حين أرادت الحكومة البريطانية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي لم تجرؤ على فعل ذلك دون أن تجري استفتاء عاماً على الشعب البريطاني، حتى لو كانت الماجنا كارتا البريطانية تجبرها والقوانين البريطانية ترغمها على إجراء الاستفتاء، إلا أن مسألة مصيرية كهذه ما كانت لتحدث دون أن يكون للشعب البريطاني الكلمة الفصل فيها، بعد أن تسمح الحكومة لجميع وجهات النظر أن تعبر عن نفسها بحرية تامة، ليستمع البريطانيون للذين مع الانسحاب وللذين ضد الانسحاب كي يقرروا بحرية تامة، فهل يجرؤ الحمدان على أن يجريا استفتاء للشعب القطري على قرار انسحابهم من مجلس التعاون بدلاً من فرض هذا القرار عليهم؟ وبدلاً من الاكتفاء بالتهيئة النفسية لهذا القرار هل ستسمح خلايا عزمي لمن يحمل وجهة نظر ضد الانسحاب أن يعبر عن نفسه بحرية تامة؟!

يعرف الحمدان أن انسحاب قطر من مجلس التعاون خيار اثنين من القطريين فقط هما «الحمدان»، أما القطريون فيعرفون أن الانسحاب من المجلس هو سباحة في الفضاء دون حتى حبل يربطهما بالمحطة الفضائية، دعوا عنكم إعلامكم الذي يصور لكم الأمر على أن قطر منعزلة قطر دون عمقها الاستراتيجي ستكون بوضع أفضل، فهذا ما يروجه إعلام الحمدين، فالحمدان يخشيان المواجهة، لأنهما يعرفان أن البقاء في المجلس يعني ابتعادهما عن السلطة فعلياً لا شكلياً والقضاء على مشروعهما.

القطريون حتى وإن وقفوا مع تميم يؤازرونه، إلا أنهم يعرفون أن ما قام به الأب ووزيره لا يمكن قبوله وأن إنكاره بات مستحيلاً مع توالي نشر الأدلة، فهل خير القطريون بين المطالب الـ13 والبقاء في المجلس؟

القطريون يعرفون أنهم كما استقبلوا معززين مكرمين بين إخوتهم في المملكة العربية السعودية وهم حجاج بيت الله على عكس ما روج إعلامهم، سيبقون معززين مكرمين في وطنهم دون مساس بسيادتهم ولا بأمنهم ولا باستقرارهم ولا بمواطنتهم لو تحقيق المطالب واختاروا المجلس.

القطريون يعرفون أن وجود الحمدين في السلطة هو ما يحول بين قطر وبين مجلس التعاون، فالحمدان رغم انصياعهما بترك الكرسي إلا أنهما مازالا يحكمان القبضة ولهما القرار، ومصران لا على جر الابن معهما فحسب والقضاء على مستقبله السياسي، بل مصران على جر الشعب القطري معهما للهاوية بفصله عن جسده، فلا فائدة للشعب القطري من مشروع الحمدين، لكن الإعلام القطري يسأل الشعب ما الفائدة من مجلس التعاون؟

هناك بالتأكيد من القطريين من يرفض الخروج من منظومة مجلس التعاون حتى من المؤيدين للحكم، والرافضين لقرار المقاطعة، شريحة لا نعرف حجمها وقدر اتساعها، لأن الإعلام القطري يحجبها عنا تماماً، فالإعلام القطري يديره عزمي بشارة وانتهاء المشروع يعني عودته لإسرائيل بخفي حنين بعد أن فشلت مهمته، فمن اللحظة التي فضح فيها ضلوع «الحمدين» في «مشروع الشرق الأوسط الجديد» سعى عزمي بشارة إلى عزل القطريين عن محيطهم تماماً بكل أدواته، وربط مصيره بمصير الشعب القطري، وهيأ الأرضية لانفصالهم عن جسدهم وبدأ الحديث عن الانسحاب فارضاً على الشعب القطري نفسه ومشروعه، رغم أن المطالب كانت واضحة لا تمس السيادة والأمن القطري ولا تهدف إلا لعزل المشروع وإجهاضه إلا أن خلايا عزمي ومن يريد ملف الحمدين أن يبقى مفتوحاً جيروا الإعلام لصالحهم وصوروا الأمر للقطريين على أنه مساس بهم وبسيادتهم وبكرامتهم، ولا ندري حقيقة أين المساس بالقطري لو أن خلايا عزمي تركت الدوحة وأغلقت دكاكينها؟

صحف قطر وجزيرتها وإعلامها، جعلوا من الشعب القطري كتلة صماء لا تعي ولا تفهم، أظهروه بمظهر المغيب قليل الوعي وبل وحتى قليل الأدب، فخلايا عزمي لم تحسب حساباً لأخوة ولقرابة ولروابط للدم ولعيب و«لسنع» ولم تضع خطاً بل تخطت كل حدود الأدب وانحدرت أخلاقياً بشكل لم يسبقهم إليه أحد، أنا عن نفسي وغيري من الكتاب من النساء تحديداً ومعنا المغردات وصلنا من تلك الخلايا ألفاظ لا يقبل الأخ أن يصل مثلها لأذن أخته!!! ولا يمكن أن أصدق أن من يتولى الإشراف على تلك الحسابات خليجي قطري مثلنا، ومع ذلك نحن مستمرون بمخاطبة إخوتنا من أهل قطر لا هؤلاء المندسين، وسؤالهم إن كان الخيار بين منظومة مجلس التعاون وبين مشروع إسقاط مجلس التعاون، فأيهما سيختارون؟