كلنا يتذكر مسمار جحا الذي وضعه في داره قبل بيع الدار إلى شخص آخر، وكيف جعل له موطئ قدم في دار باعها وأزعج المالك الجديد كل يوم بحجة الاطمئنان على مسماره العزيز الذي اشترط ألا يكون ضمن البيعة حتى ترك المالك داره لجحا وهرب منها، فذهب المسمار مثلاً، إلا أن جحا يبقى تلميذاً صغيراً أمام مكر الفرس الذين يحاولون وضع مسمارهم في دار لم يملكونها من قبل ولم تكن لهم في يوم ما لتكون لهم، وبدل مسمار جحا ربما سيكون «داعش إيران».

ما زلنا نعيش مهزلة اتفاق «حزب الله» مع تنظيم «داعش» وعملية نقل مئات المقاتلين وعوائلهم بباصات إلى منطقة البوكمال على الحدود العراقية والتي لم تصل إليها الباصات حتى لحظة كتابة هذا المقال، والجميع يبحث عن سر استقتال «حزب الله» على نجاح الاتفاق، وصراخه يومياً بأن أمريكا تعرقل مسيرة الباصات ولا تسمح لها بالوصول إلى نقطتها الأخيرة مما يعني انهيار هذا الاتفاق مطالباً بعدم ضربهم لأن فيهم نساء وأطفالاً، في موقف يتناقض مع مواقف سابقة عندما شدد حسن نصرالله وأكد على عدم السماح لأي فرد من أفراد «داعش» بالخروج حياً من الموصل ووجوب محاصرتهم داخلها حتى لا يذهبوا إلى مكان آخر والنتيجة أن الموصل سويت بالأرض وقتل فيها من الأبرياء والعجزة والأطفال عشرات أضعاف «داعش»، أما أمريكا فتقول إنها خارج هذا الاتفاق ولا تريد ضرب رتل الباصات لأن فيها أعداداً من النساء والأطفال، مع أن أمريكا تقصف النساء والأطفال في سوريا والعراق دون أي حرج، لكنها في الوقت ذاته قطعت الطرق والجسور أمام هذه الباصات ومنعتها من الوصول إلى مبتغاها.

ماذا يريد «حزب الله»

ومن ورائه إيران؟

لو دققنا قليلاً بالمنطقة التي تم الاتفاق على ذهاب مقاتلي «داعش» إليها لوجدنا أنها منطقة لا تواجد لإيران فيها، وأمريكا تقيم مناطق آمنة بالقرب منها وفي شريطها، وقد حاولت ميليشيا «حزب الله» العراقي وميليشيا أخرى تابعة لإيران أيضاً من اختراق منطقة قريبة منها وقصفتهم الطائرات الأمريكية وأجبرت من بقي منهم على الرجوع إلى الداخل العراقي، وهي منطقة تقع على الطريق الرابط بين العراق وسوريا وفيها أحد المعابر الحدودية، ونقل مئات المقاتلين من «داعش» واستقرارهم في ذلك المكان سيشكل ذريعة قوية للميليشيات المرتبطة بإيران للوصول إلى تلك البقعة بحجة قتال «داعش» لتوجد لإيران موطئ قدم ونفوذاً وتؤمن الطريق من إيران إلى الداخل السوري، بدل أن تكون هذه منطقة نفوذاً أمريكياً.

فإيران تتسابق مع أمريكا مستفيدة من عامل الوقت ووجودها على الأرض، وبذلك تجعل من «داعش» مسمارها الذي ستأتي لا بحجة الاطمئنان عليه ولكن بحجة اقتلاعه ولن تخرج بعدها من أرض لم تكن لها في يوم من الأيام، ولأن الشارع العراقي ناقم على هذه الاتفاقية وأعني منهم الذين يعتبرون الميليشيات قوات أمنية، ظهر لنا الآن وجه آخر يطالب بالسماح له بالذهاب إلى تلك المنطقة الحدودية لحماية العراق من خطر «داعش» ألا وهي الميليشيات التابعة لمقتدى الصدر لتتبادل الدور مع الميليشيات التي ضربتها أمريكا على الحدود من قبل وتكون أكثر مقبولية منها.