ظهرت مؤشرات في أوروبا على زيادة لافتة في نوايا الاستحواذ الصيني على حصص في القطاع المالي الأوروبي، حيث استحوذت مجموعة "إتش إن إيه" الصينية القابضة على 10% من مصرف "دوتشيه بنك" الألماني، فيما تنوي مجموعة "سينو غارونتيه" الصينية الاستحواذ على حصة من شركة "كوفاس" الفرنسية المتخصصة في التأمين والتمويل وضمان الاستثمار.

وفي فرنسا أيضاً يرصد مراقبون نية صندوق "أوسيون وايد" الصيني شراء حصة أغلبية في شركة "سي إيه بي" للتأمين. ويضاف إلى ذلك إعلان مجموعة "أنبانغ" الصينية أنها تدرس شراء حصص في شركة "آليانز" الألمانية العملاقة للتأمين، ضمن خطط لتأسيس إمبراطورية مالية عالمية، وأعلنت النية نفسها مجموعة "إتش إن إيه" الصينية، علماً أن الصفقة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

ونقلت "الشرق الأوسط" عن مصرفي متابع لهذا النوع من العمليات "أن الصينيين باتوا أكثر تركيزاً من ذي قبل، ويعرفون ماذا يريدون للمرحلة المقبلة. فبعد الاستحواذات العشوائية الكثيفة في عشرات القطاعات، يركزون الآن على القطاع المالي".



وذكر أن الحصص الصينية في القطاع المالي الأوروبي يتجاوز عددها 50 حصة حتى الآن، أبرزها في بريطانيا (18) وهولندا (6) وألمانيا (5) والبرتغال (5) ولوكسمبورغ (4) وبلجيكا (3)، بالإضافة إلى حصص أخرى في وحدات مالية ومصرفية فرنسية ونمساوية وبلغارية وتشيكية ودانماركية وسويسرية.

وورد في إحصائية وضعت بتصرف المفوضين الأوروبيين الأسبوع الماضي أن الاستحواذات الصينية تستهدف القطاع المالي الأوروبي أكثر من نظيره الأمريكي، وبفارق 100% من حيث القيمة منذ 2014. أي أن الاستحواذات الصينية في أوروبا تساوي ضعف تلك المنفذة في الولايات المتحدة.

وأشارت الإحصائية إلى أن المسألة تتسارع منذ سنتين، وتحديداً منذ استكمال شركة "فوسان" الصينية وضع يدها على أكبر بنك برتغالي مدرج وهو "بي سي بي"، بحسب "الشرق الأوسط".

ويوضح مصرفيون أن "تلك المجموعات الاستثمارية الصينية تريد استكمال ما تقدمه للطبقة المتوسطة وللأثرياء الصينيين بخدمات مالية وتأمينية في الخارج. وهذا يلتقي مع هدف السلطات في مراقبة خروج الرساميل، ومعرفة كيف تدار الثروات الصينية في الخارج؛ لا سيما أنها لا تثق كثيراً بالقطاع المالي المحلي الهش".

ويضاف إلى ما سبق بعض الأسباب الأخرى، مثل أن اليوان ليس عملة تحويل عالمية، لذا فأي استحواذ على بنك أوروبي سيسمح بدخول الأسواق الأوروبية للحصول على عملات صعبة لتمويل الاستحواذات الاستراتيجية الأخرى؛ لا سيما الصناعية التي تعتبرها بكين حجر الزاوية الأول والأخير في توسعها العالمي.