تحتاج بين الفينة والأخرى وأنت تدير خلافاتك مع الآخرين أن تذكر نفسك بأصل الخلاف وبأصل الحل، فخصمك سيحاول غالباً أن يبعدك عن أصل الخلاف ويجعلك تتوه بالتفاصيل فتنسى الأساس ويضعف تركيزك.

وخلافك مع قطر كان ومازال هو «دعمها للإرهاب» وعلاجك الذي اخترته لحفظ أمنك وسلامتك هو بإجراءات «المقاطعة» إلى أن تعود لنا قطر التي أسست معنا مجلس التعاون كما كانت يجب أن لا ننسى تلك الأساس مهما دخلنا في متاهات التفاصيل علينا أن نعود لها لأنك على أساسها تدير خلافك مع خصمك.

قطر منذ بداية أزمتها إلى الآن، لاتحاول أن تحل المشكلة مع دول التحالف قطر تحاول أن تبعدنا عن أساس هذه المشكلة والابتعاد عن حديث الإرهاب، بخلق وافتعال الضجيج ولعب دور الضحية، وبمحاولة زعزعة الأمن في دولنا علنا ننشغل عن أساس القصة، وتتحرك في ذات الوقت دولياً للبحث عن حليف يضغط لنزع المقاطعة هذه هي استراتيجية قطر منذ بدأ الخلاف إلى اليوم، لا شيء غير إنهاء المقاطعة ولا هم لها إلا وقف المقاطعة وإنهائها.

فقطر لا يهمها عودتها لمجلس التعاون ولا تهمها علاقاتنا معها، وحريصة جداً على الاستمرار في مشروع الشرق الأوسط الجديد، يهمها فقط أن ترفع المقاطعة عنها، لأنها تعرف حجم خسائرها على المدى الطويل، فكل حراكها ينصب على البحث عن وسيلة أو حليف تقنعنا أو ترغمنا على إنهاء المقاطعة.

قطر تعرف أن المقاطعة بالنسبة لها ضربة في مقتل فمحاولاتها على جميع المستويات محلياً ودولياً وإقليمياً هي للتخفيف من حجم الخسارة.

جميع زيارات قطر لكل بقاع العالم -لم يبقَ غير الإسكيمو لم تذهب له تشتكينا فيه- جميعها حين تسأل فيها ماذا تريدين يا قطر؟ تنتهي بطلب الضغط علينا لرفع المقاطعة، حتى لو لم تعد العلاقات الخليجية الخليجية كما كانت، المهم إجبروهم على رفع المقاطعة هذا هو طلبها الوحيد، يجب أن نعي جيداً أين نحن؟ وأين قطر بالضبط مما يدور.

هناك من يقول إن قطر نجحت في قلب الرأي العام الدولي ضدنا وإظهارنا وكأننا معتدين، ورداً على هؤلاء تلك وسيلة حتى وإن نجحت – وهي لم تنجح- إلا أنه على افتراض نجاحها فهي وسيلة لا هدف، فهل نجح من أقنعتهم وكسبت ودهم أو رأيهم أوأقنعتهم بصدق دعاواها هل نجحوا في الضغط علينا وإقناعنا أوإجبارنا على رفع المقاطعة؟ تلك هي مؤشرات النجاح القطرية إن حدثت.

حاولت في ألمانيا وبريطانيا وأمريكا وفرنسا وروسيا والصين والهند وحتى في تركيا .. و.. و جميعها عادت من عندهم بخفي حنين، حتى تيلرسون وزير الخارجية الأمريكية لم ينجح في ثنينا عن قرارنا وذهبت رحلاتها المكوكية أدراج الرياح.

اشترت الرياضة وحركة التاكسي واللوبيات ولاعبين ومصارعين وفنانين وفشنسيتات وضحكت عليها شركات العلاقات العامة التي تعمل لها ليلاً نهاراً ومنظمات حقوقية اخترقتها وبعضها تعمل معها منذ فترة بأدواتها ليل نهار، وكلها دون استثناء لم تنجح واحدة بثنينا وتراجعنا عن إجراء المقاطعة.

انكشفت لنا حدود وطاقة وسائل الحرب غير التقليدية المسامة (القوى الناعمة) وأصبحنا نعرفها من لحن قولها ولم تعد بذات التأثير السابق مثلما كانت عليه عام 2011، الآن نعرفها ونعرف مداخلها ونعرف مخارجها ومع ذلك قطر مازالت تستخدم نفس السم رغم أننا نملك ترياقه، قوة تلاحم شعوبنا كانت صداً منيعاً لجميع تلك المحاولات.

إذاً قياس نجاح أو فشل أي طرف في هذا الخلاف يعتمد على قربه أو بعده عن أهدافه، فقطر بالنسبة لها لديها سوى هدف واحد فقط هو رفع المقاطعة، وجميع ما تقوم به من محاولات هي لإجبارنا على رفعها فإن رفعناها نجحت قطر وإن لم تنجح في ثنينا عنها فقد فشلت قطر، و لم ينفعها إقناع أي حليف بأنها على حق.

نحن أقرب إلى هدفنا وهو مكافحة الإرهاب وتأمين دولنا من مخاطره، نحن أكثر أماناً وأكثر اطمئناناً لأنك أجبرت قطر على اللعب على المكشوف وذلك تجريد لها من أخطر أدواتها ألا وهي التقية، بالمقاطعة كشفنا لعبة قطر، وكشفنا المشروع، وكشفنا لاعبيه والمقاطعة منحتنا الأريحية في كشف الطابور الخامس الذي جندته قطر في دولنا.

يوم عن يوم نحن أقرب لأهدافنا ويوم عن يوم قطر أبعد عن هدفنا، دعونا لا ننسى أصل الخلاف وأصل الأهداف.