تكلمنا من قبل عن أهمية وعي المواطنين في مراحل الأزمات الاقتصادية وعلى ضرورة ترشيد الإنفاق الخاص بهم حتى يتكيَّفوا بشكل مريح مع الهزة المالية الحاصلة اليوم، فوعي الأسر البحرينية بأهمية وخطورة هذا الموضوع يجعلها أكثر تماسكاً في الأوقات الحرجة، وحين تمر الأزمات الاقتصادية بمختلف مستوياتها ودرجاتها سنجد الناس في المنطقة الآمنة لأنهم ابتعدوا عن كل المفاهيم السلبية التي تشكل كل معاني التبذير والإسراف ومن ثم الإفلاس الحقيقي.

هذه مجموعة من الإجراءات الاحترازية التي طالبنا فيها المواطنين وقت الأزمات المالية باتخاذها. اليوم نتكلم عن دور الحكومة في التعامل مع المواطنين بشكل مريح وذلك من باب الرأفة بأوضاعهم المعيشية ومساعدتهم وليس الضغط عليهم بصورة مزعجة. إن الضغط على المواطنين يتخذ عدة صور وأوضاع اقتصادية مختلفة، واليوم سنتكلم عن الجدلية الحاصلة بخصوص الرسوم المضافة والجديدة على التاجر البحريني والتي ستؤثر بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية للمواطنين الكرام.

حين تقوم الدولة بفرض رسوم خيالية وضخمة على التاجر البحريني فهذا يعني أنها تضغط على المواطن بشكل آلي فكيف يحصل ذلك؟ إن الرسوم المرتفعة المفروضة على التاجر في مختلف الأنشطة التجارية وعند تجديد السجلات السنوية وغيرها من الفروضات المالية الأخرى تؤدي إلى أن يكون أمام التاجر خياران فقط، فهو إما أن يلغي مشروعه ونشاطه التجاري بشكل نهائي أو أن يقوم برفع أسعار السلع بشكل مخيف جداً مما يعني مزيداً من الضغط على جيوب المستهلكين. فالفكرة ليست في الضرائب المقنعة ولا في الرسوم المفروضة على التاجر بقدر ما هي الضغط على المواطنين ولكن بصورة غير مباشرة، فكلما ضغطت الحكومة على التاجر فإنها من جهة تضغط على المواطنين لأن التاجر سيحاول تحصيل أرباحه من خلال زيادة الأسعار وهذا أسوأ ما في الموضوع.

من المهم أن نوجه خطابنا للناس بترشيد الإنفاق، لكن من المهم توجيه الحديث إلى الحكومة من طرفنا كإعلاميين كذلك لمراعاة وضعية المواطنين بل وحتى التجار البحرينيين -خصوصاً الصغار منهم- فالحكومة تعلم أن الإجراءات الأخيرة المتعلقة برفع الرسوم وغيرها تعتبر عوامل طاردة للتاجر الصغير من السوق، بل ربما تكون مضرة حتى بالتاجر الكبير، فكلنا يعلم أن في ظل الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تتأثر بها الدول على الرغم من إمكانياتها الهائلة كيف لا يتأثر بها التاجر الكبير والصغير؟

يجب أن تكون الرسوم الجديدة على التجار مدروسة بشكل جيد قبل إصرار الحكومة أو وزارة التجارة تحديداً بفرضها بشكل قاسٍ وغير مرن، فنحن مقبلون على أيام اقتصادية حرجة يجب توزيع تحمل تبعاتها على الجميع وليس على التاجر وحده أو المواطن وحده أو على الفئات الضعيفة كالتاجر الصغير.