوثيقها من خلال ريشته أو عدسة كاميرته، لذا فإن سياحة التصوير والرحلات البرية لا بد أن تكون حاضرة ضمن أنواع السياحة التي تتمتع بها سلطنة عمان خاصة للمصورين العالميين الذين غالباً ما يفضلون المناظر النادرة، فطبيعة سلطنة عمان تجمع ما بين جغرافية الجبال والسهول والوديان والأنهار وأشجار اللبان المنتشرة تمنح الفنان الإلهام والإبداع والتصوير حيث تبدو لقطات الطبيعة في سلطنة عمان والتي أخذت من ارتفاعات ومواقع جبلية وكأن عمان لوحة من السماء فعلاً أبدعها الخالق عز وجل بل بعض المناظر لا يمكن أن تصدق أنها موجودة في منطقة الخليج العربي المعروفة ببيئتها الصحراوية.

ونحن نتأمل الصور أدركنا أن هناك الكثير من المقومات السياحية التي تزخر بها سلطنة عمان ولاتزال تحتاج للترويج والتسويق حتى تظهر على مستوى السياحة العربية، من المقومات التي تجعل سلطنة عمان مهيأة لأن تكون قوة اقتصادية متنامية ما تمتلكه من موانئ ومرافق تجعلها نقطة تجارية رائدة، فميناء صلالة اليوم يحتل موقعاً هاماً لتجارة اللبان والمواد الغذائية، كما أن سلطنة عمان بالعموم تتميز بوفرة ثرواتها السمكية والغذائية مما يجعل الحركة التجارية والاقتصادية أمام موقعها المميز مزدهرة دائماً ويوجد المزيد من التنوع ومصادر الدخل للاقتصاد العماني.

حسب كتاب «ظفار طبيعة وفن» للكاتب سالم بن عوض النجار تبلغ مساحة محافظة ظفار بعمان نحو 100 ألف كيلومتر مربع أي ثلث مساحة السلطنة تقريباً، وتنقسم إلى عشر ولايات أبرزها صلالة، المحافظة التي بزغ منها فجر النهضة عام 1970 بقيادة حاكم سلطنة عمان السلطان قابوس بن سعيد المعظم، سلطنة عمان بما تضمه من مواقع أثرية ومعالم تاريخية وثقافية هي سحر الخليج العربي كمثل ما يقال عن مصر الشقيقة المعروفة بأنها سحر الشرق الأوسط! وللحديث بقية.