مستشار الأمن القومي الأمريكي السيد «هيربرت ماكماستر» قال في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، بأن إيران مستمرة في ممارسة «زراعة» الإرهابيين في الشرق الأوسط، وفي جانب آخر تطرق للنشاط النووي الإيراني، مبيناً بأن طهران تقوم بخرق الاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة.

نتفق مع وصف ماكماستر للاتفاق النووي الذي جاء على رأس إنجازات الرئيس السابق باراك أوباما «السيئة» و«السوداء» بحق حلفائه في الشرق الأوسط، بأنه «الأسوأ في كل العصور».

حتى هنا لا نختلف مع الطرح الأمريكي المحسوب على الإدارة الجديدة التي يرأسها السيد «دونالد ترامب» والذي أكد في أولى تصريحاته على أنه سيقوم بـ«إصلاح» كل العلاقات التي أفسدها أوباما مع حلفاء الولايات المتحدة.

لكن ما يبعث على التساؤل، هو تأكيد ماكماستر على أن إيران ستكون على عتبة الانتقال لمرحلة إنتاج الأسلحة النووية بعد انتهاء مدة الاتفاق الممتد لعشر سنوات، مضت منها سنتان، وكونه الاتفاق الأسوأ، لأنه سلم إيران جميع المكاسب التي ستعود عليها مقدماً.

ندرك تماماً بأن هذا كان بالضبط مخطط أوباما، والذي «حرف» التوجه الأمريكي المعلن في إطار الشعار الذي أطلق في حقبة الرئيس جورج بوش الإبن بإعلان الحرب على الإرهاب، ومناهضة انتشار أسلحة الدمار الشامل، والذي بالاستناد عليه -أي الشعار- تم تنفيذ الحرب العسكرية على العراق، والتي اتضح بعدها بأنها قامت على اتهامات كاذبة بشأن أسلحة الدمار الشامل.

أوباما أطلق يد إيران بكل سهولة، منحهم «شرعية أمريكية» للتحول إلى دولة تمتلك أسلحة نووية، وتطور أنشطتها الذرية، لتصنع لها بالتالي ترسانة كاملة من أسلحة الدمار الشامل، ولتملك القدرة على صناعة صواريخ ذات رؤوس نووية بعيدة المدى.

بل مضى الرئيس السابق إلى أبعد من ذلك، حينما أفرج عن مليارات إيرانية مجمدة، وأعادها بكل سهولة لنظام خامنئي، رغم أنه تحت ضغط المعارضين لهذا التقارب المفضوح مع الجمهورية التي تسمي الولايات المتحدة «الشيطان الأكبر» وضمن شعاراتها «الموت لأمريكا»، رغم أنه استقطع ملايين للخزينة الأمريكية من المليارات الإيرانية بدعوى ضلوع النظام الإيراني في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، الأمر الذي يكشف معرفة الأمريكان تماماً بالعلاقة الوطيدة التي تربط نظام الملالي بتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن، والتي تثبتها عمليات إيواء عناصر القاعدة المطلوبين دولياً بتهم الإرهاب داخل إيران.

كل هذا سرد تاريخي لابد من معرفته وتثبيته، لكن السؤال هنا يوجه للمسؤولين الأمريكيين في الإدارة الجديدة، إذ الرئيس ترامب نفسه اعتبر الاتفاق النووي مع إيران كارثة كبرى، وتصريحات الجنرال ماتيس ضد إيران تكشف حجم العداوة الظاهرة بين النظامين، واليوم كلام ماكماستر عن الإرهاب وعن انتهاك الاتفاق النووي، كلها تقول بأن إيران خطر داهم ليس على منطقة الشرق الأوسط فقط، بل على العالم، في ظل اعتبارها «رأس حربة الإرهاب» والمزرعة التي تقوم بزراعة الإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، ولا تنسوا محاولة اغتيال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حينما كان سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة، والتي اكتشف ضلوع الإيرانيين فيها.

السؤال لأولئك المسؤولين، مادمت تعرفون بأن الاتفاق النووي هو الأسوأ من القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، وما دمتم تعرفون أن إيران «عرابة» الإرهاب العالمي، وحاضنة للتنظيمات الإرهابية من «القاعدة» و«داعش» و«حزب الله» وغيرهم، لماذا يستمر استمرار العمل بالاتفاق النووي؟! لماذا مازالت إيران تعمل وفق هذا الاتفاق؟! لماذا لم يتم إلغاؤه وتجميده فوراً؟!

كلها أسئلة يتوجب الحصول على إجابات صريحة من المسؤولين الأمريكيين، طالما أنهم أعلنوا سعيهم لتصحيح الأخطاء الفادحة التي ارتكبها أوباما، بالأخص ما ارتبط بعلاقته «الغرامية» المشبوهة مع إيران؟!

لا تكفي دول المنطقة وشعوبها تصريحات قوية كالتي نقرأها ونسمعها بشأن إيران، ما نريده أفعال تؤكد هذه الأقوال، يجب قطع أذرع الأخطبوط الإرهابي المتمثل بنظام خامنئي، لابد من ضرب البرنامج النووي الإيراني في مهده، طالما أن شره موجه لمنطقتنا ودولنا وللعالم. مليارات إيران لا يجب أن يفرج عنها، لأنها مصدر تمويل الإرهابيين، وأساس زراعة العملاء والقتلة المأجورين في منطقتنا.

نريد أفعالاً يا سادة، فما عادت للأقوال أية تأثيرات!