كل عام يمضي بنا ونحن نستقبل موسم الحج تتكشف لنا أوراق اللعبة السياسية التي تديرها إيران ضد المملكة العربية السعودية ويتأكد لنا حجم العداء الكبير الذي تكنه ضد بلاد الإسلام والمسلمين واستهدافها للإسلام وحربها الجائرة على المسلمين في سبيل إدخال مراسم وطقوس خارجة عن مناسك الحج والإسلام حتى وإن كلفها ذلك محاولة تعطيل وتدمير مواسم شعائر الله. إيران هذا العام لم تتواجه مع السعودية وجهاً لوجه لإكمال مشوارها المستمر في استهداف مواسم الحج والذي بدأت فيه منذ عام 1986 بل وجدت في الأزمة القطرية فرصة ثمينة لجعل قطر كما الدمية التي تحركها لتضرب السعودية بها علها تحقق يوماً ما تصبو إليه من تدويل قضية الحج أعظم شعائر المسلمين، الذي يحيه المسلمون خلال أكبر موسم لهم يشهده العالم الإسلامي وانتزاع إدارته من السعودية.

نحن نجزم بأن قطر أرادت تدويل الحج لأجل إكمال مشوار إيران في تسييس شعائر الحج، لكن ما هو متأكد لدينا أكثر من ذلك ونراه من أولويات قطر أنها وضمن ألعاب مراوغاتها السياسية ومحاولاتها المستمرة الفاشلة لافتعال أي أزمة أو قضية مفادها أن تشغل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب عن خطواتها القادمة وما بعد مرحلة وثيقة الشروط التي تحمل 13 مطلباً قد وصل بها الفجور في الخصومة إلى عدم مراعاة حرمة الحج وتجنب خلط أوراق الدين بالسياسة حتى وإن أدى ذلك إلى منع إقامة شعائر الله والسعي إلى تعطيل عبادات المسلمين وخراب مواسمهم الدينية «طبعاً هذا بالأصل ليس بمستغرب على دولة تستضيف المطلوب أمنياً الإرهابي القرضاوي» فهل يتخيل أي مسلم بل أي شخص في العالم أن تقوم دولة بمنع حجاج بيت الله الحرام وتعطيل أي طريق يفتح لهم للاتجاه إلى أطهر بقاع المسلمين ثأراً للقرارات التي اتخذت ضدها نتيجة سلوكياتها الإرهابية المتطرفة دون مراعاة تبعات ذلك، ودون مراعاة نتائج عدم أدائهم لمناسك الحج وحرمانهم من أجر أحد أركان الإسلام الخمسة وكنوز هذه الأيام العظيمة كما بقية المسلمين في أنحاء العالم؟!

عندما نتأمل موقف قطر ومنعها للحجاج القطريين الانتقال جواً إلى السعودية أمام موقف المملكة العربية السعودية التي فتحت الحدود البرية والجوية للحجاج القطريين وقد جاء هذا الموقف بعد وساطة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني ولقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة حيث أمر خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بدخول الحجاج القطريين إلى السعودية بدون تصاريح إلكترونية وفتح المنفذ البري لهم ونقلهم عن طريق الخطوط السعودية مجاناً من الدوحة والأحساء والدمام واستضافتهم بالكامل على نفقته الخاصة وتوفير كافة الاحتياجات لهم، يتضح لنا هنا الفارق الواضح بين طفولة قطر السياسية ومراهقة إجراءاتها التي تعكس تفاهة مواقفها وتخبطات تصرفاتها وسوء إدارتها للأزمة الحاصلة مقابل نضج وحنكة السياسة السعودية، التي ابتعدت عن شخصنة القضية أو خلطها بالدين وأكدت للرأي العام الإقليمي والدولي «بالفعل لا بالبيانات والتصريحات والخطابات المتناقضة» أنها لا تستهدف شعب وأرض قطر في موقفها تجاه تنظيم الحمدين وأنها لم ترمِ بخلافاتها عليه لتجعل الشعب القطري هو من يتجرع ويدفع ثمن سياسات قطر غير العربية وعدائية النظام القطري بل كانت السعودية بملكها - خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأبقاه ذخراً للمسلمين - كبيرة بمواقفها، حليمة وعادلة في إجراءاتها، دون الحاجة لأن يخرج مسؤول سعودي بخطابات وبيانات لتكسب المملكة ود الشعب القطري أو توضح حقيقة موقفها وإجراءاتها، فسياسة السعودية دائماً «الفعل أبلغ من الكلام».

بالأمس كانت إجراءات قطر تجعل المتابع لها يستكشف مدى بعدها عن عمقها الخليجي والعربي، بينما اليوم وأمام فوضوية تصرفاتها وخلطها لأوراق السياسة بالدين، يتأكد لنا أن قطر تبدو اليوم دولة بعيدة عن خصوصيتها الدينية أمام محاولاتها لهدم أحد أركان الإسلام الخمسة بمنع الحج. ونحن نتابع محاولات قطر لتسييس الحج وتدويله كقضية وتعطيل وصول الحجاج القطريين إلى السعودية استحضرنا جملة من خطاب أمير قطر الأخير عندما قال، «تعرفون جميعاً أننا لم نرد بالمثل ولم نمنع مواطني الدول الأخرى من البقاء في قطر «فهل إجراء قطر بمنع دخول الطائرات السعودية إلى مطار حمد الدولي ليس ضمن سياسة عدم الرد بالمثل مثلاً؟ أو أن قطر تهتم ببقاء مواطني الدول الاخرى وترى أن وجودهم والحفاظ عليهم أهم بكثير من الحفاظ على مواطني قطر واستمرار كسب ولائهم وتلبية حاجاتهم وتوفير الأجواء المناسبة لأداء مناسكهم وعباداتهم؟

قطر اليوم فجورها في الخصومة يؤكد للجميع أنها كما استهدفت شعوب الدول العربية لتأسيس مشروعها الإرهابي التدميري فهي لن تتوانى عن التضحية بشعب قطر وجعله ورقة سياسية تستخدمها عند الحاجة لإكمال مشوارها في افتعال الأزمات ضد المملكة العربية السعودية وإشغالها بالصراعات.