فيما قال 70% من 683 فرداً شاركوا في استبيان أعدته "الوطن" إنهم يفضلون استخدام المايكرويف في تسخين الأطعمة، رفض 30% استخدامه بدعوى أنه يسبب السرطان. وأكد 41% من العينة أن جهاز المايكرويف مضر بالصحة، في حين رأى 59% أن لا ضرر من استخدامه.

فهل جهاز المايكرويف آمن صحياً؟ وملا علاقته بمرض السرطان؟


مهدي السهلاوي محاضر أول في كلية العلوم الصحية في جامعة البحرين ومتخصص في الأشعة والتصوير بالموجات الصوتية يشرح آلية عمل المايكرو ويف بالقول "يعمل جهاز الميكرو ويف على تعريض الأطعمة للأشعة أو الموجات الكهرومغناطيسية، حيث تدخل هذه الموجات إلى الأطعمة، وتحرك جزيئات الماء وجزيئات بعض المواد الأخرى الموجودة فيها. وبعد تعرض الجزيئات للموجات تبدأ بالتصادم مع بعضها. وتولد حركة التصادم حرارة فتتحول الحركة إلى طاقة حرارية ليصبح الطعام ساخناً. وبذلك فإن أشعة المايكرو ويف لا تغير التركيب الفيزيائي للذرات ولا تكون مركبات جديدة بل تؤثر فقط على الحركة. وهناك فرق بينها وبين الأشعة المأينة والأشعة السينية التي تستخدم في تصوير المرضى، فآلية عمل الأشعة المأينة أنها تعمل على إزالة الكترون من الذرة فتغير التركيب الكيميائي وتكون مركبات جديدة".



نظام الحماية

وعن الأضرار المحتملة يقول السهلاوي "
المتعارف عليه بين الناس أن كل ما يباع من أجهزة في الأسواق لا يسبب أضراراً، لكن من الناحية العلمية كل شيء صناعي ثبت علمياً احتواؤه نسبة من الخطر. أما بالنسبة لمخاطر المايكرو ويف فهي معروفة منذ اكتشافه أثناء الثورة الالكترونية في الستينات إذ لم يكن الجهاز وقتها يحتوي على حماية وسبّب للباحثين أثناء التجارب مرض "إعتام عدسة العين" أو "المياه البيضاء" بسبب حساسية عدسة العين للموجات الكهرومغناطيسية. لكن جرى استحداث عدد من طريق الحماية، إذ أصبح جهاز المايكرو ويف عبارة عن علبة معدنية تحتوي على شبكة معدنية في البوابة مليئة بالفتحات، وهذه الفتحات صغيرة جداً وتعد أصغر من موجات المايكرو ويف ما يؤدي لاصطدام الموجات داخل الغرفة المعدنية نفسها فقط. ولذلك يكمن الخوف الرئيسي إذا كان نظام الحماية غير فعّال عبر وجود تسرب في الشبكة أو خلل في الباب بحيث لا يُغلق بإحكام، إذ يؤدي حينها لحدوث مرض "إعتام عدسة العين" على المدى الطويل كما أثبتت الأبحاث. كما أن أمراض الدم واردة جداً لكن من الصعب قياسها، لأن الحياة مليئة بالعديد من العوامل المسرطنة الأخرى. ولا توجد دراسات يؤخذ بها أثبتت أن هناك علاقة مباشرة بين مرض السرطان والمايكرو ويف. فاستخدام الجهاز سيكون آمناً تمامًا في حالة اتباع الاحتياطات اللازمة".

لكن ما هي الاحتياطات وما التصرفات الخاطئة التي تنطوي على مخاطر؟

يجيب السهلاوي بأن أحد أخطر هذه التصرفات هي الوقوف بجانب الجهاز أثناء عمله أو النظر خلال الشبكة، إذ اكتشفت الأبحاث عدداً من الحالات لمرضى إعتام عدسة العين بسبب وجود نقاط تسرب دون علمهم. كما يقوم البعض بتسخين الطعام باستخدام أوان مصنوعة من البلاستيك، يجب تفادي ذلك تماماً حتى إن كتب عليه آمن للاستخدام في المايكرو ويف، لأن البلاستيك وحتى الأنواع المقاومة منه يمكن أن يتحلل ويتفكك عند تعريضه لدرجات حرارة عالية فيتسرب للأطعمة. فيجب استبداله بالأواني الخزفية والزجاجية".

وينبه السهلاوي إلى تجربة بسيطة يمكن القيام بها في المنزل لكشف أي تسرب في الغطاء الواقي بالمايكرو ويف عن طريق فصل جهاز المايكرو ويف عن الكهرباء، ووضع الهاتف المحمول بداخله وغلق الباب ومن ثم الاتصال للهاتف من هاتف آخر، فإذا رنّ الهاتف فإنه يوجد تسرب للإشعاع ويجب استبداله بجهاز آخر، كما يمكن القيام بهذه التجربة في المتاجر قبل شراء الجهاز للتحقق من جودته. وينصح السهلاوي بتبديل الجهاز بين الحين والآخر".

