رفاء عمر:

"اليوتاينجا هي ما يسمى بالموت الرحيم وهي رحمة للمريض من العذاب والتعاسة وأيضاً رحمة لذويه من رؤيته يتعذب".. هذا ما قاله حسن خالد الذي قرر وعائلته إزالة الأجهزة الطبية من والده لينعم بحياة أفضل بقرب خالقه فقد اكتفى الوالد من جرعات الكيماوي لمرض السرطان ودخل في غيبوبة طويلة في هولندا وأصبح جسده لا يتقبل العلاج بعد أن تدهور حاله من سيء لأسوأ وأصبح العلاج ميؤساً منه وما هي إلا أيام معدودة لملاقاته ربه وما فعلوه كان بمثابة تسريع للأحداث ليس إلا، فيما أكد مواطنون رفضهم لهذا الإجراء الذي يتعارض مع الإنسانية.

وأكد الدكتور فهد القشار مستشار العناية القصوة للأطفال الخدج وحديثي الولادة في المستشفى العسكري أنه لا يوجد قانون في البحرين يسمح بإزالة الأجهزة من المريض حتى وإن توفى أكلنكياً إلى أن يتوقف قلبه فيعتبر ميتاً حينها و في ذلك احترام للحياة الإنسانية.


وشرح حميد محسن من الناحية النفسية أن الموت الرحيم له تأثيرات سلبية لدى الأهل حيث إن الشخص يكون قد توفى وتبقى الأضرار النفسية على الأهل وخاصة القريبين كالأبناء والزوجة، الوالدين أو الأخوان وغير ذلك فقد يؤدي في بعض الأحيان للاكتئاب لدى القريبين أو اليأس وعدم تقبل الحياة ومن ثم عدم الاستمتاع بالحياة إلى غير ذلك من الأمراض النفسية الأخرى، وأضاف أيضاً أن هناك بعض الدول وهي الدول الأوروبية تحديداً تجيز هذا الشيء كبريطانيا مثلاً تجيزه تحت حجة تخليص المريض من الألم بعد أخذ الموافقة منه شخصياً ومن ذويه ولكن هنا تعالج مشكلة وهي الموت الرحيم في مقابل ظهور مشكلات أخرى لعل أبرزها عدم احترام الحياة الإنسانية إضافة إلى ما ينتج عنه من أمراض نفسية وتهور أخلاقي فلا أعالج أو أحل مشكلة وأخلق بدلاً منها مشاكل أخرى ومن يطبق ذلك عدد محدود جداً من الدول حتى في أمريكا وهي الأكثرية لا تطبقه علماً أنه يعتبر جريمة في القانون البحريني .

ومن الناحية الشرعية، قال الشيخ محمد صديق إن جميع الأديان حرمت قتل النفس أو الانتحار حتى وإن كان بدافع الرحمة فالموت من حق الله تعالى وحده واهب الحياة، وقد حرص الإسلام على حياة الإنسان ولم يجعل النفس ملكاً حتى للإنسان نفسه وإنما هي ملك لله استودعه إياها ولا يجوز له الانتحار أو التفريط فيها بواسطة الغير ولو كان طبيباً يهدف لإراحة المريض من الألم فهناك مثلاً لحالات من المرضى الميؤوس من شفائهم قد من الله عليهم بالشفاء. وأضاف الشيخ أن مجلس المجمع الفقهي قرر أن المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش يجوز رفعها إذ تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً وقررت لجنة من ثلاث أطباء اختصاصين خبراء أن التعطل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً بفضل الأجهزة المركبة لكنه لا يحكم موته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب توقفاً تاماً بعد رفع الأجهزة. ذاكراً أن هذه مسألة من مسائل فقه الواقع ولا يستطيع أن يحكم فيها أي شيخ من المشايخ وأن يحكم فيها المجامع الفقهية مع الأطباء المختصين.

وحول رأي المواطنين، عبر عباس محمد سعيد عن رفضه الشديد لما يترتب على إزالة الأجهزة من المريض وإنهاء حياته أو القتل الطوعي لذي الشلل الرباعي أو الزهايمر لأن الحياة تستحق العيش حتى إن كان فيها معاناه فعسى الله أن يحدث أمراً وأضاف أن الدنيا مجرد امتحان فيبتلى البعض بالنعم والبعض بالمرض فإذا اختار الموت عن الصبر يعتبر انتحار أي فشل في الامتحان الإلهي ويكون مكانهم جهنم وبئس المصير في حين أنه يمكن أن يكون بعد الصبر الفرج. وشاركته إيمان الفضل نفس الرأي تقريباً مضيفة أنه إنهاء لحياة الانسان عمداً فمن نحن لنقرر موت النفس التي حرم الله قتلها حتى وإن كان شفقة عليه وتعاطفاً معه فلن نكون أرحم على الإنسان ممن خلقه فالموت بيده تعالى ينهي حياة من اختار وله حكمة في ذلك.