أفضل من الفرن

إذا كانت أشعة المايكرو ويف آمنة، فهل تؤثر على القيمة الغذائية للأطعمة؟

اختصاصية التغذية العلاجية وعلم نفس التغذية مريم الوداعي تقول "بناء على آلية عمل أفران المايكرو ويف فإن الأشعة الكهرومغناطيسية تقوم بتسخين جزيئات الماء الموجودة في الأطعمة مما يؤدي الى تبخرها فبالتالي ينتج عن ذلك حرارة تسخن الطعام. وبسبب ذلك نجد أن الأطعمة الحاوية على نسبة أكبر من الماء كالخضروات مثلًا تسخن أسرع في المايكرو ويف مقارنة بالأطعمة الأقل احتواء على الماء. وبالمقارنة بين الطهي في أفران المايكرو ويف والأفران العادية، نلاحظ أن الأول يسخن الأطعمة أسرع بكثير من الفرن العادي إذ تتركز طاقة المايكرويف على تسخين الطعام فقط، عكس الأفران العادية التي تسخن ما تحويه من الداخل بجانب الطعام، وبالتالي فإن الأطعمة المسخنة في المايكرو ويف قد تحافظ أكثر على قيمتها الغذائية مقارنة بتلك التي تسخن في الأفران العادية لقصر فترة تعرضها للحرارة. التسخين في أفران المايكرو ويف آمن إذا تم اتباع إرشادات الاستخدام الصحيحة له، كمراعاة نوعية الأواني المستخدمة في التسخين وغيرها من الأمور التي تكتب في كتيب الاستعمال المرفق لأجهزة المايكرو ويف.

لكن الوداعي تلفت إلى أنواع من الأطعمة يجب تفادي تسخينها في المايكرويف، وتقول "رصدت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" عدداً من التقارير لحوادث حروق جلدية حادة في اليد والوجه نتيجة الانفجار المفاجئ للماء المسخن لفترة طويلة في أفران المايكرو ويف. فعندما يحدث تسخين شديد للماء في الكوب، من الممكن أن تؤدي أي حركة طفيفة مثل التقاط الكوب أو صب ملعقة من القهوة فيه إلى انفجار الماء المغلي. لذلك فإن إضافة القهوة الفورية أو السكر قبل التسخين تقلل من خطر حدوث هذه الحوادث، وكذلك اتباع التوصيات في كتيبات أفران المايكرو ويف، خصوصاً فيما يتعلق بمدة التسخين. إذ يجب على المستخدمين التأكد من أنها لا تتجاوز أوقات التسخين الموص بها عند تسخين المياه الي درجة الحرارة المطلوبة".

وعن علاقة المايكرو ويف بالسرطان، تقول الوداعي "مقولة إن تسخين الطعام في المايكرو ويف يسبب سرطانات صحيحة لكن قبل عام ١٩٧١، ففي سنة ١٩٧١ وضعت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قوانين صارمة لصناع أفران المايكرويف مما جعل هذه المقولة خاطئة في يومنا هذا في حال اتباعنا الإرشادات الصحيحة في استخدامه. صحيح أن أشعة المايكرويف ضارة لجسم الإنسان ولكن إذا تعرض لها مباشرة. إذ حدد المعيار الفدرالي مقدار أشعة المايكرويف التي يمكن تسريبها طول عمر الجهاز بـ٥ مل واط في السنتيمتر المربع أي مسافة ٢ بوصات تقريباً من سطح الفرن مما يجعل الأشعة الصادرة من الاجهزة السليمة المتفقة مع المعايير ذات تأثير لا يذكر على صحة الإنسان. علما أن الاشعة الخارجة من المايكرويف تقل كلما ابتعدنا عن الجهاز. كذلك اشترطت على شركات صناعة المايكرويف وضع نظام في جميع أفرانها بحيث تتوقف عن إصدار أشعتها تلقائياً حال فتح باب الفرن وكذلك تصميم أبواب الأفران بشكل محكم للحد من تعرض الأشخاص إلى الأشعة مباشرة. وفي حال وجود خلل أو عطب في باب فرن المايكرويف أو أي جزء منه بحيث يسمح بتسريب أشعته الى الخارج ينصح بالامتناع الفوري عن استخدامه".

هل يؤدي استخدام المايكرويف الى انتقال الأمراض عبر الطعام؟ تجيب الوداعي "هذا صحيح سواء باستخدام الأفران العادية أو أفران المايكرو ويف في حال عدم تسخين الطعام جيداً لقتل الميكروبات أو البكتيريا المسببة للأمراض. وينبغي الحرص على نظافة المايكرو ويف. واستخدام أوان معدة لذلك".